DR*
مدار: 29 أيلول/ سبتمبر 2020
لليوم الرابع على التوالي تستمر الحرب بين أرمينيا وأذربيجان، مسجلة العشرات من القتلى، بينما تتكاثف الدعوات الدولية إلى وقف القتال وإحلال التهدئة والسلام في إقليم ناغورني قره باغ المتنازع عليه.
وانطلقت الحرب بعد تصريحات للرئيس الأذربيجاني، خلال الأسبوع الماضي، هدد فيها بالانسحاب من محادثات السلام حول “قرة باغ”، معتبرا أن لبلاده كامل الحق في السعي “إلى حل عسكري للنزاع”.
وتدعم تركيا أذربيجان بشكل واضح، رامية بكل ثقلها، العسكري والدبلوماسي، إلى جانبها، إذ أكد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أن بلاده ستواصل الوقوف إلى جانب باكو بكل ما تملك من إمكانات، داعيا إلى “إنهاء الاحتلال الأرميني”، ومعتبرا أن دولة أرمينيا ألحقت الإقليم عبر تشجيع “الانفصاليين”، في خرق للقانون الدولي، بينما تتشبث يورفان بحقها التاريخي في الإقليم.
وساندت تركيا أذربيجان في حربها مع أرمينيا سنة 1993، إذ أغلقت حدودها الجوية والبرية مع الأخيرة من جانب واحد، لكنها فتحت المجال الجوي عام 1995 بضغط من المجتمع الدولي، دون أن تفتح الحدود بالبرية أبدا، ما زاد الوضع الاقتصادي في أرمينيا ترديا. كما تتعاون الدولتان بشكل وثيق في مجال الدفاع والأمن، إذ وقعتا اتفاقية عسكرية منذ 1992.
وفي السياق نفسه، أكدت وزارة الخارجية الأرمينية أن خبراء عسكريين أتراك يقاتلون جنبا إلى جنب مع أذربيجان في منطقة ناغورنو كاراباخ، وأن مقاتلات «إف 15» تركية تشارك في المعارك أيضاً، وأن أنقرة تزود أذربيجان بالطائرات الحربية والمسيرة، وهددت بالرد بالمثل باستخدام صواريخ “اسكندر” الباليستية، في حال أرسلت تركيا مقاتلات “ف 16” إلى ارتساخ (ناكورني كارباخ)، مشددة على أن القوات المسلحة الأرمينية ستكون مضطرة لاستعمال كامل ترسانتها.
ويتجاوز الإنفاق العسكري لأذربيجان، الغنية بالطاقة، ميزانية أرمينيا برمتها، وتهدد بالسيطرة على المنطقة بالقوة، بينما تدافع أرمينيا عن نفسها للحفاظ على الوضع القائم.
وتحدثت تقارير إخبارية عن نقل 4 آلاف مرتزق سوري للقتال في ناغورني قره باغ، إلى جانب القوات الأذربيجانية، بعد أن نقلت الآلاف منهم إلى ليبيا لخوض الحرب بالنيابة عنها هناك؛ بينما تحدثت الأنباء عن ارتفاع عدد القتلى، إذ ذكرت أرمينيا أن “28 من جنودها قتلوا أثناء القتال، ليرتفع عدد قتلى هذا المعسكر إلى 59 قتيلا”، بينما تتكتم أذربيجان عن خسائرها، ما ينذر باندلاع حرب مفتوحة.
ويصر الرئيس التركي على النفخ في فتيل الحرب، معتبرا خطواته تتوافق مع القانون الدولي، دون الالتفات إلى دعوات الأمم المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا إلى وقف فوري لإطلاق النار، متجاهلا دعوة الاتحاد الأوربي إلى اجتماع عاجل لمناقشة المشكل، إذ سجل الاتحاد أن الوضع في الإقليم “مقلق للغاية”، وأن أي تدخل في المنطقة غير مقبول، مؤكدا أنه على علم بنقل تركيا مسلحين سوريين إلى منطقة النزاع، بعد أن رمى الطرفان بسلاح الجو والصواريخ والمدفعية الثقيلة في القتال.
وتحدث محللون عن أن أردوغان محكوم بأحلام استعادة أمجاد الإمبراطورية العثمانية، التي امتدت إلى الداخل الأوروبي وآسيا، ويسعى إلى الضغط على أرمينيا لطي ملف الإبادة العثمانية للأرمن، كما يستعمل الحرب ضد أرمينيا ورقة ضغط ضد روسيا، إذ تحتدم المواجهات بين البلدين حول أكثر من ملف، وفي أكثر من موقع (سوريا، ليبيا ….)، “ويواصل بذلك سياسته في إشعال الحروب في أكثر من منطقة (ليبيا، سوريا…) تحت ذريعة مساندة القانون الدولي”.
وكانت أرمينيا أعلنت استقلالها عن أذربيجان بعد انهيار الاتحاد السوفياتي سنة 1991 فتحولت المنطقة إلى مركز حرب أدت إلى مقتل 30 ألف شخص ونزوح مئات الآلاف. ورغم توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار عام 1994 وقيام وساطة روسية أمريكية فرنسية تحت اسم “مجموعة مينسك”، تستمر الاشتباكات بين الطرفين.
يذكر أن الإبادة التركية للأرمن جرت خلال الحرب العالمية الأولى، بين عامي 1915 و1916، وأودت بمليوني قتيل. وكانت أرمينيا تابعة للتراب التركي، في حين خطط الحزب الحاكم آنذاك، المسمى جمعية الاتحاد والترقي، لهذه الإبادة.