جنوب إفريقيا.. احتجاجات من أجل الغذاء تتحول إلى اضطرابات واسعة، وسط اتهامات لأنصار زوما

مشاركة المقال

مدار + مواقع: 14 تموز/ يوليو 2021

تعيش جنوب إفريقيا على وقع حالة من الغليان في ظل الخصاص الهائل في المواد الغذائية والصحية، الأمر الذي دفع مواطنين إلى الخروج إلى الشوارع احتجاجا على الوضع القائم.

وتصاعدت حدة الاحتجاجات في الأيام القليلة الماضية ببلاد نلسون منديلا، لاسيما في ظل المقاربة الأمنية التي انتهجتها السلطات من أجل السيطرة على الأوضاع من خلال نشر تعداد مهم من القوات الأمنية في الشوارع، بالإضافة إلى الاستعانة بآلاف الجنود لإحكام قبضتها الأمنية.

لقد عرف الوضع في جنوب إفريقيا منذ سنين تدهورا كبيرا، الأمر الذي دفع مختلف المنظمات إلى التحذير من تبعات ذلك، لاسيما عندما يتعلق الأمر بالتفاوت الذي أحكم سيطرته على المجتمع الجنوب إفريقي، مؤديا بذلك إلى بروز فجوة كبيرة بين مختلف فئات المجتمع.

وفي مقابل هذا الواقع الصعب، ظهرت بعض الظواهر الاجتماعية التي أجبرت فئات من المجتمع على اللجوء إلى العنف من أجل توفير قوت يومهم، وهو الأمر الذي تعاملت معه السلطات بكل وحشية، جاعلة منه شماعة من أجل توطين المقاربة الأمنية ضد كل الاحتجاجات المنادية بالتغيير.

محاولة تحويل الاحتجاجات لصالح زوما

بعد أسابيع من الاحتجاجات التي سادت مختلف أنحاء البلاد، واتخذت أشكالا سلمية، استغل مناصرو زوما الوضع من أجل تحويل منحى الاحتجاجات وإبرازها على أنها تأتي نصرة لزعيمهم، الذي حكم طيلة سنين جنوب إفريقيا، وكان سببا في الفقر الذي يعيشه الشعب من خلال سياساته، ليحولوا مختلف التجمعات إلى أشكال أوسع من الاستيلاء والدمار، شارك فيها العديد من الأثرياء، إلى درجة أنه في بعض المناطق شارك حسب السكان مجرمون معروفون، غالبًا لهم صلات بالسياسات المحلية لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي والمصالح التجارية المرتبطة بها، في الاضطرابات.

ومع تحول الاحتجاجات، التي خرجت في البداية من أجل الطعام، إلى أعمال شغب، استغلتها القوات الأمنية من أجل تبرير قمعها، الأمر الذي أدى إلى سقوط قتلى وتدمير سبل العيش وتصاعد الحلقة الطويلة من الصدمات الاجتماعية، بالإضافة إلى اتساع جميع أنواع الانقسامات الاجتماعية القائمة. وفي ظل تدهور الأمور تجمع الناس لتنظيم أمنهم.

وفي خضم التعامل الوحشي من الشرطة ارتفع عدد القتلى حسب الأرقام التي تم تناولها إلى 45 شخصا، بعضهم قضى متأثرا بأعيرة نارية، بينما تم اعتقال 750 شخصا، وهو الأمر الذي اعتبره وزير الشرطة بيكي سيلي تجسيدا لثقته في أن وكالات إنفاذ القانون قادرة على القيام بعملها بنجاح.

وفي ظل الوضع الوبائي المستفحل منذ انتشار الوباء لم يفوت وزير الشرطة الفرصة دون إلقاء اللوم على المحتجين من خلال تصريحه في مؤتمر صحافي بأن “الوضع الحالي على الأرض يخضع لمراقبة شديدة”، وزاد: “سوف نضمن أنه لن يتدهور أكثر، إضافة إلى أن الاضطرابات تهدد بنقص حاد في الأدوية والمواد الغذائية في جميع أنحاء جنوب إفريقيا”.

تحذيرات سابقة تناولت مآل الأمور في البلاد

حذر بو زيكودي، زعيم أباهلالي مجوندولو، وهي من أكبر الحركات التي تتبنى مطالب الفقراء وظهرت عام 2008، من أن “غضب الفقراء يمكن أن يذهب في اتجاهات خطيرة”، وهو الأمر الذي تحقق بالفعل، ونرى حاليا تبعاته في الشارع، فبعد مضي وقت قصير على إدلائه بهذا التصريح لأول مرة تعرض مهاجرون وأقليات عرقية للهجوم وطردوا من ديارهم وقتلوا في أجزاء مختلفة من البلاد.

لم يكن زيكودي الشخص الوحيد الذي أصدر هذا النوع من التحذير، فطيلة سنوات حذر نشطاء شعبيون من أن شيئا ما سوف ينفجر، لكن الدولة ومجتمع الطبقة الوسطى لم يلقيا بالا لمثل هذه التحذيرات، واستمرت معاناة ملايين الأشخاص الذين يجب أن يعيشوا بدون عمل وبدون منازل لائقة ودون أن يكونوا قادرين على تلبية احتياجاتهم الأساسية كالطعام.

كما تناولت هذه التحذيرات اللامبالاة تجاه العنف المتزايد الذي يُحكم به الفقراء، فقد قُتل أشخاص بشكل منتظم على أيدي الشرطة في احتجاجات الشوارع، وأثناء عمليات الإخلاء وقطع الاتصال، واغتيل النشطاء، دون أي شعور بوجود أزمة اجتماعية عامة.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة