مصر: استنكار حقوقي لتوظيف القضاء في إعدام المعارضين

مشاركة المقال

مدار: 21 يونيو/ حزيران 2021

تستمر المحاكم المصرية في إصدار وتأكيد أحكام الإعدام في حق نشطاء ومعتقلين سياسيين رغم موجة التنديد بهذه الأحكام والمطالبة بإلغائها، سواء عبر دعوات داخلية لنشطاء وحقوقيين مصريين أو دوليا عبر منظمات وشخصيات حقوقية دولية.

 مطلع الأسبوع الماضي أصدرت محكمة النقض المصرية قرارا بتأييد أحكام الإعدام الصادرة في حق 12 شخصا في قضية فض اعتصام رابعة، الذي تعود أحداثه إلى سنة 2013، إذ استخدمت قوات الأمن العنف الشديد في هجوم أدى إلى مقتل مئات المتظاهرين/ات.

وعلى خلفية الأحداث التي عقبت الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، والاعتصام المؤيد لحكم “الإخوان” بساحة رابعة العدوية بالقاهرة ومجزرة فضه، أقدمت السلطات على اعتقال المئات بتهم القتل والتحريض، وأصدرت محكمة جنائية أحكاما بالإعدام في حق ما يقارب 75 شخصا في سبتمبر/أيلول 2018.

وتقدم 44 من المدانين لمحكمة النقض بالطعن في الأحكام الصادرة في حقهم، وبعد النظر قررت المحكمة تغيير 33 منها إلى الحكم المؤبد؛ بينما تم تأكيد الحكم في حق 12. وكان من بين المحكومين بالإعدام القيادي في جماعة الإخوان المسلمين محمد البلتاجي، الذي فقد ابنته في فض الاعتصام، ومحمد الزناتي، الطبيب بالمستشفى الميداني لـ”رابعة” و”ميدان التحرير”، وفقد بدوره ابنه في الاعتصام، ومفتي الجماعة عبد الرحمان البر، والوزير السابق أسامة ياسين.

وواجه نشطاء وحقوقيون هذا القرار بالرفض الشديد وطالبوا مجددا بإلغاء حكم الإعدام الذي وصفوه بالجائر، كما وصفوا المحاكمات بأنها “غير عادلة”. كما شهدت منصات التواصل الاجتماعي المصرية انتشارا واسعا لوسم “أوقفوا الإعدامات”، تعبيرا عن موقف المصريين الرافض لهاته الأحكام القاسية.

وعلى المستوى الدولي، وتفاعلا مع قرار محكمة النقض، وهي أعلى محكمة بالبلاد، قال فيليب لوثر، مدير البحوث وأنشطة كسب التأييد في برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة العفو الدولية (أمنستي)، في مقال نشرته المنظمة في موقعها الرسمي بتاريخ 14 يونيو/حزيران 2021: “تُعَد هذه الأحكام القاسية بالإعدام، التي أُصدرت في 2018، بعد محاكمة جماعية فادحة الجور، وصمة تُلطِخ سمعة أرفع محاكم مصر، وتُلقي بظلال قاتمة على النظام القضائي بأكمله في البلاد”.

وأضاف لوثر في المقال نفسه: “إن عقوبة الإعدام هي أقصى أنواع العقوبات القاسية واللا إنسانية والمهينة. ويجب على السلطات المصرية أن تُصدِر على الفور أمراً رسمياً بوقف تنفيذ عمليات الإعدام، بدلاً من مُواصلة التصعيد من استخدامها للعقوبة، بتأييد أحكام الإعدام، بعد محاكمات جماعية تتسم بالجور الفادح”.

وكان فيليب لوثر علق سابقا على الموضوع نفسه في 26 أبريل/ نيسان 2021، عقب تنفيذ السلطات المصرية حكم الإعدام في حق 9 أشخاص في قضية قتل 13 شرطيا خلال هجوم على قسم الشرطة بكرداسة سنة 2013، وطالب السلطات المصرية بأن “تضع حداً فورياً لهذا الارتفاع المثير للقلق البالغ في عمليات الإعدام”، وزاد: “وندعو الدول في جميع أنحاء العالم إلى اتخاذ موقف واضح من خلال التنديد العلني باستخدام مصر عقوبة الإعدام، وحث الحكومة على اتخاذ قرار بالوقف الرسمي لعمليات الإعدام، كخطوة أولى نحو إلغاء العقوبة”.

وتحتل مصر المرتبة الثالثة دوليا ضمن الدول الأكثر تنفيذا لحكم الإعدام خلف الصين وإيران، بعد أن تزايد عدد أحكام الإعدام المسجلة فيها لثلاثة أضعاف في 2020، حسب التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية حول عقوبة الإعدام الصادر في أبريل 2021.

ورغم الشجب المستمر من المنظمات الحقوقية لأحكام الإعدام والانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان التي تشوب المحاكمات غير العادلة بمصر، خاصة للمعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي، والتنديد المستمر للمنتظم الدولي بهاته الأحكام، إلا أن القضاء المصري لم يغير من نهجه، ما يثبت عدم استقلاليته. 

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة