لبنان.. طلاب جامعة الـBAU يطلقون صرخة “علمي مش فرق عملة”

مشاركة المقال

مدار: 26 كانون الثاني/ يناير 2022

كاترين ضاهر

مجدّداً يواجه القطاع التعليمي بكافة مستوياته في لبنان تحديات كبيرة جرّاء السياسات النقدية والمالية وتداعياتها على الأزمة الاقتصادية التي يعيشها البلد، إذ عادت إلى الواجهة قضية لجوء بعض إدارات الجامعات الخاصة إلى اتخاذ خطوات مجحفة في حق الطلاب؛ تتمثل في رفع الأقساط الدراسية وفرض رسوم إضافية بالدولار، تحت ذريعة ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة.

وأعمت إدارة الجامعة بيروت العربية (BAU) أعينها عن تفاقم التدهور الاقتصادي الذي يمر به البلد، وتداعياته على معظم القاطنين في لبنان، ولاسيما الطلاب الذين يواجهون وأهاليهم باللحم الحي التعثر الحاصل لناحية صعوبة تأمين كلفة الأقساط والمواصلات، مع ارتفاع أسعار مستلزمات الدراسة، كالكتب والقرطاسية والمطبوعات…

والسؤال المطروح على إدارة الجامعة اليوم: من أين سيؤمّن الطالب القسط المضاعف والمبلغ الإضافي المفروض دولار؟  كأن إدارة الـ BUA لا تعلم بالسياسات النقدية والاقتصادية المتبعة منذ أواخر العام 2019، والتي أعطت المصارف اللبنانية سلطة السطو على أموال المودعين، ووضع حدّ للمبالغ المسموح بسحبها شهرياً. كما أن معظم رواتب الموظفين في لبنان تُمنح بالعملة الوطنية، وفقدت قيمتها، ناهيك عن أن معدل الأجور يتراوح بين 30$ و60 $ أو 100 $ كحد أقصى؛ هذا عدا عن إقفال العديد من الشركات والمؤسسات وارتفاع معدل البطالة.

“علمي مش فرق عملة”…

#علمي_مش_فرق_عملة، #عاطلين_عن_العلم، و#الإثنين_كرامة_طالب، بهذه الأوسمة التي تصدرت مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان، مع تنفيذ اعتصام أمام مدخل جامعة بيروت العربية يوم الإثنين الماضي، أكّد الطلاب رفضهم قرار إدارة جامعة الـBAU، المُتعلق بزيادة الرسوم الجامعية لمرحلة الليسانس والبكالوريوس لفصل الربيـع مـن العـام الجامعـي 2021/2022، لكافــة المســتويات الدراسـية.

وتمثل القرار في زيادة “الكريديت”، أي رسم الساعة الدراسية المعتمدة، الذي يدفع بالليرة اللبنانية. وفي المقابل فرض زيادة على رسم النفقات التشغيلية بالفرش دولار، وهي تتراوح بين 300 $ و600 $ بحسب كل كلية. واللافت في هذا القرار البندان التاليان: “للجامعة الحق في تغيير جميع الرسوم المدرجة أعلاه دون إشعار مسبق” – “رسوم الساعة الدراسية المعتمدة قابلة للتغيير في كلِّ فصل دراسي”.

وحسب القرار الأخير فإن دراسة اختصاص الهندسة في جامعة بيروت العربية تحتاج إلى 45.990.000 ل.ل لكل فصل دراسي. أما سعر “الكريديت” لاختصاص الصيدلة فارتفع بداية الفصل السابق من 600 ألف ليرة لبنانية إلى 1.100.000 ليرة لبنانية. ووفقاً للتسعيرة الجديدة سيبلغ سعر “الكريديت” نحو 2.00.000 ليرة لبنانية.

القرار الجائر…

يؤكد طلاب الـ BAU رفضهم زيادة الأقساط والدفع بالدولار في ظل الأوضاع المعيشية والاقتصادية المتردية.

“جنى” (اسم مستعار)، طالبة في السنة الخامسة اختصاص طب في الجامعة العربية، عبّرت لـ “مدار” عن تخوفها من اضطرارها إلى التوقف عن مواصلة دراستها قصراً، جرّاء عدم تمكن ذويها من تأمين كلفة زيادة الأقساط، موردة: “اختصاص الطب 6 سنوات، وكل فصل دراسي يحتوي على 18 ‘كريديت’. وحسب القرار الحالي ستعتمد الإدارة تسعيرة الـ 5 آلاف ليرة لبناية، وسيبلغ سعر ‘الكريديت’ الواحد 2.980.000 ليرة لبنانية”، وزادت موضحة أن “القسط لاختصاص الطب كان يبلغ 30 مليون ليرة لبنانية في السنة الدراسية، وعندما رفعت الإدارة القسط على تسعيرة الـ 2.750 ليرة لبنانية أصبح 60 مليون ل.ل. خلال العام؛ أما حالياً وفقاً للتعميم الجديد فسيصبح القسط 53.640.000 ل.ل. خلال الفصل الدراسي الواحد، بالإضافة إلى فرض مبلغ 600 $ كرسوم تشغيلية”، متسائلة: “كيف سيتحمل الطلاب هذه الأرقام الباهظة، ولا سيما بدعة الفرش الدولار؟”.

أما زميل جنى “أ.م.”، وهو طالب سنة أولى اختصاص إعلام (Media studies and mass communication) فندّد بقرار زيادة الأسعار الجائر في حق شريحة كبيرة من الطلاب، معلناً أن “أي قرارات يتم إسقاطها على الطلاب دون إشراكهم في صناعتها أو إعطاء هامش للاعتراض عليها فهي مرفوضة تماماً”، مؤكّداً أن “الجامعة على مدار السنوات الماضية راكمت الكثير من الأرباح، ورواتب كبار الإداريين فيها خيالية، وفي المقابل فإن رواتب سائر الموظفين ليست مرتفعة ويتقاضونها بالليرة اللبنانية، ولم يتم تصحيحها، وبالتالي لا يحق للجامعة أن تطلب زيادة من الطلاب، كمحاولة لتغطية خسائرها من جيوبهم، هذا في حال وجدت هذه الخسارة كما تزعم”.

وأردف الطالب ذاته: “الجامعة استفادت على مدى فترة الإغلاق العام خلال جائحة كورونا والانتقال إلى التعليم عن بعد (الأونلاين)، إذ تم توفير رسوم كثيرة حينها، مثل رسوم تشغيل مرافق خدماتية كالنادي والمركز الطبي والكهرباء… وأيضاً رواتب العمال المياومين، ومع هذا لم تعِد للطلاب كافة المصاريف التي وفرتها”، مشدّداً على أن “هناك تفاصيل أخرى تدحض ادعاء الإدارة أن الجامعة تخسر، لذا تضطر لزيادة الأقساط وفرض رسوم بالدولار لتستوفي رسوم التشغيل”، وزاد: “لنسلم جدلاً صحة هذه المزاعم، فمن المفترض أن تكون لائحة زيادة الأقساط مرفقة بجداول الإنفاق والمداخيل الواردة إلى الجامعة، لتكون هناك مصداقية، وإلّا فعدم مشاركة الإدارة هذه الجداول مع الطلاب يعود ليقينها أنها لا تخسر”.

يُشار إلى أن الجامعة العربية رفعت أقساطها سابقاً من سعر صرف 1500 ل.ل إلى 2750 ل.ل لفصل الخريف 2021/2022؛ أما في فصل الربيع الحالي فسيتم احتساب الأقساط على سعر الصرف 5000 ل.ل، إلى جانب فرض رسم النفقات التشغيلية بالدولار، التي تشمل تأمين كلفة المازوت والكهرباء وعقود التأمين والصيانة…رغم أن التعليم في هذا الفصل سيكون مدمجاً؛ 50 % حضوري و50 % ‘أونلاين'”.

“أ.م” كأغلب الطلاب في لبنان لا يمتلك مدخولاً شهرياً ثابتاً يمكّنه من تغطية هذا القسط، تأسف لاتخاذ هكذا قرار مجحف، فهو يتوجب عليه اليوم تأمين 16.200.000 ليرة لبنانية للفصل الحالي ونحو 300 دولار فرش، كلفة ما سميت رسوم التشغيل؛ إذ إن “الكريديت” في اختصاص الإعلام ارتفع من450.000 ل.ل إلى 900.000 ل.ل، وقال: “كان الأجدى أن تعطي الجامعة الأولوية للاهتمام بتعديل بعض البرامج التعليمية، وتدريب الكادر الأكاديمي لمواكبة العصر”، مضيفاً: “بعض المحاضرات مسجلة، ولا نعرف اسم الدكتور المحاضر”، آملاً أن تتراجع الجامعة عن هذا القرار، وإلّا سيضطر كالعديد من زملائه إلى تأمين مستحقات هذا الفصل، وبعدها الانتقال من الجامعة.

وعلى عكس زملائها، أكدت سنا الغفري، طالبة سنة أولى في اختصاص علوم الكمبيوتر (computer Sciences) على أحقية الجامعة في رفع الأقساط، ولكن ليس بهذا الشكل الجنوني، موردة: “هذا ليس عدلاً، لقد توقعنا زيادة الأقساط، لكن بشكل مقبول، كأن تحتسب على سعر الـ 3900 ل.ل كحد أقصى. فعلاً صدمتنا كبيرة بهذه الزيادة، وخاصة فرض فرش دولار”.

ودعت الطالبة إدارة الجامعة إلى مراعاة ظروف الطلاب في ظل الانهيار الحاصل بالبلد على كافة الأصعدة، وتوجهت إليها بالسؤال: “أنتو على مين عم بتغلّوا؟ ولازم تعتبرونا ولادكم. فإذا الشغل غير متوفر بالبلد، وأهالينا لا يعملون بالخارج لتأمين الفرش دولار.. من أين سنؤمن هذا المبلغ؟”.

وتابعت سنا: “لا أنكر أن الـ BAU جامعة جيدة جداً ومن حقها أن ترفع الأقساط، لكن ليس مضاعفتها بهذه النسبة كأننا بجامعة الـ AUB (الجامعة الأميركية في بيروت)، وفرض رسوم بالدولار، لا نعرف لماذا؟ فالمبلغ كبير إذا احتسبنا عدد الطلاب المسجلين وعلى كل طالب أن يدفع 400 $ وباقي الاختصاصات أكثر. أما المشكلة الأبرز فهي أن هذا القرار جاء عشية فتح باب التسجيل للفصل الدراسي، وللأسف أكد مدير المالية لنا خلال اعتصامنا يوم الإثنين أن هذا القرار لن يُلغى”.

 وقد كان الفصل الدراسي يكلف سنا 10 ملايين تقريباً، ثم ارتفع اليوم إلى نحو 20 مليون ل.ل، إضافة إلى 400 دولار فرش.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة