حكم قضائي تاريخي يرفع التجريم عن الإجهاض في المكسيك

مشاركة المقال

بيبلز ديسباتش/ مدار: 10 أيلول/ سبتمبر 2021

بقلم: تانيا وادوا

قضت المحكمة العليا في المكسيك بإجماع قضاتها بأن القوانين التي تعاقب النساء والحوامل على إنهاء حملهن مسألة غير دستورية، وبهذا القرار التاريخي تكون الهيئة القضائية الأعلى في البلاد ألغت التجريم على الإجهاض عبر ربوع التراب المكسيكي..

وقضت محكمة العدل العليا المكسيكية (SCJN)، في 7 أيلول/ سبتمبر، بالإجماع، بتصويت عشرة من القضاة الأحد عشر الحاضرين، بأنه من غير الدستوري معاقبة النساء الحوامل اللاتي يجهضن، لأن ذلك ينتهك حقهن في اتخاذ القرار.

ونظرت المحكمة العليا في البلاد في القضية يوم 6 أيلول/ سبتمبر، بينما تم رفعها في 2018، وتتعلق بالطعن في قانون جنائي في ولاية كواهويلا يعاقب النساء على إنهاء حملهن، وأولئك الذين ساعدوهن، بما يصل إلى ثلاث سنوات من السجن. في ذلك اليوم، صوت ثمانية من القضاة الأحد عشر الحاضرين على إلغاء القانون، وفي اليوم التالي، انضم ثلاثة قضاة آخرين إلى القرار الموسع بشأن هذه المسألة، وأعلنوا عدم دستورية هذه القوانين.

 وأمرت المحكمة حكومة ولاية كواهويلا بإلغاء عقوبات الإجهاض من قانونها الجنائي. كما أسس الحكم التاريخي السبيل لإلغاء تجريم عمليات الإجهاض وإضفاء الشرعية عليها في المستقبل في جميع أنحاء البلاد.

وفي بيان رسمي أوردت المحكمة: “بما أنه تم الوصول إلى أغلبية تتجاوز ثمانية أصوات، فإن أسباب المحكمة تلزم كل قاضٍ في المكسيك، على الصعيدين الفيدرالي والمحلي، على اعتبار أن القوانين الجنائية للكيانات الفيدرالية التي تجرم الإجهاض بشكل مطلق غير دستورية، وكذلك الأمر بالنسبة للنظم الجنائية التي لا تأخذ بعين الاعتبار إمكانية إنهاء الحمل في فترة قريبة من وقوعه، أو القواعد التي تنص فقط على إمكانية الإجهاض كأعذار قاهرة”.

وقال رئيس المحكمة العليا، أرتورو زالديفار، أثناء تلاوة نص الحكم: “اليوم هو يوم تاريخي لحقوق جميع النساء المكسيكيات. إنها نقطة فاصلة في تاريخ حقوق جميع النساء، وخاصة الأكثر ضعفًا”.

وعقب ذلك، في سلسلة تغريدات، هنأ زالديفار المرأة المكسيكية على تحقيق هذا الحق الإنساني المتكامل بعد سنوات من النضال في الشوارع. “لمدة 10 سنوات، كنت أحاجج بأن إنهاء الحمل هو حق أساسي. إن تجريم النساء، وخاصة الأشد فقراً وضعفاً، هو أمر غير عادل وغير دستوري بوضوح”، يكتب زالديفار في تغريدة، وزاد في أخرى: “يوم تاريخي لجميع النساء، وخاصة الأكثر ضعفا. ينتهي التجريم الجائر للمرأة هنا. لن تكون مرة أخرى امرأة في السجن بسبب ممارسة حقوقها أبدا. عناق لكل أولئك الذين جعلوا ذلك ممكنا بفضل كفاحهم لسنوات”.

والإجهاض مقيد بشدة في المكسيك، وهو قانوني فقط في حالة الاغتصاب، كما تسمح بعض الولايات به في حالات أخرى، مثل الخطر الجسيم على حياة المرأة، وتشوه الجنين، والتلقيح الاصطناعي غير الرضائي، والصعوبات المالية، ومع ذلك فهو ليس مضمونًا دائمًا.

ووفقًا للسجلات الرسمية، يتم إجراء ما بين 350.000 و1 مليون عملية إجهاض سنويًا، ويتم تنفيذ ثلث هذه العمليات سرا وفي ظروف غير آمنة.

وقبل صدور هذا الحكم، قامت أربع ولايات فقط، وهي مكسيكو سيتي وأواكساكا وهيدالغو وفيراكروز، بإضفاء الشرعية على عمليات الإجهاض الاختيارية؛ وفي الولايات الـ 28 المتبقية يُعاقب عليها، وتتراوح العقوبات بين فرض الغرامات والسجن.

وبعد صدور هذا القرار، أصبح بإمكان النساء والأشخاص الحوامل في الولايات التي يجرم فيها الإجهاض الخضوع لهذا الإجراء بموجب أمر قضائي.

احتفالات وطنية ودولية

فور الإعلان عن القرار، انتقلت العشرات من المدافعات عن حقوق المرأة ونشطاء حقوق المرأة إلى ساحة نويفا تلاكسكالا العامة، خلف القصر الحكومي، في عاصمة كواهويلا سالتيلو، للاحتفال بهذا المكتسب في الحقوق الإنجابية. ووضع المتظاهرون أوشحة خضراء، رمز الحق في الإجهاض، على تمثال نويفا تلاكسكالا، ورددوا شعارات مثل “الإجهاض لم يعد جريمة” ، “أولاً كواهويلا، ثم المكسيك كلها”، من بين شعارات أخرى.

واحتفلت حركة “ماريا فيردي” (المد الأخضر)، وهي شبكة من المجموعات النسوية في المكسيك، بالقرار التاريخي. وكتب المجموعة النسوية في تغريدة: “اليوم، قالت محكمة العدل الوطنية العليا ‘أنا أدعم النساء’ وأعلنت أن سجنهن بسبب الإجهاض غير دستوري. اليوم صنعنا التاريخ. شكرا لكل امرأة رفعت صوتها من أجلنا جميعًا”.

وأشادت مجموعة المعلومات حول الخيار الإنجابي (GIRE)، وهي جماعة معنية بالحقوق الإنجابية، بالحكم، وقالت في تغريدة على تويتر: “قرار المحكمة العليا هو انعكاس لنضال تاريخي للحركة النسوية من أجل الإجهاض القانوني والآمن والحر. نأمل أن تتمتع النساء والأشخاص الذين لديهم القدرة على حمل طفل في جميع أنحاء البلاد بالظروف والحرية لتحديد مصيرهم الإنجابي”.

ورحب المعهد الوطني للمرأة (Inmujeres) بالقرار، وصرّح بأن “هذا القرار التاريخي يؤسس أسسًا متينة لضمان حق المرأة في اتخاذ قرار ذاتي بشأن جسدها وأمومتها”.

كما رحبت شبكة صحة المرأة في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي بالقرار، واعتبرت أن “هذه سابقة رائعة تسمح لنا بمواصلة السير نحو إلغاء التجريم التام في المكسيك، لكنها تدعو أيضًا البلدان الأخرى إلى التحرك نحو المسار نفسه، حرية المرأة”، وزادت: “نعلن أنه أصبح قانونًا في جميع أنحاء أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي”.

كما رحب وكيل الوزارة لحقوق الإنسان والسكان والهجرة، أليخاندرو إنسيناس رودريغيز، بالحكم، وكتب في سلسلة تغريدات: “يوم تاريخي لحماية حقوق الإنسان في المكسيك. لكل امرأة وحامل الحق في أن يقررن بحرية حياتهن الجنسية والإنجابية. لا ينبغي للدولة أن تتدخل في هذا القرار؛ ناهيك عن استخدام القانون الجنائي لتنظيمه. يقوم هذا الحق على كرامة الإنسان، والحق في الصحة، والحياة الخاصة، والحرية الإنجابية، والاستقلالية، والتنمية الحرة للشخصية. يجب أن تكون كل امرأة حامل قادرة على اختيار ما إذا كانت تريد أن تكون أماً أم لا، وكم عدد الأطفال الذين يجب أن تنجبهم ومتى”.

وأضاف إنسيناس: “من خلال هذه المؤسسة، سنشجع المديرين التنفيذيين والهيئات التشريعية على جعل حق اتخاذ القرار فعالاً في جميع أنحاء البلاد”، وشدد على أنه “من الضروري ليس فقط إلغاء تجريم الإجهاض، ولكن أيضًا ضمان الوصول المجاني والآمن إليه”.

كما رحب مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان في المكسيك بالقرار، مبرزا أنه “يصادق على التزام المحكمة بحقوق المرأة في المكسيك”، ودعت الهيئة الأممية إلى “تطبيق هذا المعيار في جميع أنحاء البلاد، وعدم تجريم أي امرأة مرة أخرى لإنهاء حملها بما يتماشى مع المعايير الدولية”.

ويعد إلغاء تجريم الإجهاض في المكسيك انتصارًا بارزًا لحركات حقوق النساء في جميع أنحاء أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي؛ ويتم تنظيم هذا الحق الأساسي من حقوق الإنسان بشكل كبير في جميع أنحاء المنطقة. ومن بين 33 دولة في المنطقة، تسمح فقط كوبا وغيانا وأوروغواي والأرجنتين بالإجهاض الاختياري، وفي بلدان مثل جمهورية الدومينيكان والسلفادور وهندوراس ونيكاراغوا يُحظر الإجهاض ويعتبر جريمة.

وفي السنوات الأخيرة، وخاصة بعد الانتصار التاريخي في الأرجنتين العام الماضي، اكتسبت المطالبة بحقوق الإجهاض زخمًا في جميع أنحاء المنطقة، وأصبحت الجماعات النسوية وحركات حقوق المرأة أكثر إصرارًا في المطالبة بهذه الحقوق وتحقيقها. إن تحقيق الأمر نفسه في المكسيك سيعطي بالتأكيد قوة جديدة للحركة النسوية.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة