جنوب إفريقيا.. تاريخ طويل من اغتيال النشطاء

مشاركة المقال

نيو فرايم/ مدار: 17 مايو/ أيار 2022

لقد أصبح القتل السياسي أداة من الأدوات الأكثر شيوعا من أجل فرض السيطرة في جنوب إفريقيا، لذا بات من الضروري محاولة تفكيك مسببات الأمر من أجل النضال في سبيل دحره.

كانت سنة 2000 شاهدة على إذاعة الشرطة للمرة الأولى نبأ مقتل متظاهر أعزل بعد فترة الفصل العنصري، ويتعلق الأمر بمايكل مخاباني، وهو طالب في جامعة ديربان-ويستفل، أردي بالرصاص في خضم احتجاجات تخص مشكلة الطرد، وكانت أولى ردود الفعل قادمة من وسائل الإعلام التي حاولت تشويه سمعة الطلاب وتقديمهم بشكل أساسي على أنهم برابرة قاموا باختراق البوابات، وهو الأمر الذي أريد منه إلصاق المشكلة بهم لا بالشرطة.

بعد تلك الواقعة، قتل المتظاهرون بشكل متزايد على يد الشرطة، كما أن الأمر عرف مسارا تصاعديا بشكل متزايد منذ عام 2004، وهو العام الذي بدأت فيه الاحتجاجات التي تمت تسميتها “احتجاجات انعدام الخدمات”، التي عرفت صمتا عن مقتل المراهقين دينيس ماثيبيثي ونهلانهلا ماسوكو في كاثليهونج. لكن الأمر لم يكن مماثلا حين قتل تيبوجو مخونزا، وهو أيضا مراهق، في مظاهرة في إنتابازوي، هاريسميث، نظرا للحجم الهائل للاحتجاج. ورغم أن القتيلين كانا مراهقين إلا أن الأخبار المتداولة عن أن الشرطة باعتبارها جهات فاضلة لن تقتل إلا لسبب وجيه كانت ما تزال طاغية على وسائل الإعلام ومنصات التواصل التي يسيطر عليها النظام.

لقد كان العام نفسه شاهدا على تحول تعذيب النشطاء على يد الشرطة أمرا علنيا للمرة الأولى، وتزامن ذلك مع تنظيم الحركة الشعبية لمن لا أرض لهم احتجاجات سلمية في سويتو يوم 14 أبريل، يوم الانتخابات، تحت شعار “لا أرض! لا تصويت!”، وهو الأمر الذي أدى إلى اعتقال 57 شخصا قبل أن تقوم الشرطة بتعذيب بعضهم في المخافر.

وعرفت سنة 2005 مقتل نوبي نغومباني، رئيس وحدة مراقبة وتقييم سياسة حكومة الولاية الحرة، في بلومفونتين. وكان نغومباني، الذي تم الافتراء عليه في البداية في وسائل الإعلام، موظفا حكوميا لطالما عرف بمعارضته للمافيات السياسية في المقاطعة التي يعمل بها، قبل أن يتم اغتياله في منزله أمام ابنته زانديل البالغة من العمر خمس سنوات، التي توفيت بعد ذلك منتحرة عام 2018.

لقد بدأ اغتيال النشطاء المستقلين في 2006، إذ دعم مجموعة من نشطاء الحزب الشيوعي الجنوب إفريقي مرشحا مستقلا في الانتخابات المحلية لديربان، وهو الأمر الذي جعلهم يخرجون في احتجاجات في 2 مارس/ آذار، يوما واحدا بعد الانتخابات، ضد ما اعتبروها مخالفات سافرة شابت العملية الانتخابية، ما تعاملت معه الشرطة من خلال إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين، فقتلت مونيكا نغكوبو، مواطنة كانت في طريقها للعمل كنادلة في واجهة ديربان البحرية، وتبلغ من العمر 19 ربيعا، وزعمت الشرطة أنها أصيبت برصاصة في صدرها أثناء رشقها إياهم بالحجارة، وهو الأمر الذي تبين في ما بعد أنه مجرد مزاعم، بما أنها أصيبت في ظهرها من مسافة قريبة.

بعد مدة قصيرة من ذلك، قتل اثنان من قادة هذه الاحتجاجات بالرصاص الحي، وهما سينثيمبا ميني في 12 أبريل/ نيسان، ومازوي “كومي” زولو في 3 ماي/ أيار.

كما عرف عام 2008 اغتيال سكوربيون ديمان، الناشط المناهض للتعدين، في مبيزانا، في فترة كانت تشهد التقاطعات بين النخب السياسية والمحلية والسلطات التقليدية ورأس المال المنجمي عديد الاغتيالات، التي لم يتم توثيقها بالكامل أو حتى إعطاؤها حيزا من التغطية.

نقطة تحول

في وقت كانت عمليات اغتيال المتظاهرين العزل على أيدي الشرطة في منحى تصاعدي، لم تكن وسائل الإعلام تولي أي اهتمام لذلك، مختصرة الأمر في تسجيل الوفيات بشكل خاطف، مع جملة أو جملتين على أبعد تقدير.

 لقد أصبحت عمليات القتل في حق المتظاهرين على أيدي الشرطة أحداثا اعتيادية منذ العام 2011، وهو العام الذي تم فيه عرض لقطات فيديو قتل الشرطة لأندريس تاتاني أثناء احتجاج في فيكسبيرغ في الأخبار التلفزيونية، ما تسبب في فتح النقاش حول القمع السياسي الذي يتم على أرض الواقع.

لكن رغم الصدمة التي أحدثها مقتل تاتاني المتلفز ومذبحة الشرطة المتلفزة لـ34 من عمال المناجم المضربين في ماريكانا في العام التالي، لا توجد إلى حدود الآن قائمة شاملة بالمحتجين الذين قتلوا على يد الشرطة بعد الفصل العنصري. إن العدد بالتأكيد أكثر بكثير من المائة، لكننا لا نعرف عدد من قتلوا أو حتى أسماء جميع الذين تم تسجيل وفاتهم في التقارير الإعلامية، ما يدل على المشاعر اللاديمقراطية التي تهيمن على المجتمع.

لم يحظ اغتيال كيفن كونين، الناشط المناهض للتعدين في كوازولو ناتال، شمال كوازولو ناتال، باهتمام كبير خارج دوائر النشطاء عام 2012، ورغم ذلك، وفي العام نفسه، تمكن الحزب الشيوعي من لفت الانتباه إلى مقتل بومبر نشانغازي، زعيم الحزب في مبومالانجا، المعروف بمعارضته الصريحة للفساد، وفتح نقاش حول حيثيات الأمر.

لكن اغتيال ثيمبينكوسي كومبيلا في كاتو كريست، ديربان، في العام التالي حظي باهتمام أكبر بسبب الشخصية الديناميكية والكاريزمية التي كان يعرف بها، لاسيما أنه كان معروفا بتنقله من حزب سياسي إلى آخر، خصوصا أنه كان له تاريخ في ما يخص الاحتجاجات، فقد صدم النخب المحلية عام 2005 من خلال قيادة مسيرة ضخمة إلى الطريق السريع الرئيسي المؤدي إلى ديربان في يوم الحرية، بهدف منع موكب ثابو مبيكي من الوصول إلى الملعب حيث كان من المقرر أن يتحدث.

بالإضافة إلى ذلك، وفي عام 2012، تم اغتيال أنديل ماتشايا، المدقق الداخلي في وزارة النقل في بيترماريتسبورغ، وهو المصير نفسه الذي لاقاه مدققان آخران، هما لورانس مويبي في مكتب الحماية العامة في جوهانسبرج، وموزيس تشاك في وزارة الزراعة والتنمية الريفية في الولاية.

قناعات غير عادية

لقد كان 2012 العام الذي بدأت فيه اغتيالات نشطاء قاعدة أبهلالي، من خلال اغتيال نكولوليكو جوالا، وفي العام نفسه قامت الشرطة بإطلاق النار على مظاهرة نظمها فرع محلي في أباهلالي في كاتو كريست، وقتلت نكوبيلي نزوزا البالغة من العمر 17 عاما.

وكالعادة قامت الشرطة بتكذيب الأمر، مدعية أن أفرادها “أُجبروا” على إطلاق النار أثناء تعرضهم للهجوم، وتبين في ما بعد أنهم أطلقوا النار على نزوزا من الخلف أثناء هروبها. وفي تطور غير معتاد، أدين ضابط شرطة في وقت لاحق وسجن لارتكاب جريمة القتل هذه.

في العام التالي، 2013، خسرت أباهلالي بازمجندولو زعيما بارزا آخر عندما اغتيل ثولي ندلوفو في بينتاون بالقرب من ديربان، وهو الأمر الذي تسبب في إدانة اثنين من أعضاء مجلس المؤتمر الوطني الإفريقي بتهمة القتل، وسجنا. كما شهد العام نفسه مقتل الناشط المحلي في الحزب الشيوعي في بينتاون.

شهد العام 2014 مقتل كل من نجابولو نديبيلي، سيبونيلو نتولي، نتوبيكو مافومولو، قادة الاتحاد الوطني لعمال المعادن في جنوب إفريقيا في إيسثيبي، كوازولو ناتال، بالإضافة إلى مبويسيلو باجانا منغوني، رئيس قطاع الكيماويات والطاقة والورق والطباعة في الولاية، الذي كان مقربا من اتحاد عمال المعادن.

وفي أغسطس 2016، تنافس الحزب الشيوعي ضد حزب المؤتمر الوطني الإفريقي في إنتشانغا، كوازولو ناتال، في انتخابات الحكومة المحلية، وتمكن من تحقيق الفوز بشكل حاسم، ولكن بتكلفة باهظة، فقد أفاد الحزب بأن سبعة من أعضائه تعرضوا لـ “الإعدام بالرصاص”.

 وتشير تقارير إلى أن العدد الإجمالي للقتلى يصل إلى 12، مع تحدثها عن أنه تم ضمن رد الفعل قتل أحد أعضاء حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، لكن التفاصيل غير دقيقة.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة