مدار+ وكالات: الخميس 08 أبريل/ نيسان 2021
نظم عشرات المحتجين، يمثلون مختلف أطياف المجتمع المدني، وقفة أمام مقر السفارة الإيطالية في تونس العاصمة، في خطوة أريد من ورائها إعادة التأكيد على الوقوف في وجه المحاولات المتتالية من أجل إدخال النفايات المنزلية التي يتم استيرادها من إيطاليا.
وتقبع منذ يوليوز الماضي في ميناء تونس ما يقارب 212 حاوية، محملة بالنفايات المنزلية القادمة من إيطاليا، في صفقة أسالت الكثير من المداد، وأدت إلى إقالة وزير البيئة وتحويله إلى التحقيق، بالإضافة إلى مجموعة من المسؤولين الحكوميين والقائمين على قطاع الجمارك.
وتعود الواقعة إلى يوليوز الماضي، حيث قامت شركة خاصة تدعى “صوروبلاست” باستيراد مجموعة من الحاويات، في إطار اتفاق تم توقيعه في نابولي الإيطالية. والهدف كان حسب ما كانت الشركة تروج له أن تتم معالجة بعض المواد البلاستيكية وإعادة تصديرها لإيطاليا، لكن بعد تسريب بنود الاتفاق واطلاع وسائل الإعلام على حيثيات الموضوع، تبين أن الأمر يتعلق باستيراد نفايات منزلية قصد التخلص منها في تونس.
وشهدت القضية بعد أن تم تداولها في الأوساط العامة شدا وشذبا، فبعد أن ادعت الشركة المستوردة للنفايات أن الهدف هو التدوير، تم تكذيبها من خلال بعد البنود الموقعة، ثم انضاف نفي الوزارة المكلفة بالبيئة أن يكون لها أي علم بمضمون الاتفاق، لتأتي إقالة الوزير وتحويله للتحقيق. كما أن الشحنات التي تم استيرادها يحظر على تونس توريدها وعلى البلدان الأوروبية تصديرها إلى البلدان الإفريقية، بموجب القانون الدولي والمعاهدات الدولية التي تصفها بـ”الخطرة”.
وتحاول السلطات التونسية، بعد أن تم تداول الخبر بشكل كبير، لملمة الأمور من خلال اللقاءات التي يتم عقدها مع الطرف الإيطالي في سبيل إيجاد تسوية للأمر. وقد تطرق وزير الخارجية التونسي، عثمان الجرندي، في إطار لقائه مع نظيره، لويجي دي مايو، في خضم زيارته إلى روما، لملف إرجاع النفايات الإيطالية إلى مصدرها، دون صدور قرار بأي إجراء بهذا الخصوص.
وتأتي هذه الفضيحة بعد التحذير الذي أطلقته الإنتربول في تقرير صدر في غشت/آب الماضي، من الارتفاع الكبير لشحنات نفايات البلاستيك غير القانونية منذ عام 2018.
كما تعد هذه الفضيحة واحدة من ضمن المئات التي تعاني منها تونس والقارة الإفريقية بشكل عام، بسبب هذا السوق الذي أصبح يتوسع باستمرار، لاسيما أن معظم البلدان المصدرة لهذه الأنواع من النفايات تحاول في كل مرة إدراجها ضمن المواد القابلة لإعادة الاستعمال وتصديرها على أساس أنها مساعدات قابلة للتدوير.
فمثلا في نيجيريا وحدها، حسب الوكالة الأمريكية لحماية البيئة، وصلت كمية النفايات الإلكترونية التي تم استيرادها بين سنتي 2015 و2016 إلى 16900 طن، ما جعل من البلاد أكبر سوق للنفايات الإلكترونية في إفريقيا. كما أن الولايات المتحدة وحدها قامت بتصدير حوالي 500 مليون طن من النفايات البلاستيكية المصنفة على أنها قابلة “لإعادة التدوير”، وكان لإفريقيا نصيب الأسد منها.
لقد أصبح تصدير النفايات إلى الدول الفقيرة أمرا رائجا، خصوصا في ظل تواطؤ الحكومات، الأمر الذي يؤدي إلى تدمير المناخ البيئي للبلدان المستقبلة. كما أن الطريقة التي يتم التعاطي فيها مع هذه النفايات من خلال إتلافها بالطرق البدائية يجعل من الأمر مشكلا دوليا، لما له من تأثير على المناخ بشكل عام، وهو ما دفع الاتحاد الأوروبي إلى إخراج قرار بعدم تصدير النفايات البلاستيكية إلى الخارج، خصوصا إلى الدول الإفريقية. لكن رغم القرار يبقى الالتفاف عليه وارد الحدوث بصفة كبيرة.