فرنسا… ناشطون يتحدون قرارات حظر التضامن مع فلسطين والأسير جورج عبدالله

مشاركة المقال

مدار: 21 تشرين الأول/ أكتوبر 2023

كاترين ضاهر

سياسيَا، يشهد الشارع الفرنسي قرارات للحكومة تمنع تنفيذ عدد من التظاهرات والفعاليات التضامنية مع الشعب الفلسطيني وقضية المناضل الأممي جورج عبد الله، أقدم سجين سياسي في أوروبا، المعتقل تعسفًا في سجن لانيميزان رغم انتهاء مدّة محكوميته منذ سنة 1999.

وعلى الرغم أن هذه القرارات التعسفية أثارت الكثير من الجدل والانتقادات، إلّا أن السلطة الفرنسية، ما زالت تواصل سياسة الاعتداء على الحريات العامة والديمقراطية خلافًا للدستور، تحت ذريعة أن هذا القرار جاء بناءً على المخاوف من حدوث اضطرابات في النظام العام نتيجة هذه الاحتجاجات.

كما أعربت السلطات المحلية عن نيتها اعتقال منظمي المظاهرات، في حالة تجاوز هذا الحظر. إلّا أن هذه التهديدات والقرارات لم تقف عائقًا أمام استكمال عدد من الناشطين التحركات الاحتجاجية التضامنية، وآخرها خروج الآلاف يوم الخميس للتظاهر في شوارع العاصمة باريس. وأيضًا إقدام مجلس الدولة الفرنسي على إبطال قرار منع التظاهر التلقائي للمظاهرات الداعمة لفلسطين، واعتباره أن حظر هكذا مظاهرات يجب أن يتم على أساس “كل حالة على حدة”، رافضًا “الحظر الممنهج” لها.

بدوره، دافع وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان عن قراره بحظر المظاهرات، زاعمًا أن المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين “من المحتمل أن تؤدي إلى اضطرابات في النظام العام”.

قانونيًا وشعبيًا لاقى قرار دارمانان انتقادات لاذعة من قبل العديد من الناشطين ومنظمات حقوق الإنسان، مشدّدين أنه يشكل قيودًا على حرية التعبير وحرية التظاهر.

وفي سياق متصل، طال قرار حظر التظاهرات الفعاليات التضامنية مع قضية الأسير جورج إبراهيم عبدالله، إذ أصدر محافظ لانيميزان قرارًا بمنع المظاهرة الشعبية التي كان من المزمع عقدها اليوم السبت 21 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، أمام السجن لانيميزان، للمطالبة بالإفراج عن عبدالله. وقد تقدمت مجموعة “Collectif 65 pour la libération de Georges Ibrahim Abdallah ، حسب مصادر “مدار”،  بطلب الطعن بهذا القرار إلى المحكمة الإدارية، والتي لم تنظر الأخيرة فيه حتى الساعة.

الضغط السياسي واجب…

تعقيبًا على قرار المحافظ بمنع التظاهرة أمام سجن لانيميزان، قالت عضو في “الحملة الموحدة لتحرير جورج عبدالله” لـ “مدار” إن هذا القرار يأتي ضمن إطار المنع العام الذي تشهده فرنسا، ويبدو أن الحكومة الفرنسية قد اتخذت موقفًا واضحًا وصريحًا، وهو موقفها المعتاد الذي تنتهجه حفاظًا على مصالحها في المنطقة، مضيفا أن جورج يردد دومًا أن ‘إسرائيل’ هي مجرد امتداد عضوي للإمبريالية العالمية ومن ضمنها الإمبريالية في أوروبا وأميركا. والأحداث الأخيرة أثبتت مدى صحة هذه المقولات. وأيضًا أعادت الذاكرة إلى أن فلسطين هي القضية المركزية، وظهر ذلك من خلال الهجمة الشرسة عبر البرروباغندا الإعلامية والسياسية والقمع والضغط الممنهج لمنع التضامن. و”من جهة أخرى جعلت شعوب العالم العربي تنتفض وتتضامن مع قضية فلسطين، فهي تمثلنا”.

وشدّد المصدر ذاته على أن المواقف التي ظهرت مؤخرًا تجاه قضية جورج عبدالله، أكدت مجددًا ما نردده دائمًا على أن السلطات الفرنسية لا تبقي على احتجاز جورج رغم قراري الإفراج عنه، لمجرد الضغط الأميركي أو الصهيوني، بل هي تقوم بذلك بقرار ذاتي تحقيقًا لمصالحها الخاصة في هذه المنطقة كإمبريالية فرنسية، وهي مصالح مترابطة أيضًا مع الكيان الصهيوني، وليس فقط تلبية لضغوطات أجنبية، وهذا ما ظهر اليوم في قرار منع التظاهرة، حتى أن الإمبريالية الفرنسية كانت أكثر شراسة وتفردت بالقمع الممارس تجاه التحركات التضامنية.

واعتبرت المتحدثة أن هذا القمع جاء اضطراريًا جرّاء تخوف فرنسا من توسع دائرة المتضامنين مع قضيتي فلسطين وعبدالله، حرصًا على مصالحها مع الكيان. و”هذا ما يؤكد أن موضوع الإفراج عن جورج عبدالله هو موضوعًا سياسيًا، وليس قضائيًاً، وتاريخ فرنسا في هذا الملف منذ 40 عامًا يثبت ذلك، لاسيما اليوم بعودتها إلى الحديث عن تجريم كل من يتضامن مع القضية الفلسطينية وكل مناضل حمل السلاح في مواجهة الاحتلال، ومن ضمنهم جورج، وما يثبت ذلك استخدامها كافة أشكال المنع بهدف تخريب الحملات التضامنية معه.

ومثلما يقول جورج فإن الإفراج عنه لن يتم إلّا إذا كان وجوده في السجن أكثر كلفة من الإفراج عنه.

كذلك، عمدت السلطات الفرنسية على منع إقامة عدة فعاليات تضامنية مع جورج عبد الله ومنها ندوة يوم الأربعاء الماضي، في باريس، مما أثار غضب المنظمين لهذا اللقاء التضامني، وسارعوا إلى عقد مؤتمر صحفي في “UL CGT du 18eme”، أدانوا خلاله غطرسة السلطات الفرنسية وتواطؤها في قضية المناضل الأممي.

ووصف محامي جورج عبدالله، جان لويس شالانسيت (Jean-Louis Chalanset)، العقوبات التي تفرضها فرنسا على جورج عبدالله بالـ “اضطهاد سياسي”، مشدّدا على أن “جورج عبدالله مخطوف... لأنه عربي، ولأنه شيوعي!. وبحسب خبرتي، كل المساجين المحكومين بنفس حكم جورج عبدالله تمّ الإفراج عنهم بعد سجنهم من 22 إلى 25 عامًا”.

ولفت “شالانسيت” إلى أن وزير الداخلية الفرنسي يقوم بالترويج إلى أن “كل من يحمل السلاح هو ‘إرهابي’، وهذا يعتبر تراجعًا، إذ إن الكفاح المسلح ليس إرهابًا، على الأقل هذا ليس التعريف القانوني للإرهاب. وقد شرحت للقضاة خلال المحكمة، تاريخ العدوان ‘الإسرائيلي’ على بيروت، وبالتالي ما قام به جورج هو ببساطة نقل الكفاح المسلح إلى الخارج”، مشدّدًا على أن هناك تجريم على مستوى عالي، ومن ضمنهم الرئيس الفرنسي ماكرون، الذي يتهم كل من ينتقد الكيان الغاصب بالعنصرية وبالمعاداة للسامية، وكذلك متواطئًا مع “الإرهابيين”. وبالتالي يحق للسلطات الفرنسية ملاحقتكم بتهمة “تمجيد الإرهاب” كما يزعم.

وختم المحامي تصريحه بالتأكيد على أن الهدف الحقيقي خلف تسطيح المواضيع هو تركيع التضامن المتزايد مع جورج عبدالله وفلسطين وشعبها.

كذلك أدان سيدريك ليتشي، من نقابة الـ “CGT Energie Paris” قرار منع اللقاء التضامني، معربًا عن شعوره “كحفيد لمقاوم” بالـ “إهانة بسبب حججهم الواهية لمنع المظاهرات”، متسائلًا “أيتهموننا بمعاداة السامية في وقت أننا جميعنا هنا ننتمي إلى تنظيمات حاربت وتحارب الفاشية!”.

ودعا ليتشي كافة النقابيون الاصطفاف إلى جانب جورج عبدالله و “كل من يناضل ضد الاحتلال”.

“الحرية لفلسطين.. الحرية لجورج عبدالله”..

تتواصل التحركات الشعبية والفعاليات التضامنية مع قضية جورج عبدالله في عدة بلدان، حيث ستنفذ اليوم تظاهرات في كل من تونس أمام مقر السفارة الفرنسية، وفي فرنسا أمام سجن لانيميزان Lannemezan)) في تمام الساعة الثانية ظهرًا بالتوقيت المحلي، على الرغم من قرار المحافظ بحظرها.

كذلك دعت “الحملة الوطنية لتحرير الأسير جورج عبدالله”، إلى أوسع مشاركة في المسيرة الشعبية التي ستقام في العاصمة بيروت اليوم، تحت شعار” الحرية لفلسطين… الحرية للأسرى.. الحرية لجورج عبدالله”، حيث ستنطلق من أمام قصر العدل وصولًا إلى مقر السفارة الفرنسية، في تمام الساعة 3:30 ظهرًا بالتوقيت المحلي.

وبهذا الصدّد، صرّحت الناشطة عفيفة كركي عضو “الحملة الوطنية لتحرير الأسير جورج عبدالله لـ “مدار” أن تظاهرة بيروت هذا العام تحمل طابعًا تضامنيًا مع القضية الفلسطينية وشعبها وأسراها، “فالرفيق جورج دائمًا يحرص على ضرورة تفعيل التضامن مع فلسطين ومساندة الأسرى في سجون الاحتلال ‘الإسرائيلي’ في مواجهاتهم المفتوحة مع سلطات إدارة السجون”، مشدّدة على أن قضية جورج، هي بمثابة قضية الاعتقال الإداري الذي يتعمده الاحتلال مع عدد من المعتقلين حتى ضمن صفوف الأطفال والنساء والمرضى.

“فلسطين القضية دومًا، وجورج عبدالله من أشرس المناضلين المدافعين عنها”، هكذا وصّف الناشطون في “الحملة الوطنية لتحرير الأسير جورج عبدالله” قضيتهم. وأضافت كركي “للمصادفة تم اختيار شعار التظاهرة هذا العام قبل عملية ‘طوفان الأقصى’، فكما يحرص جورج على أن فلسطين هي القضية المركزية هكذا نتابع نضالاتنا في الحملة.

وبيّنت الناشطة أن تظاهرة السفارة الفرنسية اليوم، دعماً واسناداً للمقاومة والحركة الأسيرة (أكثر من 5300 أسير/ة) التي تتعرض إلى هجوم وحشي داخل السجون، وتنديدًا بمجازر الإبادة الجماعية التي تتعمدها السلطات الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وللتأكيد على مطلب تحرير جورج عبد الله الذي يدخل عامه 40 في السجون الفرنسية في 24 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة