هيومن رايتس ووتش تكشف تورط نظام السيسي في اغتيال مواطنين عزل

مشاركة المقال

مدار: 08 أيلول/ سبتمبر 2021

كشف آخر تقرير للمنظمة الحقوقية هيومن رايتس ووتش حول مصر مجموعة من الاغتيالات التي تورطت فيها السلطات المصرية ضد مواطنين لم يكن لهم أي نشاط.

وأصدرت هيومن رايتس ووتش وثيقة حملت في طياتها أسماء عدد من المواطنين الذين قضوا على يد القوات الأمنية المصرية، وجاءت في 80 صفحة تحت عنوان: “تعاملت معهم القوات”، مبرزة أن قوات الأمن المصرية تورطت في عمليات قتل مشبوهة وإعدامات خارج القضاء، ومطالبة الشركاء الدوليين لمصر في الوقت نفسه بفرض عقوبات عليها مع وقف تصدير الأسلحة.

وفي مقدمة التقرير، لم يفت المنظمة التذكير بما حدث في ميدان رابعة، وهي الواقعة الشهيرة التي راح ضحيتها حسب المصدر ذاته ما لا يقل عن 817 متظاهرا، محملة نظام السيسي المسؤولية عن هذه “المجزرة”، وكذلك عن سلسلة من أحداث العنف التي تلت الأحداث.

كما أوردت المنظمة الحقوقية ذاتها أنه “بذريعة مكافحة الإرهاب، سمحت حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي فعليا لشرطة وزارة الداخلية وقطاع الأمن الوطني بإطلاق العنان لقمع جميع أشكال المعارضة، بما فيها المعارضة السلمية، مع ضمان إفلات شبه مطلق من العقاب على الانتهاكات الجسيمة”، مردفة: “كانت النتيجة واحدة من أسوأ وأطول أزمات حقوق الإنسان في تاريخ البلاد الحديث”.

 وركزت الكثير من تقارير منظمات حقوق الإنسان والصحافيين الاستقصائيين على عمليات القتل خارج نطاق القانون للمتظاهرين السلميين، والاعتقالات التعسفية الجماعية، والإخفاء القسري، وسوء المعاملة والتعذيب أثناء الاحتجاز. أمّا التقرير المذكور فيسلط الضوء على عمليات القتل المشبوهة والإعدام المحتمل خارج نطاق القضاء لأشخاص محتجزين، كان معظمهم رهن الاعتقال السري.

وألقى المصدر ذاته الضوء على أن وزارة الداخلية المصرية أعلنت، بين يناير/ كانون الثاني 2015 ودجنبر/ كانون الأول 2020، عن مقتل 755 شخصا على الأقل في 143 حادثة إطلاق نار مزعومة، واعتقال مشتبه به واحد فقط؛ كما حددت بياناتها هوية 141 قتيلا فقط منهم، واستخدمت عبارات مكررة ومعدة مسبقا.

وأشار المنظمة إلى أن العبارات من قبيل “تعاملت قوات الأمن مع مصدر النيران”، أو “تعاملت معهم القوات الأمنية”، كانت الأكثر تكررا في بيانات وزارة الداخلية، كمبرر لعمليات القتل، بالإضافة إلى حمل بلاغات وزارة الداخلية تبريرات تدعي أن المسلحين المزعومين هم من بدؤوا إطلاق النار أولا، ما دفع قوات الأمن إلى الرد بإطلاق النار.

 ويبرز التقرير أيضا أنه في الغالب كانت تغيب أي معلومات ذات مغزى حول حيثيات هذه الحوادث من البيانات الصحفية لوزارة الداخلية، التي لم تقدم صورا فوتوغرافية أو حتى أسماء القتلى إلا في أحيان قليلة، وأن تصريحات الوزارة غالبا ما زعمت أن قوات الأمن، وبناء على تحريات “قطاع الأمن الوطني” كانت تغير على “وكر إرهابي” عندما ردت على النيران.

ولم يفت الوثيقة التشديد على أنه “من الواضح أن وزارة الداخلية، التي تعمل في ظل إفلات شبه كامل من العقاب وغياب الرقابة من أي نوع، لا تهتم كثيرا بما إذا كانت بياناتها الإعلامية مقنعة، فغالبا ما كانت البيانات شكلية بشكل مثير للريبة وأحيانا غير مترابطة”.

وفي علاقة بالعلاقات الدولية لمصر، أكدت الهيئة الحقوقية أنه في ظل الانتهاكات المرتكبة من قبل وزارة الداخلية في هذا التقرير وتقارير سابقة، فإنه يتعين على الولايات المتحدة، وكندا، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وألمانيا، وشركاء مصر الدوليين الآخرين، فرض عقوبات محددة الهدف، تشمل تجميد الأصول ضد المسؤولين والأجهزة المصرية ذات المسؤولية الأكبر عن الانتهاكات الحقوقية الجسيمة، وكذلك ضد المسؤولين عن استمرار الإفلات من العقاب على هذه الانتهاكات.

وحمل المصدر المذكور مجموعة من الشهادات والإحصائيات التي تمت فيها الاستعانة بعائلات الضحايا، الذين في أغلب الشهادات أبرزوا أنهم علموا عن مقتل أبنائهم في أحسن الأحوال من خلال برقيات من وزارة الداخلية، دون أن تكون لهم القدرة على الوصول إليهم.

واستعانت المنظمة، حسبها، بتحليل صور ومقاطع فيديو في ثلاث من وقائع إطلاق النار المزعومة التي أثبتت عدم وجود أدلة تدعم رواية وزارة الداخلية، وأنه تم تغيير موضع الجثامين قبل تصويرها.

 وأضاف التقرير: “تم تحليل ثلاث صور أخرى، بما في ذلك واحدة تتعلق بحالة موثقة في هذا التقرير، بدا فيها أنه تم تكبيل أيادي ثلاثة رجال متوفين بالأصفاد أو تقييدها قبل وفاتهم مباشرة. وفي صورة أخرى، بدا أنه تم وضع سلاح ناري بالقرب من أحد الرجال للإيهام بوقوع إطلاق النار”.

ولم يفت الوثيقة التذكير بأن هذه الممارسات تتم في نوع من التكتم، في ظل حالة الطوارئ المستمرة منذ أربعة عقود، منذ 1981، باستثناء فترة وجيزة بين 2013-2017، بحيث حسب المنظمة يمنح قانون الطوارئ المصري القمعي لقوات الأمن سلطات غير خاضعة للرقابة.

ويضيف التقرير ذاته: “منذ 2013، عملت القوانين الجديدة على جعل الانتهاكات وغياب المساءلة أمرا طبيعيا، في انتهاك لأبسط القواعد والمعايير الدولية، فعلى سبيل المثال يتضمن ‘قانون مكافحة الإرهاب لسنة 2015’، تعريفا متعسفا وفضفاضا للإرهاب، كما يمنح أفراد الأمن السلطة التقديرية الكاملة لاستخدام القوة دون إشراف قضائي، ويحميهم من التحقيق الجنائي حتى في الحالات التي يؤدي فيها هذا الاستخدام إلى خسائر في الأرواح”.

ودعت هيومن رايتس ووتش إلى أن يُقرأ هذا التقرير في سياق تقاريرها السابقة وتقارير منظمات أخرى، تقدم أدلة على الانتهاكات الجسيمة المستمرة التي ترتكبها السلطات في مصر، لاسيما من قبل وزارة الداخلية والأمن الوطني، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية والاختفاء القسري والتعذيب المنهجي وواسعة النطاق.

وفي بحر التقرير قامت المنظمة بتقديم توصيات إلى مختلف الأطراف، سواء الداخلية أو الخارجية، تراوحت بين تقديم تعويضات لأسر الضحايا ووضع جرد حقيقي لعدد ضحايا هذه الممارسات، وتحسين القانون المؤطر لحالة الطوارئ، ومحاسبة المسؤولين؛ بالإضافة إلى دعوة الشركاء الدوليين إلى الضغط على السلطات في مصر.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة