مدار: 15 كانون الأول/ ديسمبر 2021
شهدت الحرب الدائرة في إثيوبيا بين الجيش الإثيوبي وجبهة تحرير شعب تيغراي اتساع رقعة المواجهات، مخلفة أعدادا هائلة من القتلى من الجانبين، وتشريد أهالي المدن الواقعة ضمن نطاق الصدام.
وفي وقت أعلنت السلطات الإثيوبية استعادة قواتها السيطرة على ديسي وكومبولتشا شمال البلاد، ردت الجبهة بأنها سيطرت على مدينة لاليبيلا القريبة من أماكن تواجد الجيش الإثيوبي.
القوات الإثيوبية تقول إنها في حرب ضد النفوذ الأمريكي
قبل عامين من الآن كانت إثيوبيا تحتفل بمنح جائزة نوبل للسلام لأبي أحمد، رئيس وزراء إثيوبيا، لكنه اليوم يجد نفسه منغمسا تماما في حرب تطورت لتصبح واحدة من أكثر الصراعات شراسة ووحشية في إفريقيا في الوقت الراهن.
وهو الأمر الذي تجلى من خلال إعلان آبي أحمد في أواخر نونبر/ تشرين الثاني أنه سيقود بنفسه “حربًا وجودية لإنقاذ إثيوبيا” ضد القوات الموالية لجبهة تحرير شعب تيغراي؛ كما أنه دعا الجميع في البلاد إلى الانضمام إليه في المعركة.
هذا المعطى يبرز كيف أن الأمور أخذت منحى متسارعا في اتجاه حرب غذتها العديد من المعطيات التي كانت بمثابة الوقود الذي ألهب نيرانها.
وبالنسبة إلى الحكومة الإثيوبية فإن اتفاق السلام الذي تم توقيعه بين الدول المجاورة هو الذي أدى إلى جعل الولايات المتحدة والدول المتضررة من إتمامه تتدخل من أجل تأجيج الوضع، قصد إعادة الوضع إلى ما كان عليه، وبالتالي عودة جبهة تحرير شعب تيغراي للحكم، بعد أن استمرت فترتها الأولى في الحكم لما يزيد عن 20 سنة؛ معتبرة في الآن نفسه أن تحركات جبهة تيغراي جزء من المناورات الساعية إلى إسقاط الحكومة الحالية، وأن الجبهة لا تقوم سوى بتنفيذ أوامر الولايات المتحدة، غير آبهة بحياة الإثيوبيين الذين أصبحوا يعيشون وضعا مأساويا.
لكن في الآن نفسه يرى الكثيرون أن استعمال الجيش الإثيوبي مختلف أنواع العتاد، بما في ذلك الطيران، مستهدفا أماكن قد تكون مأهولة بالمدنيين، تعبير عن أن السلطات الحاكمة لا تأبه بالحوار، وليس لديها أي مسعى لتحقيق حل سلمي.
الحرب أصبحت جزءا من الحياة اليومية للإثيوبيين
أصبحت إثيوبيا في الوقت الحالي عبارة عن أرض للقتال، فالأمر الوحيد الذي قد يشهد تغييرا هو أعداد القتلى والمشردين الذين أصبحوا في تزايد، دون إغفال تغلغل الجوع، وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
فطيلة الفترات الماضية عممت القنوات الرسمية وغير الرسمية أخبار الكر والفر ومستجدات الحرب، بالإضافة إلى نداءات من أجل الانضمام إلى صفوف المقاتلين.
كما أنه في ظل الحرب الجارية أصبحت أعداد النازحين والمشردين في تزايد مستمر، ولعل أبرز مثال ولايتي أمهرة وعفر المتجاورتين، حيث وعلى مدى الأشهر الثلاثة عشر التي انقضت منذ اندلاع الحرب قُتل الآلاف ونزح ما يقرب من ثلاثة ملايين شخص.
حتى في وقت دفع الجوع حوالي 10 ملايين شخص في ولايات أمهرة وعفر وتيغراي إلى الاعتماد على مساعدات الطوارئ، فشلت هذه المساعدات المتمثلة في المئات من شاحنات المعونة الغذائية، التي أرسلتها الأمم المتحدة إلى تيغراي منذ يوليو / تموز، في الوصول إلى المتضررين في ظل تبادل الاتهامات؛ فحسب الجيش الإثيوبي فإن قوات الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي استولت على هذه الشاحنات، وبعد إفراغ حمولاتها قامت بتعبئة هذه الآليات من أجل شن هجمات على أمهرة وعفر.
السودان ينفي إيواء مقاتلين من جبهة تيغراي
شهدت الأيام الماضية نفي السودان دعمه قوات جبهة تحرير شعب تغراي التي تقاتل الجيش الإثيوبي، وقال إنه يسيطر على أراضيه ولن يسمح باستخدامها لأي عدوان، وذلك ردا على اتهامات إثيوبية بتقديم الخرطوم إسنادا لمقاتلي الجبهة.
وكانت وكالة فانا الإذاعية الحكومية الإثيوبية عبرت عن أن السودان يدعم جبهة تحرير تغراي، ويأوي ويدرب عناصرها لمواجهة القوات الإثيوبية.
ودعت وزارة الخارجية السودانية، في بيان، إثيوبيا إلى “الكف عن اتهام السودان باتخاذ مواقف وممارسات عدوانية لا يسندها دليل على أرض الواقع”، مؤكدة أن “السودان يسيطر على كافة أراضيه وحدوده المعترف بها دوليا مع إثيوبيا، ولن يسمح مطلقًا باستخدامها لأي عدوان”.
كما أشارت الخارجية السودانية إلى أنها تابعت اتهامات وكالة فانا بـ”مزيد من الدهشة والاستغراب”، واعتبرتها إدعاءات جزافية منافية للحقيقة.
وبالعودة إلى الصراع على الحدود فقد شهد الشهر الماضي صداما بين القوات الإثيوبية ونظيرتها السودانية في منطقة الفقشة المتنازع عليها، بعد أن قالت السلطات الإثيوبية إنها كانت في مطاردة لمليشيات الجبهة، قبل أن تصطدم بالقوات السودانية، ما أوقع ضحايا من الجانبين.