مدار: 04 تشرين الأول/ أكتوبر 2021
كشف الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين، في تحقيق مثير شارك فيه عشرات الصحافيين من مختلف الجنسيات، وبات معروفا بـ”وثائق باندورا”، تورط العديد من المسؤولين والشخصيات السياسية، وزعماء دول أيضا، في التهرب الضريبي ومعاملات مالية سرية وشراء عقارات فاخرة عبر شركات سرية أو شركات خارجية (أوفشور).
وورد من ضمن زعماء الدول اسم العاهل الأردني، عبد الله الثاني، الذي أشار التحقيق إلى أنه “استخدم أكثر من 30 شركة خارجية (أوفشور) من أجل شراء عقارات فاخرة تعدت قيمتها أكثر من 100 مليون دولار، في الفترة التي أعقبت احتجاجات الربيع العربي”، حسب ما أوردته صحيفة “الحرة”.
وأفاد المصدر ذاته بأن الأمر يتعلق بـ”منزل في أسكوت، إحدى أغلى مدن إنجلترا، وشقق بملايين الدولارات وسط لندن، وثلاث شقق فاخرة في العاصمة الأميركية، واشنطن، لها إطلالات بانورامية على نهر بوتوماك”.
وورد ضمن معطيات التحقيق أيضا، وفق المصدر المشار إليه، شراء العاهل الأردني “ثلاثة عقارات متجاورة قيد الإنشاء تطل على المحيط الهادئ في بونيت دوم، وهي منطقة فخمة بالقرب من لوس أنجلوس”، موردة أن “أحد هذه العقارات قصر من سبع غرف يقع على جرف تم شراؤه عام 2014 من خلال شركة وهمية، تسمى نابيسكو هولدينغز، مقابل 33.5 مليون دولار”.
وفي السياق نفسه أشارت “بي بي سي” إلى أن الملك عبد الله الثاني قام بين عامي 2012 و2014 بشراء أربع شقق في حي جورج تاون الراقي في العاصمة الأمريكية واشنطن.
وقد تكون عملية شراء هذه الشقق التي بلغت قيمتها 16 مليون دولار لها علاقة بنجل الملك، ولي العهد الأمير الحسين، الذي كان يدرس في جامعة جورج تاون في ذلك الوقت، وفق المصدر ذاته.
وكشفت “وثائق باندورا” أيضا أنه تم التستر على اسم العاهل الأردني بكل حرص، ولم يرد اسمه في أي من المعاملات، كما أنه استعمل شركات تتخذ من الملاذات الضريبية مقرات للقيام بعمليات الشراء، وعمل مؤسسوها على إخفاء هويته بكل إحكام، وأشاروا إليه في وثيقة داخلية واحدة باسم “أنت تعرف من”.
وأشارت إحدى الوثائق إلى أنه “بعد أن أصدرت الجزر العذراء البريطانية ‘قانون نظام البحث الآمن عن المالك المستفيد’ عام 2017؛ وهو قانون يُلزم مالكي جميع الشركات في الجزيرة بالتسجيل في سجل داخلي تحتفظ به الحكومة، بثمانية أشهر لم تقدم عدد من شركات الجزر التي لها علاقة بالملك عبد الله بن الحسين المعلومات المطلوبة للسلطات”.
وتأتي هذه التسريبات في وقت تعيش الأردن أزمات اقتصادية واجتماعية حادة، ويعيش المواطن الأردني واقعا معيشيا مزريا، ما جعل البلد يعيش على المساعدات الدولية. وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية أحد أكبر الداعمين، إضافة إلى الحكومة البريطانية التي ضاعفت المبالغ الممنوحة للأردن لتصل إلى 650 مليون جنيه إسترليني على مدى خمس سنوات منذ عام 2019، حسب “بي بي سي”.
ورغم محاولات الديوان الملكي ومحامي الملك الأردني نفي ما جاء في التقارير، معتبرين أن التحقيق اعتمد على معلومات “مغلوطة وغير دقيقة”، وأن معظم شركات الأفشور “إما لم تعد موجودة أو لا علاقة لها بالملك”، إلا أنه من المتوقع أن يكون وقع هذه التسريبات كبيرا، خاصة أن الوثائق أثبت أنه في وقت خرج الأردنيون للاحتجاج ضد الفساد وضد نظام الحكم ولتحسين وضعيتهم الاجتماعية كان الملك يقتني عقارات فاخرة بملايين الدولارات في 2012.
وفي هذا الصدد أشارت محللة شؤون الشرق الأوسط “أنيل شلين”، في تصريح لبرنامج بانوراما، على القناة ذاتها، إلى أنه “من الصعب جدا على الأردني العادي الحصول على الحد الأدنى من السكن والأسرة والوظيفة الجيدة”، وأضافت: “مواجهة الأردنيين بخبر قيام الملك بتحويل الأموال إلى الخارج طوال هذا الوقت سيبدو أمرا سيئاً فعلاً”.
ومن جهته، اعترف الديوان الملكي بامتلاك الشقق المذكورة، وقال إن “هذا ليس بأمر جديد أو مخفي”.
وأوضح الديوان في بيان صدر اليوم الإثنين: “احتوى بعضها (التقارير) معلومات غير دقيقة، وتم توظيف بعض آخر من المعلومات بشكل مغلوط، شوه الحقيقة وقدم مبالغات وتفسيرات غير صحيحة لها”، مبرزا أن “ما قامت به بعض وسائل الإعلام من إشهار لعناوين هذه الشقق والبيوت هو خرق أمني صارخ وتهديد لأمن وسلامة جلالة الملك وأفراد أسرته”.
وأشار الديوان الملكي إلى أن الملك يستخدم “بعض هذه الشقق أثناء زياراته الرسمية ويلتقي الضيوف الرسميين فيها، كما يستخدم وأفراد أسرته البعض الآخر في الزيارات الخاصة”، وفق تعبيره.