مسيرات جابت مدن العالم، منادية بالحرية لفلسطين

مشاركة المقال

مدار: 07 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

شهدت العديد من المدن في مختلف بقاع العالم، في إطار اليوم العالمي للتضامن مع فلسطين الذي دعت له القمة العالمية للشعوب وعديد المنظمات اليسارية والديمقراطية، خروج مظاهرات واحتجاجات متضامنة مع فلسطين، ومنادية بإيقاف إطلاق النار وفك الحصار على غزة، التي تعيش على وقع عدوان إسرائيلي طيلة أكثر من شهر، عاش خلاله الفلسطينيون مختلف أنواع الفواجع.

ورغم المواقف الرسمية الأوروبية والأميركية المؤيدة لإسرائيل إلا أن عديد المدن خرجت في تظاهرات حاشدة، منددة بارتكاب الاحتلال جرائم حرب وإبادة في القطاع، وتطالب بوقفها على الفور.

واشنطن شهدت تظاهرة تضامنية مع فلسطين تاريخية.

تدفق أكثر من 300 ألف شخص إلى ساحة الحرية في واشنطن العاصمة يوم 4 تشرين الثاني/نوفمبر، في أكبر تظاهرة تضامنية مع فلسطين في تاريخ الولايات المتحدة. وتأتي هذه المظاهرة غير المسبوقة في خضم الإبادة الجماعية الإسرائيلية المستمرة في قطاع غزة، حيث تمت الدعوة لها من قبل مجموعة واسعة من المجموعات الفلسطينية والعربية والمناهضة للإمبريالية، بما في ذلك حركة الشباب الفلسطيني، ائتلاف الإجابة، منتدى الشعوب، العودة: ائتلاف حق العودة لفلسطين، طلاب وطنيون من أجل العدالة في فلسطين، ومنظمات أخرى، حيث احتشد الآلاف في مسيرة إلى البيت الأبيض، مطالبين بوقف التمويل الأمريكي لإسرائيل ووقف فوري لإطلاق النار في غزة.

وردد المتظاهرون هتافات مثل “فلسطين حرة من النهر إلى البحر!” و”أوقفوا إطلاق النار الآن!”، وأحضر البعض قوائم طويلة بأسماء الذين قتلوا في غزة في الشهر الماضي على يد إسرائيل.

جرت هذه المسيرة التي ضمت 300 ألف شخص في قلب أكبر داعم لإسرائيل، الولايات المتحدة، على الرغم من الاضطهاد الذي واجهه الناس في البلاد بسبب دعمهم لفلسطين، لا سيما وأن المدعي العام في فرجينيا فتح تحقيقًا في قضية “مسلمون أمريكيون من أجل فلسطين” للنظر في مزاعم ضد المجموعة “بتقديم المساعدة أو تقديم الدعم للمنظمات الإرهابية”، كما أن الطلاب الذين ينظمون تضامنًا من أجل فلسطين، وخاصة أولئك المنتمين إلى فروع طلاب من أجل العدالة المحلية في فلسطين، تعرضوا للاستهزاء وتم إلغاء عروض العمل.

وقال الشاعر الفلسطيني محمد الكرد، متحدثا من على المنصة في ساحة الحرية: “كلنا خائفون، لكن هذا الخوف لا يقارن، إنهم يريدون منا أن نعتقد أننا ندفع أثمانا شخصية، لكن لدينا مجتمعنا. يريدون منا أن نعتقد أننا وحدنا، ولكن لدينا شعب يدعمنا”. مضيفا “إذا جاؤوا من أجلك، إذا أخذوا وظيفتك، إذا طردوك من المدرسة، لا تفكر في نفسك كضحية، أنت لست ضحية، أنت وقود الحراك، أنت جزء من النضال”.

وختم الكرد” “الإمبراطورية لا تكافئ الصمت، سوف تسحقنا مما لا شك فيه، وسوف تبتلعنا على أي حال، لكننا لن نجلس في الزاوية بهدوء وهم يقتلون شعبنا”.

ساهمت الولايات المتحدة بنحو 130 مليار دولار أمريكي كمساعدات عسكرية للاحتلال الإسرائيلي منذ إنشاء الدولة في عام 1948. وفي أعقاب القصف الإسرائيلي لغزة، أقر مجلس النواب حزمة مساعدات عسكرية ضخمة بقيمة 14.5 مليار دولار أمريكي كمزيد من الدعم للاحتلال، كما أن القنابل التي تسقطها إسرائيل هي في معظمها أمريكية الصنع. وقال محمد النابلسي من حركة الشباب الفلسطيني: “لا يغيب عنا أن حكومة الولايات المتحدة ترسل مستشاريها العسكريين وجنودها وحاملات طائراتها وصواريخها وأسلحة الدمار الشامل لدعم الإبادة الجماعية لشعبنا، كما لا يغيب عنا أن هذه الحكومة نفسها تحشد أدواتها القمعية في الولايات المتحدة لمراقبة وقمع وتجريم مجتمعاتنا في الحركة من أجل الحرية الفلسطينية”.

وتحدث بريان بيكر، المدير التنفيذي لتحالف ANSWER، عن كيف ظهرت أعداد مماثلة منذ عقود عديدة تضامنا مع النضال ضد الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، على الرغم من دعم حكومة الولايات المتحدة لحكومة جنوب إفريقيا في ذلك الوقت “قبل أربعين عاما في مثل هذا الشهر … اجتمع الآلاف من الأشخاص في واشنطن العاصمة ليقولوا إن نظام الفصل العنصري الفاشي العنصري في جنوب إفريقيا يجب أن يسقط، وسنساعده على السقوط، وفي غضون سنوات قليلة، سقط”

المنطقة العربية والمغاربية مستمرة في تعبئتها للشعوب

شهدت المنطقة العربية والمغاربية العديد من التظاهرات طيلة الأيام الماضية تضامنا مع فلسطين، ومنادية بوقف العدوان وقطع العلاقات مع إسرائيل بالنسبة للدول التي طبعت معها في السنوات الماضية ضمن ما سميت “اتفاقيات أبراهام”.

وفي إطار اليوم العالمي للتضامن مع فلسطين خرجت عدة مدن، من بينها تعز – اليمن – التي خرجت فيها الأحزاب السياسية والهيئة الشعبية لمناصرة قضايا فلسطين، في مسيرة لبت الدعوة التي أتت تزامننا مع التوجهات الدولية لاعتبار الرابع من نوفمبر يوما عالميا للتضامن مع الشعب الفلسطيني ومناصرة قضيته العادلة.

وطالبت المسيرة في بيانها الدول العربية والإسلامية باتخاذ موقف عملي ومسؤول لوقف الإبادة في غزة، وقبل ذلك إيصال المساعدات الإنسانية، وفي مقدمتها الوقود والأدوية، والتحرك الجاد لوقف قتل المدنيين وضرب المستشفيات وقتل أبناء غزة جوعا وعطشا، ودعم المقاومة الفلسطينية بكل وسائل الدعم المتاح، واعتبار القضية الفلسطينية قضية كل العرب والمسلمين، والخروج من مربع الانتظار والكلام والتفرج لذبح الحياة في غزة.

كما حيت المظاهرة الدول التي قطعت علاقاتها بالكيان الصهيوني، مطالبة الدول العربية والإسلامية بقطع العلاقات فوراً وإيقاف أي تعاملات اقتصادية مع دولة الاحتلال، مع وقف مؤقت لتدفق البترول والغاز عن الدول الداعمة، وكذا تعليق العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية مع كافة الدول الداعمة للعدوان على الشعب الفلسطيني.

أما في تونس فقد أتت الاحتجاجات في ظل تراجع البرلمان التونسي عن المصادقة على قانون تجريم التطبيع الذي كان من المفترض التصويت عليه في الأيام الماضية، لكن تم سحبه في آخر لحظة بعد مناقشة بعض النقاط المضمنة فيه، وهو الأمر الذي عزاه رئيس البرلمان إلى توجيهات من الرئيس قيس سعيد، ومن أجل حماية الأمن الخارجي للبلاد.

وكانت هذه التغيرات حاضرة في الوقفة التي نظمت في تونس العاصمة، حيث اعتبر حمة الهمامي، الأمين العام لحزب العمال التونسي، أن الرئيس التونسي انتقل من كلامه حول أن التطبيع خيانة عظمى إلى اعتبار تجريم التطبيع اعتداء على أمن الدولة الخارجي، معتبرا أن المنظومة الحالية لا تختلف مع المنظومات السابقة بخصوص هذه المسألة.

وشاركت في هذه الوقفة عدد من الجمعيات والأحزاب اليسارية للتعبير عن مساندتها للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة والشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة، في مواجهة العدوان الإسرائيلي والمطالبة بتجريم التطبيع.

هذا وشهدت لبنان اعتصاما أقامته الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين أمام السفارة البريطانية في بيروت، بمشاركة عدد من ممثلي الأحزاب اللبنانية والفصائل الفلسطينية واللجان والاتحادات الشعبية، دعما لغزة، وفي ذكرى وعد بلفور، ورفضا للعدوان. واعتبر المشاركون أن معركة غزة هي معركة كل الشعب الفلسطيني ويجب أن تنتصر، وأن الرهان على المقاومة هو الرهان الصائب.

وقال عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يوسف أحمد: “إن ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في قطاع غزه هو حرب إبادة بمشاركة الولايات المتحدة والدول الغربية، تسعى إسرائيل من خلالها إلى فرض مشاريعها التصفوية، خاصة مخططات التهجير والترحيل والضم؛ لذلك فإن رهاننا على المقاومة وعلى صمود الشعب هو رهان في مكانه، وستؤكد الأيام القادمة صواب هذا الخيار”.

واعتبر يوسف أحمد أنه رغم المآسي الإنسانية التي تتعرض لها فلسطين بأرضها وشعبها فإن معركة قطاع غزه يجب أن تنتصر، مشيرا إلى أن استخدام إسرائيل أحدث ما أنتجته آلة القتل الغربية الأمريكية، بما فيها تلك المحرمة دوليا، يؤكد ضعفها وعدم قدرتها على مواجهة المقاومة الفلسطينية التي ما زالت تسطر أروع ملاحم البطولة في ميدان الدفاع عن القطاع.

وفي المغرب خرجت عدة مدن استمرارا في التظاهرات التي شهدتها البلاد طيلة الفترة الماضية، بدعوة من الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع.

وحملت المظاهرات مطالب بقطع العلاقات مع إسرائيل وتجريم التطبيع، ومتضامنة في الوقت نفسه مع نضالات الشعب الفلسطيني، وداعية الدول إلى تحمل مسؤوليتها في توفير سبل نجاة الشعب الفلسطيني، في ظل ما يتعرض له من إبادة جماعية ومحاولات للتهجير.

أما في الضفة الغربية، فقد خرجت عديد المسيرات الداعمة لغزة، في ظل تطويق أمني واعتقالات من قبل سلطات الاحتلال.

لكن على الرغم من كل هذه الممارسات، عجت الشوارع دعما وإسنادا لغزة وفقا للمتظاهرين، وهو الأمر الذي قابلته قوات الاحتلال باقتحام عديد المنازل في ساعات الليل، معتقلة العديد من المحتجين، كما سقط عدد من الشهداء.

أوروبا، رغم التضييق لا زال المحتجون متشبثين بالنزول للشارع

خرج آلاف المحتجين في مسيرات في كل من فرنسا وإيطاليا وبريطانيا ورومانيا وألمانيا وعديد البلدان الأخرى متضامنين مع فلسطين في ضل العدوان الإسرائيلي ومطالبين بوقف فوري للقصف الإسرائيلي على قطاع غزة..

وعكست المسيرات الانزعاج المتنامي في أوروبا إزاء العدد المتزايد من الضحايا المدنيين والمعاناة الناجمة عن العدوان الإسرائيلي.

وفي مسيرة باريس التي اجتذبت آلاف من المتظاهرين، دعا المتظاهرون إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة ورددوا هتافات من قبيل “إسرائيل، قاتلة!” و”أوقفوا إطلاق النار الآن” و”سننتصر”.

في وقت حمل العديدون لافتات تتهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالتواطؤ مع الاحتلال الإسرائيلي، وهاتفين “ماكرون شريك”.

وفي لندن، تظاهرت حشود كبيرة من المتظاهرين في ساحتي أوكسفورد وبيكاديلي، وتوجهوا لاحقا إلى ميدان ترافلغار. واعتقلت الشرطة البريطانية عددا من المتظاهرين بعدما افترشوا الأرض في محطة قطارات كينغز كروس في لندن، للمطالبة بوقف إطلاق النار والتنديد بموقف الحكومة المؤيد لإسرائيل.

وتعيش لندن وعدد من المدن الأخرى في بريطانيا على وقع مظاهرات يومية، داعية إلى وقف فوري لإطلاق النار والضغط على الحكومة من أجل إيقاف دعمها للاحتلال.

كما جاب الآلاف الشوارع في برلين، تضامنا مع الفلسطينيين في قطاع غزة، وهي المظاهرات التي عرفت حضور العائلات مع أطفالها، حيث تم رفع لافتات كتب عليها “أنقذوا غزة” و”أوقفوا الإبادة” و”أوقفوا إطلاق النار”، بالإضافة للأعلام الفلسطينية، ارتدى عدد كبير من المتظاهرين الذين تجمعوا في ساحات وسط برلين الكوفية الفلسطينية وهتفوا “فلسطين حرة”.

أمريكا اللاتينية إفريقيا وآسيا، لم تخلف الموعد

لم تتخلف الشعوب في أمريكا اللاتينية عن الخروج تضامنا مع فلسطين، وهي التي كان لقادتها مواقف اعتبرت مشرفة بالنظر لتواطؤ المؤسسات الدولية والحكومات الغربية، خصوصا في كل من كوبا، فنزويلا، كولومبيا، بوليفيا، الأرجنتين والقائمة تطول.

هذا التضمن من شعوب أمريكا اللاتينية تجسد في التظاهرات التي جابت الشوارع بوغوتا، كولومبيا، وسان خوسي، بورتوريكو، ومدن الأوروغواي وسنتياغو في التشيلي وكراكاس، فنزويلا والعاصمة مكسيكو وساو باولو وبوينس آيرس في الأرجنتين، وعديد المدن الأخرى التي خرجت دفاعا عن حق الشعب الفلسطيني في الحياة.

وخرجت هذه المظاهرات مطالبة بوقف فوري لإطلاق النار ووقف جرائم الحرب التي ترتكبها سلطات الاحتلال، حيث عبر المتظاهرون عن استيائهم من تعامل المؤسسات الدولية، مذكرين في ذات الوقت بأن هذه المؤسسات كانت تقف متفرجة ومتواطئة مع الممارسات الدكتاتورية التي عاشتها المنطقة.

وفي آسيا خرجت عديد الاحتجاجات أيضا، حيث غصت شوارع في كل من مانيلا، الفلبين، ونيودلهي، الهند، وكاراتشي، باكستان، وعديد المدن الأخرى، رافعة نفس المطالب التي تم المناداة بها في مختلف بقاع العالم، والهادفة إلى وقف فوري للنار وإنهاء العدوان الذي يرتكبه الاحتلال ضد الفلسطينيين.

وفي إفريقيا جنوب الصحراء شهدت آكرا وجاهانسبورج وداكار مسيرات أيضا مطالبة برفع الحصار عن غزة وإيقاف سياسة الفصل العنصري التي تنهجها إسرائيل ضد الفلسطينيين.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة

أمريكا

كيف عاد دونالد ترامب إلى البيت الأبيض؟

مدار: 07 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 أعطى الناخبون الأمريكيون أصواتهم لصالح مرشح الحزب الجمهوري، دونالد ترامب، المعروف بتوجهاته اليمينية المعادية للمهاجرين والعرب والمسلمين. بهذا، يضمن