“وثائق باندورا”: هؤلاء بعض الحكام العرب الذين تهربوا من الضرائب وأخفوا أملاكا عن شعوبهم

مشاركة المقال

مدار: 04 تشرين الأول/ أكتوبر 2021

الأمر فعلا شبيه بفتح صندوق “باندورا” الأسطوري، ملايين الوثائق تثبت تورط شخصيات نافذة سياسية واقتصادية، من جميع أنحاء العالم، في إخفاء أملاك خارج الحدود (أوفشور)، والهرولة نحو الملاذات الضريبية. بينما يبرز حجم الشرور التي كشفها الصندوق الحاجة الماسة إلى إعلام مستقل وملتزم، أكثر من أي وقت مضى.

 ويكتسي هذا الاستقصاء طابعا تاريخيا، ليس لعدد الوثائق التي تم تسريبها فحسب، لكن بسبب العدد القياسي من الصحافيين الاستقصائيين والمؤسسات الإعلامية المتعاونة في إنجاز هذا العمل الضخم. في هذا التقرير، يستعرض “مدار” أبرز الشخصيات العربية والمغاربية التي شملتها التسريبات.

تأتي تسريبات “وثائق باندورا” في إطار تعاون صحافي هو الأضخم في التاريخ، وبتنسيق وإشراف من الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين. وقد شارك نحو 600 صحافي من العالم في إنجاز هذا العمل، مع ما يناهز 150 منصة إعلامية.

وتبين الملفات السرية الـ 11.9 مليون التي أسدل الستار عنها كيف يقوم رؤساء دول، ورؤساء وزراء، وأفراد من العائلات المالكة أو الحاكمة، ومسؤولون منتخبون، وفنانون ومشاهير، (كيف يقومون) بتخزين أصول في نظام مالي سري، عبر الاستعانة بشركات متخصصة في هذا المجال. وظهرت على القائمة أسماء أكثر من 300 شخصية سياسية حكومية من أكثر من 90 دولة.

وفي المنطقة العربية والمغاربية، كشف التحقيق كيف قام سرّا ملك الأردن، عبد الله الثاني، بشراء 14 منزلا فخما في المملكة المتحدة والولايات المتحدة، مقابل مبلغ يزيد عن 106 ملايين دولار أمريكي.

العاهل الأردني عبد الله الثاني، يتحدث بعد أن استقبلته رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي في الكابيتول الأمريكي، رويترز.

ليس عبد الله الثاني هو الأردني الوحيد الذي أخفى أصولا عن عيون الشعب ومصالح الضرائب الأردنية، إذ يظهر على رادارات “باندورا” رئيس الحكومة في المملكة الهاشمية بين سنوات 2007 و2009، نادر الذهبي، وكان قبل ذلك على رأس مجلس إدارة شركة الخطوط الجوية الملكية الأردنية، كما كان قائدا لسلاح الجو الملكي الأردني.

وتظهر “أوراق باندورا” أن نادر الذهبي كان مرتبطا بشركة خارجية تم إنشاؤها في الجزر العذراء البريطانية، حيث استعان بمساهم مرشح في السيشيل لإخفاء هوية المالكين الحقيقيين.

أما بلبنان، الذي أثقلت كاهل مواطنيه الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة، فتكشف التحقيقات تورط العديد من الشخصيات البارزة في التهرب الضريبي، وارتكاب ممارسات مشبوهة. ومن بين الأسماء التي ظهرت على رأس قائمة التحقيق المذكور نجيب ميقاتي، الذي يشغل حاليا منصب رئيس الحكومة اللبنانية، وسبق له أن شغل هذا المقعد سابقا، وكان نائبا برلمانيا، إضافة إلى توليه حقيبة وزارية، وهو من أثرى الشخصيات اللبنانية، ويبلغ حجم ثروته ما يناهز ملياري دولار؛ وقام إلى جانب شقيقه بتأسيس شركة اتصالات سنة 1982، وأسس لاحقا “مجموعة إم 1″، وهي شركة للاستثمارات ذات شركاء في جنوب إفريقيا، أوروبا والولايات المتحدة.

وحسب المصادر ذاتها فقد قامت شركة “هيمسفيل إنفستمنت” المملوكة لميقاتي بعد أن تم إنشاؤها في بنما سنة 1994 بشراء عقار بقيمة 10 ملايين دولار أمريكي في موناكو، من خلال الاستعانة بـ”مجموعة إم سام”.

صورة: نجيب ميقاتي، رئيس الحكومة اللبنانية، أ ف ب.

 وتظهر الوثائق المسربة أيضا أن نجل رئيس الحكومة اللبنانية، ماهر ميقاتي، كان مديرا لشركتين على الأقل مقرهما في جزر “فيرجن – العذراء” البريطانية، وهي مكان يصنف ضمن الجنان الضريبية سيئة الصيت. كما كانت “مجموعة إم 1” تمتلك مكتبا في العاصمة البريطانية لندن.

ولم تكن دول الخليج لتفلت من لوائح هذه التسريبات، وعلى القائمة يبرز اسم الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، وقائد قواتها المسلحة. وتبين الوثائق المسربة أن الأمير القطري مرتبط بشركتين مسجلتين في الجزر العذراء البريطانية، وكلتاهما تمتلكان عقارات راقية في لندن.

وحسب المصادر ذاتها، قام مكتب الشؤون الخاصة لتميم بتأسيس شركة سنة 2015 تحمل اسم “ثرب” في قطر لامتلاك عقارات، وبعد ذلك أصبح هذا الكيان المالك النهائي لـ “كورنال تيرّاس 1″، وهو أحد أغلى المنشآت العقارية في لندن، بعد الاستعانة بأداة “أوفشور” بالغة الإتقان، وأظهرت مستندات أن قيمته تقدر بنحو 110 ملايين دولار.

 وذكّرت المصادر ذاتها بالتقارير الإعلامية التي ذكرت أن الشيخة موزة بنت ناصر سبق أن اشترت العقارات الثلاثة المشكلة لـ “كورنال تيراس 1، 2 و3” مقابل 187 مليون دولار أمريكي سنة 2013.

وشملت التسريبات بقطر أيضا الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، وهو عضو في العائلة الأميرية القطرية، وتقدر ثروته بـ 1.3 مليار دولار، وكان رئيس وزراء ووزير خارجية سابق لدولة قطر إلى غاية 2013، وسبق أن كان على رأس الخطوط الجوية القطرية، وشركة ديار القطرية للاستثمار العقاري، وجهاز قطر للاستثمار، ناهيك عن مشروع اللؤلؤة الضخم.

وتظهر “أوراق باندورا” أن الشيخ القطري يواصل استخدام الكيانات الخارجية للقيام بالاستثمارات وإدارة ثروته وحمايتها لصالح عائلته الأميرية.

 وفي الملفات المسربة الجديدة، يظهر حمد بن جاسم آل ثاني بأدوار مختلفة، بما في ذلك مساهم أو ممثل لأربعة كيانات في أربعة ملاذات ضريبية. ومازال اثنان من هذه الكيانات نشطا، ويتعلق الأمر بـ “بوميرانج إنفستمنت ليميتد” التي تتخذ من جزر كايمان ملاذا لها، و”مؤسسة عائلة تريتوب” المستقرة في بنما.

وتمتلك “تريتوب” حوالي ثلاثة في المائة من أسهم “دويتشه بنك” من خلال فرعها “باراماونت سيرفيسز هولدينغ ليميتيد” في الجزر العذراء البريطانية. وسنة 2011، أسس ممثلو الشيخ حمد بن جاسم شركة “ذي بوميرانج تراست” في نيوزيلندا، بغرض “حمايته ثروته” لصالح زوجتيه، و13 طفلا من صلبه، إضافة إلى أي مولود في المستقبل.

وإلى الإمارات العربية المتحدة، حيث كشفت التحقيقات أن الشيخ محمد بن راشد بن سعيد آل مكتوم، نائب رئيس الإمارات ووزير دفاعها، وحاكم إمارة دبي منذ سنة 2006، كان مساهما في ثلاث شركات مسجلة في ملاذات ضريبية سرية عبر شركة “أكسيوم الإماراتية المحدودة”، التي كانت مملوكة جزئياً لتكتله الاستثماري دبي القابضة.

صورة: الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، أ ف ب

 وتم إنشاء الشركات الثلاث (تاندم إنفست كو المحدودة و تاندم ديريكتور كو المحدودة في الجزر العذراء البريطانية، و ألييد إنترناشيونال إنفستمنت المحدودة في جزر الباهاماس) سنة 2008. كما تم استخدام هذه الشركات لتوسيع أعمال لشركتها الأم “أكسيوم المحدودة” على المستوى العالمي، وفق المصدر ذاته.

وفي إمارة خليجية أخرى، ينكشف اسم الأمير السابق للكويت، صباح الأحمد الصباح (توفي سنة 2020)، ضمن سجلات “باندورا”، إذ يتبين أنه هو وأفراد من عائلته استفادوا عبر شركتين مسجلتين في الجزر العذراء البريطانية أيضا من فيلتين في نادي “السوفيد غولف” في مراكش بالمغرب. وتظهر الوثائق أن القيمة التقريبية للعقارين تقدر بحوالي 1.1 مليون دولار لكل منهما.

وعلى ذكر المملكة المغربية فإن الأميرة حسناء، الأخت الصغرى للملك محمد السادس الذي تقدر ثروته بنحو 5.7 مليارات دولار، قامت سنة 2002 بتأسيس شركة وهمية بالجزر العذراء البريطانية، وفي السنة نفسها اشترت منزلا فخما في لندن يقع قرب قصر كينسينغتون، قدرت قيمته بنحو 11 مليون دولار؛ في حين قامت بعملية الشراء باستخدام أموال من “العائلة المالكة المغربية”، إذ يظهر على الوثائق المسربة أن صفتها المهنية هي “أميرة”.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة