مدار: 31 كانون الثاني/ يناير 2022
تسبّب الحصار الإسرائيلي طويل الأمد في تضاعف مؤشرات الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، إذ كانت تبلغ نسبة البطالة قبل فرض الحصار، في عام 2005، نحو 23.6%، في حين وصلت أواخر عام 2021 إلى 50.2%، لتكون من بين أعلى معدلات البطالة في العالم، كما شهدت معدلات الفقر ارتفاعاً حاداً بفعل إجراءات الإغلاق والحظر الإسرائيلية، إذ قفزت من 40% سنة 2005 إلى 69% خلال العام المنصرم.
وأّكد تقرير حقوقي، نشر يوم الثلاثاء الماضي، بالتزامن مع دخول الحصار الإسرائيلي على غزة عامه السادس عشر، أن نحو مليون ونصف فرد من سكان قطاع غزة البالغ عددهم مليونين و300 ألف نسمة باتوا فقراء بفعل الحصار والقيود الإسرائيلية المفروضة على القطاع منذ 2006، داعياً المجتمع الدولي إلى الضغط على الاحتلال الإسرائيلي لإنهاء حصارها غير القانوني على القطاع.
ووثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في تقريره السنوي بعنوان “16 عاماً من المرارة: جيل وُلد محاصراً”، الآثار الوخيمة التي أحدثها الحصار طويل الأمد على مختلف المستويات، ولا سيما الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية، والتي تفاقمت أيضاً بفعل الهجمات العسكرية المتكررة على القطاع، وآخرها عدوان “حارس الأسوار” (معركة سيف القدس) في مايو/ أيّار 2021.
وأوضح “الأورومتوسطي” أنّه ورغم وصول الحالة الإنسانية في القطاع لمستويات غير مسبوقة من التدهور، وتعاقب 7 “حكومات إسرائيلية” منذ بدء الحصار، إلّا أنّ سياسة العقاب الجماعي ضد السكان في غزة ما زالت ثابتة، بشكلٍ يُظهر بوضوح تعمّد إلحاق خسائر مادية ومعنوية كبيرة وجماعية بالسكان في القطاع.
وتطرق التقرير إلى الأوضاع الاقتصادية التي شهدت حالة انهيار وركود كبيرة بفعل الإغلاق شبه الكلي للمعابر خاصة في الفترات التي كانت تشن فيها القوات الصهيونية هجمات عسكرية، مشيراً إلى أن ذلك تسبب في انكماش نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 27%. وتقلصت على مدى العقود الثلاثة الماضية مساهمة قطاع غزة في الاقتصاد الفلسطيني الكلي بمقدار النصف، لتصل خلال عام 2021 إلى ما لا يزيد عن 18%.
وأبرز المرصد تعرّض آلاف المنشآت الاقتصادية والخدمية والإنتاجية للتعطل والتدمير والضرر خلال الهجمات العسكرية الإسرائيلية التي تخللت سنوات الحصار، إذ تسبب الهجوم العسكري الأخير في مايو/ أيّار الماضي وحده بتدمير مئات المنشآت الاقتصادية، بإجمالي خسائر بلغت نحو 400 مليون دولار أمريكي.
أما على الصعيد الصحي، أشار المرصد الأورومتوسطي، في تقريره، إن القطاع الصحي كان من أكثر القطاعات تأثراً بحصار الاحتلال، لافتاً إلى تعمد السلطات الصهيونية منع أو التحكم في دخول الأدوية والمستلزمات الطبية إلى غزة، ما أدى إلى تراجع خدمات الرعاية الصحية بنسبة 66%. كما تخدم سكان قطاع غزة الذين يتجاوز عددهم المليوني نسمة 36 مستشفى فقط، تتضمن 3,338 سريراً، نحو 78% منهم تديرهم وزارة الصحة في غزة.
كما استعرض المرصد الحقوقي أزمات قطاعات أخرى كالصيد، الكهرباء والزراعة وغيرها…
يُشار أن سلطات الاحتلال ما زالت تقيد حرية الحركة وتسمح لعدد محدود من سكان القطاع – معظمه من الحالات الإنسانية – بالتنقل عبر حاجز “إيرز”، وهو الحاجز الإسرائيلي الوحيد المخصص لدخول وخروج الأفراد من وإلى قطاع غزة.
وطالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان الاحتلال بإنهاء حصار قطاع غزة، والسماح للفلسطينيين بممارسة حقوقهم كافة وفي مقدمتها حرية التنقل، والتوقف عن استخدام سياسة العقاب الجماعي ضد المدنيين، داعياً المجتمع الدولي إلى إلزام الاحتلال الإسرائيلي بأداء حقوق سكان قطاع غزة كافة بصفتها قوة احتلال وفق ما أقرته الأعراف الدولية ذات العلاقة، بما في ذلك تحييد الاقتصاد وقطاعات الصحة والغذاء والبنى التحتية وغيرها.
كما حث المرصد المحكمة الجنائية الدولية على فتح تحقيقات ضد قادة وجنود الاحتلال المتورطين في سياسة العقاب الجماعي والهجمات العسكرية ضد قطاع غزة وتحقيق المحاسبة والمساءلة وفق معايير العدالة الدولية.