مرشح “الاشتراكي الزامبي” يسلط الضوء على معاناة بلاده والانتظارات من الانتخابات القادمة

مشاركة المقال

بيبلز ديسباتش/ مدار: 28 تموز/ يوليو 2021

من المقرر أن تشهد زامبيا في 12 من غشت/ آب المقبل انتخابات رئاسية في ظل أعمال عنف وقمع متواصل، جعل البعض يتخوف من احتمال تأجيلها، خصوصا أن الانتخابات البرلمانية الأخيرة كانت قد شهدت تضييقا كبيرا على القوى المعارضة، وخصوصا الحزب الاشتراكي الزامبي الذي جرى اعتقال أمينه العام مرات عديدة.

وأجرت رانيا خالق، من “بريكثروو نيوز” و”بيبل ديسباتش”، مقابلة مع فريد ميمبي، المرشح الرئاسي للحزب الاشتراكي الزامبي، من أجل تسليط الضوء على مختلف القضايا المتعلقة ببرنامج الحزب، ورؤيته للمستقبل وتاريخ السياسة اليسارية والاشتراكية في البلاد.

وهذا نص الحوار:

يسعدنا أن ينضم إلينا أحد قادة الحزب الاشتراكي الزامبي، الذي من المتوقع أن يخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، الدكتور فريد ميمبي. في بادئ الأمر هل يمكنك أن تخبرنا قليلاً عن زامبيا؟ ما هو اقتصادها؟ ما هو النظام السياسي؟ ومن المسؤول حاليا؟ وما هو نوع الثروة وعدم المساواة هناك؟..

تقع زامبيا وسط جنوب إفريقيا، لكن البعض يقول وسط إفريقيا، والبعض الآخر يقول جنوب إفريقيا، وقد نالت استقلالها من الحكم الاستعماري البريطاني عام 1964، ويعتمد اقتصادها بشكل أساسي على تعدين النحاس. لهذا يعتبر اقتصاد البلاد قائما على التعدين.. لكن هناك بعض الموارد الأخرى على الرغم من قلة مردوديتها، كالزراعة.

ما نعرفه هو أنكم تعملون على منصة اشتراكية للتعليم الشامل والرعاية الصحية الشاملة، بالإضافة إلى توسيع مرافق الإسكان والصرف الصحي للجماهير وتعزيز الزراعة التعاونية، ومؤخرا أعرب حزبكم عن رغبته في عكس عملية تراجع التصنيع التي حفزتها الإصلاحات النيوليبرالية التي تم تبنيها عام 1991. هل لك أن تشرح لنا قليلا برنامج حزبكم وكيف يتم التعاطي معه حتى الآن من قبل المجتمع الزامبي؟.

تعتبر زامبيا بلدا فقيرا للغاية، حيث وصلت مستويات الفقر إلى 82% في بعض المناطق، كما أن حالة الأرياف جد متدهورة بمتوسط فقر تجاوز 76.6%، ومعدل وفيات مرتفع جدا، لاسيما وسط الأطفال، بالإضافة إلى انخفاض معدلات التمدرس بسبب الفقر، ما يضعنا أمام تحديات كبيرة. بسبب هذه الأوضاع تعاني زامبيا من مستويات عالية من الجوع – سواء بين الرضع أو البالغين – فهي خامس دولة في العالم من حيث الجوع بعد جمهورية إفريقيا الوسطى، تشاد، مدغشقر واليمن، وهو الأمر الذي يعني أننا نعاني من ارتفاع معدلات الوفيات والبطالة. كل هذه الظروف جعلت الأمور خارج السيطرة، وأضيف إلى كل ذلك جائحة كوفيد-19 التي فاقمت الأوضاع في ظل الضعف الخطير في النظم الصحية والاجتماعية.

 كنت تتحدث عن بعض النقاط التي يركز عليها النظام الأساسي لحزبكم، وقد ذكرت الرعاية الصحية الشاملة، خصوصا أن الاستثمار في الرعاية الصحية أصبح ضرورة في ظل الوضع الحالي. هل يمكن أن تخبرنا كيف كان أداء نظام الرعاية الصحية الحالي في زامبيا ضد كوفيد-19؟ وهل تعتقد أن البرنامج الذي تروجون له يمكن أن يساعد في الحد من الآثار المترتبة عن هذه الأوبئة في المستقبل؟.

لقد ذكرت مسبقا أن مستويات الفقر الريفي تتجاوز 76.6%، بالإضافة إلى مستويات عالية من الفقر العام والجوع، ما يجعل من الحفاظ على النظافة الأساسية مشكلة. عندما يكون الإسكان والصرف الصحي وإمدادات المياه رديئة، يكون الحفاظ على صحة الناس أمرا صعبا ومكلفا للغاية، خصوصا إن كانت لديك طوابير تنتظر في العيادات والمستشفيات، فإن لم تتعامل مع هؤلاء لا يمكنك تقليل العبء على النظام الصحي؛ وبغض النظر عن كمية الأدوية التي تزودها، ستكون هناك طوابير طويلة وسيكون هناك طلب كبير على الأدوية. وهذا الأمر يدعونا إلى القول إنه لا يمكن أن تكون الأدوية بديلا عن الطعام، فنحن بحاجة إلى تزويد الناس بالعناصر الأساسية ليعيشوا حياة صحية، وبعد ذلك يمكن للأدوية والمكملات أن تهتم بالاختلافات عن ذلك. لذلك لدينا تحديات خطيرة في هذا الصدد، كما أن مستويات التعليم الضعيفة تجعل الأمر أكثر صعوبة، فعندما لا يكون لديك مستويات كافية من التعليم فأضعف الأخطار ألا يستطيع الناس قراءة الوصفة الطبية من الطبيب.

هل لك أن تخبرنا ما هو تاريخ اليسارية والاشتراكية في زامبيا، والإرث الذي خلفه كينيث كاوندا، أول رئيس لزامبيا، والذي كان في طليعة الكفاح من أجل الاستقلال عن البريطانيين؟ ما هو تأثيره، وكذلك تاريخ وإرث الاشتراكية في بلدك؟

لقد قاد كينيث كاوندا إحدى أقوى الحركات المناهضة للإمبريالية، بحيث شارك بشكل كبير في نضالات التحرير في الجنوب الإفريقي وأجزاء أخرى من القارة، ما يجعل منه ثوريا قدم الكثير. وفي هذا الصدد يجب ألا نعتقد أننا نحن الاشتراكيين هم الثوار الوحيدون، فهنالك أولئك الذين ضحوا بكل شيء لتحرير شعبهم من السيطرة الإمبريالية والاستعمارية، لكن ما يميزنا كاشتراكيين هو أننا الثوريون الوحيدون القادرون على القيام بثورة اشتراكية. لذلك أقول إن كينيث كاوندا كان ثوريا اتخذ موقفا قويا مناهضا للإمبريالية واتبع سياسات تقدمية وانحاز للجانب التقدمي، كما لعب دورا تقدميا في الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي أو منظمة الوحدة الإفريقية كما كان يطلق عليها آنذاك. لقد كان صديقا وداعما للعديد من الثوار، فقد كان صديقا لأوليفر تامبو، زعيم المؤتمر الوطني الإفريقي، واستضافه في مقر إقامته خلال أيام التحرير، وكان مقربا جدا لسامورا ميشيل وجوليوس نيريري، وأقام صداقة جيدة مع فيدل كاسترو، وكان صديقا مقربا جدا لياسر عرفات.

حسنا، من الواضح أنه كان له تأثير كبير عليك أيضا. فلنتحدث قليلا عن خلفيتك السياسية والمهنية وما الذي شكل سياستك؟ لقد نشأت في جنوب إفريقيا في وسط حركة جنوب إفريقيا الاشتراكية.. كنت مؤسس The Post in Zambia، أول صحيفة غير مملوكة للحكومة، والتي أغلقتها الحكومة في النهاية. فهل يمكن أن تخبرنا عن خلفيتك وما الذي أثر فيك؟.

لقد جاء تأثري من الحزب الشيوعي لجنوب إفريقيا والمؤتمر الوطني الإفريقي، فقد انضممت إلى هذا الحزب الشيوعي عام 1978 وترعرعت معه، وتمكنت من الاحتكاك بقيادات كجو سلوفو وكريس هاني وبن توروك وغيرهم كثير. لذا شكل حزب المؤتمر الوطني الإفريقي وهذا الحزب الشيوعي الإفريقي أولى تجليات وجهة نظري السياسية، ولم يكن بإمكاني آنذاك أن أجد أفضل من هاتين المدرستين، وأعتقد أنهما كانتا وراء تخريج العديد من الثوار في القارة – ولدوا من رحم كفاح طويل وصعب للغاية. لقد كان شرفا عظيما لي أن أعرف هؤلاء الثوار العظماء في قارتنا.

يلقي حزبك باللوم على السياسات النيوليبرالية في تأزيم الوضع، وقد ظهر ذلك في بيانكم الأخير الذي تطرق إلى أن “ما يقرب من نصف السكان لا يحصلون على المياه النظيفة على الإطلاق”..هل يمكن أن تخبرنا ما هو تأثير سياسات التقويم الهيكلي على زامبيا؟ [كان التعديل الهيكلي عبارة عن سلسلة من سياسات التقشف التي فرضها كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي خلال الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي على بلدان ما بعد الاستعمار في العالم النامي وكان لها تأثير مدمر.]

إن برامج التقويم الهيكلي أو البرامج النيوليبرالية التي تم اتباعها في بلادي على مدار الثلاثين عاما الماضية أدت إلى تضرر الخدمات الاجتماعية بشكل كبير، وفي المقابل تم الرفع من أرباح فئة معينة. لقد وصلنا إلى اقتصاد يخدم رأس المال الخاص وليس الناس، وكونه اقتصادا استخراجيا يعتمد بشكل كبير على التعدين لم يستفد المواطنون من أي شيء. لقد تغيرت التكنولوجيا أيضا، ففي حين كانت تشهد الأيام الخوالي توظيف المزيد من الناس إلا أن التكنولوجيا اليوم أدت إلى تقليص أعداد الوظائف، ما أدى إلى ارتفاع مستويات البطالة، فقد اعتاد الناس على الحصول على بعض الأجور الصغيرة من المناجم، لكنهم لم يعودوا قادرين على ذلك الآن بسبب نقص الوظائف، كما أنه بسبب النظام الضريبي الضعيف لا تستفيد الحكومة من ضرائب عادلة من أنشطة التعدين، ما يعني أن الشركات العابرة للقارات الناشطة في قطاع التعدين تحقق أرباحًا ضخمة والبلد يخسر حرفيا كل شيء.

كان لدينا نظام تعليم مجاني، وتم التخلي عنه بشكل كامل، كما كانت لدينا خدمات صحية مجانية لكننا فقدناها على مدار الثلاثين عامًا الماضية، بالإضافة إلى توقيف الدعم الزراعي الذي كان يخصص لتعاونيات الفلاحين، وما إلى ذلك. لقد فقدنا معظم تلك التعاونيات وفقدنا معها ذلك الدعم الجيد للزراعة الفلاحية. عندما تكون لديك مستويات ربح تصل إلى 82% في منطقة ما، كيف يمكن للناس أن يدفعوا مقابل التعليم؟ وعندما يكون لديك 76.6% من الفقر الريفي، كيف تتوقع أن يدفع الناس مقابل التعليم؟ هذا يعني أن الفقراء أصبحوا أكثر فقراً وأعدادهم في ازدياد. كما أن أعداد السكان في نمو مستمر، فمن المتوقع في غضون 15 عاما أن يتضاعف هذا العدد. كيف سنوفر التعليم لهذه الفئة من السكان؟ من أين ستأتي الخدمات الصحية؟ من أين سيأتي السكن؟ حتى النقل الأساسي – للبشر والبضائع- كيف ستعمل على تحسينه في الخمسة عشر عاما القادمة إذا واصلنا السير على نفس المسار؟ ليس لدينا بديل سوى البحث عن أفكار جديدة وعن مناهج جديدة. بالنسبة لنا، لا يوجد نهج آخر غير النهج الاشتراكي.

لقد ذكرت التعدين. وإذا لم أكن مخطئا فإن تعدين النحاس يمثل الجزء الأكبر من الاقتصاد الزامبي. كيف يسعى حزبكم إلى إعادة هيكلة الاقتصاد لخدمة الطبقة العاملة والفقيرة؟ حتى تتمكن من تقديم كل تلك الخدمات.

لقد كان النهج الأساسي للحكومات اليسارية هو تأميم كل شيء، لكننا لن نقوم بتأميم المناجم الحالية لأنه ليست لدينا القدرة على تشغيلها، لأنه إذا قمنا بتأميم تلك المناجم فسوف يتم سحقها في لمح البصر. إنها أعمال معقدة مع الكثير من خطوط الإمداد المعقدة، فكمثال يمكنك تأميم منجم ولكنك لم تؤمم خطوط الإمداد، وبذلك ستجد أن المنجم فشل. ليس لدينا ما يكفي من مهندسي التعدين أو اقتصاديي التعدين أو حتى الخبرة القانونية المطلوبة، هناك أشياء كثيرة مفقودة. لا يمكننا حتى تسويق النحاس الذي نستخرجه.

لقد رأينا ما يصلح وما لا ينجح من خلال التجارب الكثيرة التي شهدها العالم لخطط التأميم، وبالتالي لن نتسرع في تأميم المناجم. وبدلاً من ذلك سنسعى إلى فرض ضرائب عادلة، وضخ ما يتم تحصيله في التعليم والصحة والزراعة الفلاحية. سنضمن أيضا أن تقوم شركات التعدين بتدريب موظفينا على المهارات المطلوبة للتعدين.

علاوة على ذلك فإن ما يتم استغلاله حاليا فقط يمثل ثلث إمكانات التعدين لدينا، مازال الثلثان غير مستغلين وسنتعامل مع هذا القطاع بشكل مختلف. قد يكون العمر الاقتصادي المتبقي لمعظم المناجم الموجودة حوالي ثماني سنوات أو أكثر، إذا لماذا علينا أن نكافح من أجل لغم لم تتبق منه سوى ثماني سنوات من العمر الاقتصادي؟ لا نريد أن نخلق مشاكل غير ضرورية لأنفسنا.

التأميم ليس مبدأ. هدفنا الإستراتيجي هو الملكية العامة لكل شيء حرفيا، يجب أن يسيطر الناس على جميع القطاعات الرئيسية للاقتصاد، لكن طريقة وصولنا إلى هناك تختلف من مكان إلى آخر، كما يختلف الوقت المستغرق للوصول من بلد إلى آخر.

الهدف الإستراتيجي لأي نظام اشتراكي هو الملكية العامة لكل شيء، لوسائل الإنتاج الرئيسية؛ هذا هو السبب في أن الاشتراكية عملية. إن النظام الاشتراكي هو نظام انتقالي، وهذا الانتقال يعني أنه يتعين عليك تقديم العديد من التنازلات مع رأس المال، فأي انتقال يعني أن لديك قدما واحدة في الغد وقدما واحدة في الأمس، وجسمك اليوم، وهذا ليس وضعا مريحا جدا للعيش فيه. كما أن هذه ليست تنازلات سهلة، وهو ما يعقد إعادة البناء الاشتراكي..

لن يكون الانتقال إلى نظام كامل مملوك للقطاع العام أمرا سهلا، وهذا ما يجعل النضال صعبا، لأنه يتعين علينا الآن النضال ضد الشركات متعددة الجنسيات. علينا أن نكون تكتيكيين في الطريقة التي نتعامل بها معها.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة