فوز تاريخي يضع اليسار للمرة الأولى أعلى هرم الحكم في كولومبيا

مشاركة المقال

مدار: 23 حزيران/ يونيو 2022

أفرزت نتائج الانتخابات الرئاسية الكولومبية عن فوز غوستافو بيترو، ليصبح بذلك أول رئيس يساري في تاريخ كولومبيا بحصوله على حوالي 50.5% من الأصوات ضمن استحقاقات الدورة الثانية، في وقت حصل خصمه المليونير رودولفو هرنانديز على ما يقارب 47.3% من الأصوات.

ورغم الانفلاتات والمخالفات والعنف وحملات إعلامية قوية لشيطنة المرشحين التقدميين في الفترة التي سبقت التصويت بأيام، إلا أن مرشح الائتلاف اليساري “الميثاق التاريخي” استطاع انتزاع الفوز في آخر المطاف.

ولم تتركز المخالفات في الأيام التي سبقت الانتخابات، بل كانت هناك أيضا مخالفات تم التبليغ عنها في يوم الانتخابات نفسه من قبل المراقبين، مثل بطاقات الاقتراع التي تحتوي على علامات من شأنها استبعاد التصويت، ومزاعم بالرشوة من قبل حملة هيرنانديز، ومنع المراقبين من ولوج مراكز الاقتراع، من بين حوادث أخرى.

واحتفلت الحركات التقدمية في كولومبيا والعالم بانتصار “الميثاق التاريخي” باعتباره وضع نهاية لعقود من السياسات اليمينية المحافظة التي هيمنت على السياسة المؤسسية، لاسيما أن الرئيس المنتهية ولايته إيفان دوكي يترك منصبه على وقع أرقام كارثية في ما يخص جميع المجالات؛ ويُعزى جزء كبير من هذا الوضع إلى سوء إدارته لوباء كوفيد-19 والانخفاض غير المسبوق لقيمة العملة والأزمة الاقتصادية اللاحقة.

وعقب الفوز كتب بيترو على تويتر: “اليوم هو يوم عيد للشعب، فلنحتفل بأول انتصار شعبي”؛ ويعتبر الكثيرون أن توليه أعلى منصب في البلاد بمثابة زلزال سياسي في بلد احتكر فيه المحافظون السلطة منذ عقود.

الميثاق التاريخي: غوستافو بيترو وفرانسيا ماركيز

بترو البالغ من العمر 61 عاما هو خبير اقتصادي، وكان عضوا في مجموعة حرب العصابات في حركة 19 أبريل (M-19)، وتم تسريحه عام 1990، كما تم انتخابه في 2002 لمجلس النواب قبل أن يتم انتخابه من جديد في 2006، لكن هذه المرة كعضو في مجلس الشيوخ؛ وعام 2011، تم انتخابه رئيسًا لبلدية العاصمة بوغوتا (2012-2015)، وفي الانتخابات الرئاسية لعام 2018، وبعد أن خسر بفارق ضئيل في انتخابات الإعادة أمام دوكي، حصل على مقعد في مجلس الشيوخ، حيث أدان باستمرار السياسات النيوليبرالية للحكومة المركزية وحاول تعزيز الإصلاحات الاجتماعية.

وماركيز، البالغة من العمر 40 عاما، هي ناشطة بيئية من أصول إفريقية، ومحامية، كما أنها معروفة على المستويين الوطني والدولي من خلال عملها في الدفاع عن الطبيعة والمجتمعات، بالإضافة إلى أنها تمثل المنحدرين من أصل إفريقي ومجتمعات السكان الأصليين المهمشة ونضالاتهم، وتقدم مقترحات الحركات الاجتماعية والشعبية إلى الحكومة.

ومن ضمن الأمور التي بنيت عليها الحملة الانتخابية لكل من بترو وماركيز مقترح استبدال اعتماد الاقتصاد تدريجيا على الصناعات الاستخراجية والوقود الأحفوري بالزراعة، بالإضافة إلى الوعود بمحاربة التفاوتات من خلال إدخال إصلاح زراعي وإصلاح ضريبي تصاعدي لدعم البرامج الاجتماعية لصالح الأقليات المحرومة والمهملة تاريخيا؛ كما تعهدا بمكافحة تهريب المخدرات والعنف شبه العسكري من خلال تفكيك الجماعات المسلحة غير الشرعية وزيادة الأمن في المناطق الريفية.

وعقب التعاطف الكبير للكولومبيين مع مشروع بترو وماركيز، تم استهداف المرشحين عدوي الأوليغارشية اليمينية الكولومبية باستمرار بحملات تشويه في وسائل الإعلام الرئيسية، وعلى منصات التواصل الاجتماعي.

بالإضافة إلى ذلك، في 15 يونيو/ حزيران، أي قبل أربعة أيام من الانتخابات، أطلقت الشرطة الوطنية ومكتب المدعي العام موجة من الاعتقالات الجماعية ضد نشطاء اجتماعيين وصحافيين في وسائل الإعلام البديلة، ممن شاركوا في الإضراب الوطني لعام 2021 ضد إدارة دوكي. كما نزل العشرات إلى الشوارع مطالبين بتغييرات هيكلية وتم اعتقالهم في عمليات متزامنة في جميع أنحاء البلاد.

وزعمت الشرطة أن المعتقلين أعضاء في ما تسمى جماعة الخط الأمامي، المتهمة بالمشاركة في “أعمال التخريب والإرهاب” في البلاد؛ وقال المدير العام للشرطة الوطنية خورخي لويس فارغاس فالنسيا إنه تم القبض عليهم لمنع الإخلال بالنظام العام أثناء الانتخابات وبعدها. كما قال فارغاس إن لديهم معلومات بأن الخط الأمامي سوف يتحرك إذا تم انتخاب هيرنانديز. في غضون ذلك، رفضت المنظمات الاجتماعية الاعتقالات باعتبارها إستراتيجية لترهيب وقمع أولئك الذين أعربوا عن نيتهم التصويت لصالح بترو.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة