الصورة: DR*
مدار: 28 أيلول/ سبتمبر 2020
بعد تعيينه من طرف الرئيس المالي، به نداو، رئيسا للحكومة، ستكون أمام مختار أواني، الوزير المالي الأول الجديد، البالغ 64 سنة، ساعات قليلة لتشكيل حكومته يوم الثلاثاء 29 أيلول/شتنبر.
وبهذا التعيين يتحقق نوع من التوافق حول رجل مدني، تكنوقراط، اختار الابتعاد عن الحياة السياسية في مالي منذ سنوات، وتحمل مهمة مستشار دبلوماسي، لمنظمة لاتحاد النقدي لغرب إفريقيا، إذ لا ينتمي إلى النخبة السياسية المحلية، ويقف على مسافة متوازنة من الأحزاب القائمة، ما يمنحه إمكانية أوسع لتنظيم انتخابات على قدر من الشفافية؛ وقد يساعده في مهمة “إصلاح الدولة”، الموكولة له من طرف النخبة الحاكمة، ويحقق مطلب “الاستقرار” الاقتصادي والاجتماعي والأمني الذي ترغب فيه “الديمقراطيات الغربية”، وخصوصا الإمبريالية الفرنسية، ذات “المصالح التاريخية” مع مالي.
لذا سعى به نداو إلى تعيين المختار أواني، فهو الشخص القادر على تحقيق المهمة دون أن يبث الفرقة، كما أنه يمتلك علاقات واسعة في الخارج، وخصوصا مع المحيط القريب، تحتاجها مالي بشدة لفك عزلة ما بعد الانقلاب، وهي الشروط التي تتوفر في مختار أواني، الذي مكنه منصبه في المنظمة الاقتصادية من المعرفة الشخصية لكثير من رؤساء الدول.
الرئيس به نداو، وهو يلقي خطاب التولية، كرر المعزوفة التي عزفها منذ نجاح الانقلاب العسكري، ومفادها أن 18 شهرا غير كافية لتحقيق كل ما تعتزم الحكومة إنجازه، مهيئا بذلك الأجواء للبقاء طويلا في الحكم بدعوى تحقيق الإصلاحات، ومستبقا أيضا كل تقييم لحصيلة تخيب آمال وانتظارات شعب مالي الذي يرزح في فقر مدقع ويهدد أمنه إرهاب بوكو حرام، المنظمة الإسلاموية الظلامية.
أما على مستوى الجبهة الداخلية فيجد المختار أواني نفسه أمام لائحة مطالب طويلة، أشدها استعجالا الحيز الذي ستحتله في الحكومة الحركة الاحتجاجية التي كانت تطالب برحيل إبراهيم بوبكر كيتا، والتي وضعت لائحة من 14 مرشحا لتولي منصب الوزارة الأولى، كما سيكون عليه تحقيق الانسجام بين العناصر العسكرية والمدنية، والتي تسعى إلى تقاسم كعكة الحكومة، في لعبة توازنات ملغومة.
من جانب آخر يبدو التيار الإسلامي، بزعامة الإمام محمود ديكو، أكثر تماسكا؛ فالإمام الذي أسس المجلس الأعلى الإسلامي، في 2002 كهيئة دينية، اختار منذ 2008 التدخل المباشر في السياسة، وأخذ على عاتقه نشر رسالة الإسلام وجعل من أولوياته محاربة مدونة الأسرة التي حملت لنساء مالي بعض الوعود.
وفي انتظار تبلور بديل شعبي ثوري، وبعد أن تتوافق النخب المالية على تشكيل الحكومة، سيبقى الشعب رازحا في الفقر، تنخره الأمراض، وتحركه النعرات الطائفية، لإلهائه عن مشاكله الحقيقية. أما الإمبرياليات فستحتفظ بـ”الحق في التدخل” الذي تضمنه القوانين الدولية الموضوعة على مقاسها لتحقيق مصالحها التاريخية والدائمة.