ليبيا..تقرير يعري الانتهاكات المروعة في حق اللاجئين في ليبيا وتورط الاتحاد الأوروبي

مشاركة المقال

صورة: DR*

مدار: الإثنين 28 سبتمبر/أيلول 2020

عددت منظمة العفو الدولية، في تقرير حديث لها، صنوف المعاناة التي يكابدها من قالت إنهم عشرات الآلاف من النساء والرجال والأطفال في ليبيا، لمجرد أنهم لاجئون ومهاجرون، موردة أنهم “عالقون في بلد مزقته الصراعات، حيث يسمح غياب القانون، والإفلات من العقاب، للعصابات الإجرامية أن تستشري”.

 وأورد المصدر ذاته أن الكثيرين من هؤلاء المهاجرين واللاجئين، “من الذين يخشون على حياتهم، ويفتقدون إلى وسيلة آمنة وقانونية للخروج من البلاد”، حاولوا الوصول إلى أوروبا على متن قوارب واهية، لكن “تم إيقاف عدد كبير منهم ثم أُعيدوا إلى ليبيا، في أعقاب الإجراءات التي اتخذتها الحكومات الأوروبية لإغلاق الطريق البحري، واحتواء الناس في البلاد”.

وأشارت منظمة العفو الدولية (أمنيستي)، في تقريرها الذي اطلع عليه موقع “مدار”، إلى أن معظم اللاجئين والمهاجرين في ليبيا قادمون من جنوب الصحراء الكبرى وشمال إفريقيا، في حين يأتي عدد أقل من آسيا والشرق الأوسط؛ “وتتنوع أسباب مغادرتهم لأوطانهم، فالبعض فر بسبب الحرب أو المجاعة أو الاضطهاد، بينما غادر آخرون بحثًا عن تعليم أفضل أو فرص عمل، والعديد منهم يعتزمون البقاء في ليبيا، في حين يحلم آخرون بالوصول إلى أوروبا، أو يضطرون إلى ذلك بسبب تدهور الظروف في البلد؛ كما أن العامل المشترك بينهم هو الرغبة في العيش في أمن وأمان وكرامة”، وفق تعبيرها.

وفي تفصيلها لمعاناة اللاجئين والمهاجرين المودعين في مراكز الاحتجاز الرسمية، أوردت المنظمة الحقوقية أنهم  “عالقون في حلقة من الانتهاكات والابتزاز، فهم محتجزون في ظروف غير إنسانية، ومميتة في بعض الأحيان؛ وقد يكونون مفصولين عن ذويهم”، مضيفة أن بعض الضحايا رووا أنهم تعرضوا للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، والعنف الجنسي، والاستغلال في العمل؛ “كما أن بعض المهاجرين واللاجئين محتجزون في أماكن احتجاز تديرها جماعات مسلحة ومتاجرون بالأشخاص، أما الذين لا يحتجزون فيضطرون إلى العيش في الخفاء، حيث هم عرضة لمجموعة من الانتهاكات، بما في ذلك الاعتداءات البدنية، والاختطاف، والسرقة، والعنف الجنسي، والاتجار بالبشر، وأعمال السخرة، والترحيل القسري”، على حد وصفها.

وأوردت “أمنستي” مثالا عما يقاسيه المعنيون بما حدث في بلدة مزدة، جنوب غرب طرابلس، حيث “أطلق مسلحون النار على حوالي 200 مهاجر كانوا محتجزين في مستودع يديره المتاجرون بالبشر، ما أدى إلى مقتل 30 رجلاً وإصابة 11 آخرين؛ أما الباقون فهم في عداد المفقودين وسط مخاوف من أنهم قتلوا أيضاً أو أعيد الاتجار بهم”، مردفة: “كانت بعض جثث الضحايا تحمل علامات وكدمات، الأمر الذي يشير إلى أنهم تعرضوا للتعذيب قبل قتلهم”.

وفي حديثها عن الأسباب الرئيسية لهذه المعاناة الإنسانية، أودت العفو الدولية أن دول الاتحاد الأوروبي نفذت منذ أواخر عام 2016 “سلسلة من الإجراءات لسد مسارات الهجرة من ليبيا عبر البحر الأبيض المتوسط؛ فقد عززت قدرات خفر السواحل الليبي على اعتراض اللاجئين والمهاجرين وإعادتهم إلى ليبيا، ورفضت السماح للأشخاص الذين تم إنقاذهم في أعالي البحار بالنزول في أوروبا، وقامت بتجريم عمل المنظمات غير الحكومية التي تعمل على إنقاذهم، وعقدت صفقات مع السلطات المحلية والميليشيات لمنع الناس من مغادرة ليبيا”.

واستطرد تقرير المنظمة: “تركت سياسات الاحتواء هذه مئات الآلاف من النساء والرجال والأطفال يعانون في ليبيا، حيث يتم اعتراض اللاجئين والمهاجرين الذين يحاولون المغادرة عن طريق القوارب في البحر من قبل خفر السواحل الليبي المدعوم من الاتحاد الأوروبي، ثم تتم إعادتهم إلى ليبيا، حيث يتم احتجازهم إلى أجل غير مسمى في مراكز الاحتجاز في ظروف مروعة، ويواجهون خطر التعرض للانتهاكات على أساس يومي”.

وأوردت “أمنيستي” أرقاما مهولة عن المعنيين، إلى حدود سبتمبر/أيلول الجاري، إذ أحصت 625,638 لاجئاً ومهاجراً في ليبيا، أكثر من 60000 منهم تم اعتراضهم في البحر، وأُعيدوا إلى البلد منذ عام 2016 (8435 في عام 2020)؛ في حين أن  5709فقط من هؤلاء اللاجئين وطالبي اللجوء المعرضين للخطر تم إجلاؤهم منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2017.

وعاد تقرير المنظمة إلى القتال الذي اندلع في العاصمة الليبية طرابلس بين أبريل/نيسان 2019 ويونيو/حزيران 2020، بين قوات الأمن والميليشيات التابعة لحكومة الوفاق الوطني، التي تدعمها الأمم المتحدة، ويقودها رئيس الوزراء فايز السراج، ومقرها طرابلس، والجيش الوطني الليبي، المعلن ذاتياً، بقيادة اللواء خليفة حفتر، والمنتسب إلى الحكومة المؤقتة المتمركزة في الشرق؛ والذي “أدى إلى سقوط مئات القتلى والجرحى، ونزوح أكثر من 400 ألف شخص”.

واعتبرت “أمنيستي” أن الجانبين مسؤولان عن الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي وجرائم الحرب المحتملة، مردفة: “رغم حظر الأسلحة المفروض من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة منذ عام 2011 فإن روسيا وتركيا والإمارات العربية المتحدة تدعم الأطراف المتنافسة من خلال عمليات نقل الأسلحة غير المشروعة والدعم العسكري المباشر”.

واعتبرت “العفو الدولية” أن “اللاجئين والمهاجرين في ليبيا هم حتى أشد عرضة للأذى في هجمات عشوائية أو مستهدفة”، وزادت موضحة: “في 2 يوليو/تموز 2019 أدى هجوم شنَّه الجيش الوطني الليبي على مركز لاحتجاز المهاجرين في مدينة تاجوراء، الواقعة على الأطراف الشرقية لطرابلس، إلى مقتل وإصابة عشرات المهاجرين واللاجئين. وقد تعرض بالفعل نفس مركز الاحتجاز للقصف قبل ذلك في 7 مايو/أيار 2019، ما أدى إلى إصابة اثنين من المحتجزين. وكانت قوات حكومة الوفاق الوطني وضعت مستودعاً للذخيرة بالقرب من مركز الاحتجاز”.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة