جنوب إفريقيا.. حركة سكان الأكواخ يواصلون النضال بمؤتمر ناجح

مشاركة المقال

مدار: 16 كانون الأول/ ديسمبر 2021

بعد الهجمات التي تعرضت لها أبهلالي بازمجندولو طيلة الفترة التي عمرت فيها الجائحة، والتي شهدت اعتقالات ومتابعات في صفوف الحركة قصد إضعافها، تجاوزت كل هذه المعيقات متوجة ذلك بمؤتمرها الوطني.

ويعتبر مؤتمر حركة سكان الأكواخ في جنوب إفريقيا، قاعدة (AbahlaliMjondolo AbM)، الذي عقد في 28 نونبر/ تشرين الثاني، تمهيدا لمستقبل الحركة، بحيث تركزت النقاط التي تم تناولها حول موضوعي العمل الجماعي لانتزاع الأراضي، وبناء مشاريع مجتمعية ذاتية مستدامة لتحقيق السيادة الغذائية، اللذين يعتبران بالنسبة للحركة ضرورة، وهو ما عبر الأمين العام المنتخب حديثًا للحركة، ثاليبو موهابي، إذ قال: “الدولة خذلتنا، نحن بحاجة إلى بناء بديل من القاعدة إلى القمة للحفاظ على أنفسنا”.

وتناول المؤتمر الهجمات المتصاعدة التي استهدفت الأراضي المنتزعة – لاسيما إيخانانا التي كانت تضم مشاريع تربية الدواجن والزراعة الجماعية، والتي تعتبر بمثابة نموذج، مشيرا إلى أن المنظمة “مستعدة للدفاع على مختلف الأراضي التي تمثل سبيلا مجتمعيا للناس لإعالة أنفسهم”.

وقال موهابي، خلال حوار أجراه معه موقع “بيبل ديسباتش”: “كلما تمكن الناس من إيجاد طريقة لإعالة أنفسهم في هذه الأوقات الصعبة، عبر مشاريع مجتمعية، تعمل حكومة المؤتمر الوطني الإفريقي (ANC) في المقابل على تدمير هذه المشاريع وإجبار الناس على الاعتماد عليها من أجل البقاء، لكننا سنقاوم”، مضيفا: “سنحشد الجماهير من القاعدة ونستخدم كل الوسائل الضرورية للدفاع عن أنفسنا”.

وأضاف موهابي: “في خضم الهجمات التي تشنها الدولة وشرطتها وأتباع حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم، نواصل تعزيز دور حركتنا”، مشيرا إلى أهمية إفراز المؤتمر مجلسا وطنيا جديدا لقيادة الحركة على مدى السنوات الثلاث المقبلة. كما أن من النقاط التي تذاكرها المؤتمر وأخذ فيها قرارات كون العمل الجماعي يجب أن يشمل أيضا التأثير في الانتخابات لتعزيز القوة الانتخابية قصد هزيمة حزب المؤتمر الوطني الإفريقي وتقوية أحزاب الطبقة العاملة.

كما أورد الأمين العام الجديد: “هذه المرة قررنا أن نحدد بشكل جماعي في الجمعية العامة أي حزب من الطبقة العاملة يجب أن ندعمه، ثم نتأكد من أننا نصوت جميعا بالإجماع لتوحيد أصواتنا واستخدامها لتقوية هذا الحزب، حتى يتمكن من تنفيذ التفويض الذي سيتم إعطاؤه له من الفقراء والمهمشين”.

وبدأ التوحيد الانتخابي ضد حزب المؤتمر الوطني الإفريقي بالفعل في إظهار النتائج، كما عبر عن ذلك موهابي، مشيرا إلى نتيجة الانتخابات البلدية في نونبر/ تشرين الثاني 2021، التي حصل فيها حزب المؤتمر الوطني الإفريقي لأول مرة على أقل من 50% من الأصوات، وخسر المدن الكبرى.

والأهم من ذلك، حسب المتحدث ذاته، أنه “كان على حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الدخول في ائتلاف في بلدية إيخينانا، التي كانت معقله”، وزاد: “إن دعوتنا إلى التصويت ضد حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، في هذه المقاطعة حيث يوجد أيضا معقل للأبهلالي، كلفت حزب المؤتمر الوطني الإفريقي خسارة كبيرة في الدعم”.

وفي الأخير لم يفت الأمين العام الجديد الإعراب عن امتنانه للتضامن الذي تلقته الحركة من المنظمات في جميع أنحاء العالم، مشيرا إلى أن “نضالنا ليس صراعا يحدث فقط في جنوب إفريقيا، بل إن الاستيلاء على الأراضي من قبل الشركات المملوكة للدول الإمبريالية ينزع ملكية السكان الأصليين والفقراء في العديد من البلدان في أمريكا الجنوبية”، مردفا: “العديد من الشركات تشارك أيضا في الاستيلاء على موارد الأفارقة .. [] لا نقاتل فقط ضد الرأسمالية في جنوب إفريقيا، لكننا نرى أن لدينا دورا يجب أن نلعبه في النضال من أجل التفكيك الكامل للرأسمالية الإمبريالية كنظام عالمي”.

مقتطف من المقابلة:

بييل ديسباتش: ما الأهمية التي يمثلها المؤتمر بالنسبة لأعضاء أبهالي ببازمجندولو؟.

ثاليبو موهابي: هذا المؤتمر يظهر الديمقراطية التي تؤطر اشتغالنا، فالناس الذين منحونا التفويض هم من انتخبوا المجلس الوطني الجديد، ونحن نقوم بذلك كل ثلاث سنوات في إطار ديمقراطي، وفي تعبير عن أن  أصوات الناس أهم من أصوات القادة الفرادى. تتمتع الجماهير بسلطة انتخاب القيادة كل ثلاث سنوات، والجماهير هي التي ستحمل القيادة تفويضها خلال السنوات الثلاث المقبلة.

بييل ديسباتش: تجديد مؤسسات الحركة يأتي في وقت تواجهون حملة قمع غير مسبوقة، ما هي الرسالة التي تريدون إرسالها إلى الدولة والقوى الأخرى التي تقف ضد الحركة؟.

ثاليبو موهابي: نحن أولا وقبل كل شيء نريد التأكيد من خلال عمليتنا هذه على مدى احترامنا وإيماننا بقوة الديمقراطية المنبثقة من القاعدة. في خضم الهجمات التي تشنها الدولة وشرطتها وأتباع حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم، مازلنا في صراع متواصل من أجل إظهار قوة الحركة، التي تعتبر نقيضا ومخالفة تماما للممارسات التي تعمل الحكومة على فرضها على جنوب إفريقيا. لم يصوت سوى ما بين 40 و50% من الأشخاص المسجلين للتصويت في الانتخابات الأخيرة، ومعظم الأشخاص المؤهلين للتصويت لم يسجلوا حتى.

من ناحية أخرى نحاول تسليط الضوء على الممارسة الديمقراطية الحقة، فقد تم إحصاء أصوات أكثر من مائة ألف عضو من أعضاء أبهلالي في المؤتمر، لكن نظرا لعدم قدرتنا جميعا على التجمع في مكان واحد معا كان هناك 400 مندوب تم اختيارهم من قبل الدوائر الانتخابية للفروع وانتدابهم إلى المؤتمر بتفويض للتصويت (وفقًا لإرادتهم).

بييل ديسباتش: كانت أراضي إيخينانا في قلب الهجمات الأخيرة على الحركة. ما هي الاستنتاجات التي توصل إليها الكونغرس في ما يتعلق بالنضال في إيخينانا؟.

ثاليبو موهابي: لقد سبق وتناول المؤتمر السياسي الذي عقد قبل المؤتمر أن أبهلالي مستعدة للدفاع عن مختلف الأراضي التي تمثل السبيل الوحيد والمجتمعي للناس من أجل إعالة أنفسهم. سنحمي حركتنا من الهجمات ومن المتربصين الذين يريدون تدمير الأمل الذي قدمته إيخينانا.

سنذهب إلى المحكمة إذا لزم الأمر، كما أننا سنفعل كل ما يلزم لحماية أي احتلال تقدمي. في ظل الأوقات الحالية الصعبة فإنه كلما وجد الناس طريقة لإعالة أنفسهم إلا ووجدوا الحكومة متمثلة في حزب المؤتمر الوطني الإفريقي في وجههم تعمل على تدمير هذه المشاريع وإجبار الناس على الاعتماد عليها من أجل البقاء. لكننا سنقاوم. سنحشد الجماهير ونستخدم كل الوسائل اللازمة للدفاع عن أنفسنا.

بييل ديسباتش: ما هي القرارات الأخرى التي صدرت عن المؤتمر؟.

ثاليبو موهابي: من بين القرارات التي تم اتخاذها أننا سنقوم بتقوية حركتنا لبناء مجتمع عادل ومتساوٍ، حيث يُعامل الناس بكرامة بغض النظر عن لون بشرتهم أو جنسيتهم أو وضعهم الاجتماعي والاقتصادي. ولتحقيق ذلك سنقوم بتقوية حركتنا ونزيد عضويتنا بين الجماهير من المائة ألف الحالية إلى نصف مليون، بالإضافة إلى توسيع فروعنا. كما سنعمل على تعزيز وتنظيم أسلوب حياة مشترك حتى يصبح الناس مكتفين ذاتياً، وسنواصل العمل على موضوع السيادة الغذائية لأن الدولة قد خذلتنا. نحن بحاجة إلى بناء بديل من القاعدة إلى القمة للحفاظ على أنفسنا.

كما قررنا أنه عندما تكون هناك انتخابات، على المستوى الوطني أو المحلي، لا ينبغي لنا التصويت كأفراد في اتجاهات مختلفة. نحن بحاجة للتصويت بشكل جماعي في اتجاه واحد لتعزيز سلطتنا، وهذا سيتأتى من خلال عملنا مع الأحزاب السياسية للطبقة العاملة التقدمية، نحن الآن نمتلك أكثر من مائة ألف صوت حاليا – وهذا العدد بالطبع سيزداد أكثر – سيتم التعامل معها بالشكل الصحيح.

بييل ديسباتش: ألم تتخذ الحركة موقفا مؤيدا لأي حزب سياسي قبل هذا المؤتمر؟.

ثاليبو موهابي: في الانتخابات العامة السابقة، دعمت أبهلالي حزب العمال الثوري الاشتراكي، لكن قيل للأعضاء إن بإمكانهم التصويت انطلاقا من اختياراتهم الشخصية، ما جعل الأصوات تتشتت، وهذا يضعف قوتنا. في هذه المرة قررنا أننا سنحدد بشكل جماعي في الجمعية العامة أي حزب من الطبقة العاملة يجب أن ندعمه، ما يضمن لنا أن نصوت جميعا بالإجماع لتوحيد أصواتنا واستخدامها لتقوية هذا الحزب، حتى يتمكن من تنفيذ ما يمكن أن يكون في صالح الفقراء والمهمشين.

كما وجهنا الدعوة إلى الجميع قصد التأكد من أن أعضاءنا لن يصوتوا لصالح حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم. نحن مقتنعون بأن شعبنا يجب ألا يصوت لصالح من يقبرهم. تحت حكم حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الذي دام 27 عاما، استمر الناس في المستوطنات العشوائية في العيش في فقر مدقع، في ظل ظروف غير إنسانية. إذن لماذا يجب أن نصوت لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي ونمنحه تفويضا لمواصلة إدارة البلاد؟.

بييل ديسباتش: بيان الحركة الذي تلا المؤتمر ينص أيضا على أن “القوة التي تمكنا من بنائها على مر السنين بدأت تؤتي ثمارها”، هل يمكنك التفصيل؟.

ثاليبو موهابي: يظهر ذلك في نتيجة الانتخابات الأخيرة (البلدية في نونبر 2021، عندما حصل حزب المؤتمر الوطني الإفريقي لأول مرة على أقل من 50% من الأصوات وخسر المدن الكبرى). وخسر حزب المؤتمر الوطني الإفريقي أموالا طائلة في هذه الانتخابات. الأهم من ذلك أنه كان على حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الدخول في ائتلاف في بلدية إيخينانا، التي كانت معقله، لكن دعوتنا إلى التصويت ضده كلفته غاليا. في هذه المقاطعة، حيث تتمتع أبهلالي أيضا بتواجد قوي، مني المؤتمر الوطني الإفريقي بخسارة كبيرة. يصوت الناس الآن بوعي أكبر، ويقولون إننا لن نصوت لقبرنا ولن نصوت لأولئك الذين خانوا كفاح نيلسون مانديلا.

بييل ديسباتش: لاحظ المندوبون الذين حضروا المؤتمر “تغييرا مهما من حيث نظرة الجمهور العام إلى الحركة”. ما الذي تغير في تصوركم العام؟.

ثاليبو موهابي: خلال الاضطرابات الأخيرة كانت هناك العديد من القوات التي ترتكب أعمال عنف، لكن أبهلالي عملت من أجل استتباب الهدوء والسلام في المحافظة، وشهد هذا الدور الذي لعبناه استحسان أصحاب الأعمال الصغيرة والطبقة الوسطى والليبراليين الذين أشادوا به، لذا فإن التصور حول حركتنا يتغير في منظور عامة الناس.

عند انجلاء ضباب الاضطرابات أدركت مجموعة من قطاعات المجتمع أهمية نضالنا لضمان التوزيع العادل لموارد البلاد، ولضمان عدم تعرض أي طفل للجوع، وأن يتمتع أولئك الذين ليس لديهم طعام بالحق في الاستفادة من أراض للعيش وإنتاج الغذاء من أجل بقائهم؛ لقد فهموا قيمة عمل أبهلالي في ضمان عدم إجبار الفقراء السود على العنف ضد بعضهم البعض.

بييل ديسباتش: في إطار تهنئة الحركة على مؤتمرها، أعربت العديد من النقابات العمالية والمنظمات الشعبية والأحزاب السياسية اليسارية في منطقة الجنوب الإفريقي عن تضامنها، بالإضافة إلى المنظمات خارج القارة وفي أمريكا اللاتينية وأماكن أخرى، والتي أظهرت تضامنها مع الحركة باستمرار. أين ترى موقع أبهلالي في الصراع الطبقي العالمي؟.

ثاليبو موهابي: التضامن الأممي الذي اكتسبناه أمر أساسي بالنسبة لنا. يظهر رفاقنا في جميع أنحاء البلاد، في منطقة إفريقيا والعالم، تضامنهم من خلال الاحتجاجات والمظاهرات خارج سفارات جنوب إفريقيا، في كل مرة نواجه فيها قمعا هنا. نحن نقدر ذلك حقا ونريد إنشاء هذه الروابط، لأن صراعنا ليس صراعا يحدث فقط في جنوب إفريقيا.

إن الاستيلاء على الأراضي من قبل الشركات المملوكة للبلدان الإمبريالية يؤدي إلى انتزاع ملكية السكان الأصليين والفقراء في العديد من البلدان، وبالخصوص في أمريكا الجنوبية. كما تقف العديد من هذه الشركات وراء الاستيلاء على موارد الأفارقة. علينا أن نعمل سويا مع الرفاق في جميع أنحاء العالم، لأننا لا نحارب الرأسمالية في جنوب إفريقيا فحسب، بل نلعب دورنا في النضال من أجل التفكيك الكامل للرأسمالية الإمبريالية كنظام عالمي.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة