تصاعد حملات الاعتقال والإخفاء القسري في الضفة والقطاع

مشاركة المقال

مدار: 16 كانون الثاني/ يناير 2024

تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ حملات الاعتقال الممنهجة، كإحدى أبرز السياسات الثابتة، والتي تصاعدت بشكل غير مسبوق بعد عملية “طوفان الأقصى”، ليس فقط من حيث مستوى أعداد المعتقلين، وإنما من حيث مستوى الجرائم التي ارتكبتها، إلى جانب الاقتحامات لمنازل أهالي المعتقلين، والتي يرافقها عمليات تخريب وتدمير واسعة.

وييلغ عدد إجمالي الأسرى في سجون الاحتلال حتّى نهاية شهر كانون الأول/ ديسمبر 2023، 8800، بينهم أكثر من 3290 معتقل إداري، مع الإشارة إلى أنّ عدد الأسرى قبل السابع من أكتوبر بلغ ما يقارب 5250، فيما كان عدد المعتقلين الإداريين نحو 1320.

وتصدّر الاعتقال الإداريّ، المشهد مع إصدار أكثر من 2856 أمرًا، بعد السابع من أكتوبر، ليرتفع عدد المعتقلين الإداريين في سجون الاحتلال إلى أكثر من 3290 وهي النسبة الأعلى منذ سنوات انتفاضة عام 1987، إلى جانب ذلك، يستمر اعتقال المواطنين تحت ذريعة ما يسمى بـ “الملف السرّي”، كما برزت أيضا قضية اعتقال المواطنين على أساس ما يسميه الاحتلال بـ “التحريض”.

في الآونة الأخيرة، شهدت الضفة الغربية تصاعدًا ملحوظًا في حملات الاعتقال التي ينفذها الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين، وتنفيذ المزيد من عمليات التّنكيل، والتّعذيب بحقّهم.

فعلى مدار مائة يوم  ويوم من العدوان على غزة، تم اعتقال ما لا يقل عن 5930 مواطنًا من الضّفة (تشمل هذه الحصيلة من اعتقل وأبقى الاحتلال على اعتقاله ومن أفرج عنه لاحقًا)، ولم تستثنّ حملات الاعتقال أياً من الفئات، إذ بلغ عدد النساء اللواتي تعرضنّ للاعتقال نحو 200، فيما تجاوز عدد حالات الاعتقال بين صفوف الأطفال حتى نهاية شهر كانون الأول/ ديسمبر المنصرم 355 طفلًا.

في سياق متصل، اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيليّ يوم الأحد 25 مواطناً على الأقل من الضّفة الغربية المحتلة، بينهم دلال وفاطمة شقيقتي الشهيد الشيخ صالح العاروري بعد اقتحام منزليهما في مدينة البيرة وبلدة عارورة شمال رام الله، بالإضافة لاعتقال 15 مواطناً من عمال غزة.

كذلك شنت قوات الاحتلال منذ مساء أمس وحتّى صباح اليوم الاثنين حملة اعتقالات واسعة طالت 55 مواطنًا على الأقل من الضّفة، بينهم سيدة من الخليل، وطفلان، وأسرى سابقون.

وتركزت عمليات الاعتقال في محافظة نابلس حيث جرى توقيف 25 طالباً من حرم جامعة النجاح الوطنية، والتي شهدت اقتحاما واسعا، فيما توزعت بقية الاعتقالات على محافظات: الخليل، جنين، رام الله، طوباس، والقدس.

أيضًا اقتحمت قوات الاحتلال أمس منازل الأسرى نائل البرغوثي، ومراد البرغوثي، وربيع البرغوثي، في رام الله وفتشتها وخربت محتوياتها، وصادرت أموالًا و مركبتي عائلتي الأسيرين نائل وربيع.

وتواصل القوات الصهيونية تنفيذ عمليات اقتحام وتنكيل واسعة في المدن والبلدات والمخيمات، يرافقها تحقيق ميداني مع العشرات من المواطنين، تترافق مع عمليات التخريب والتدمير في منازل المواطنين، وتدمير البنية التحتية، ومصادرة الأموال والمركبات.

وفي هذا الصدّد، أوضح نادي الأسير الفلسطينيّ في بيان له، وصل لـ “مدار” نسخة منه، إنّ “مستوى الجرائم ومنذ السابع من أكتوبر، يتخذ منحى تصاعديًا من حيث مستوى التوحش والتفاصيل المروعة والمرعبة التي عكستها شهادات المعتقلين وعائلاتهم، وكانت أبرز هذه الجرائم، جريمة التّعذيب التي فرضت نفسها في معظم شهادات المعتقلين، إلى جانب التّنكيل والضرب المبرّح، وتهديدهم بالاغتصاب، واستخدام الكلاب البوليسية وإطلاق النار عليهم بشكل مباشر، والتّحقيق الميداني معهم، واستخدام المواطنين كدروع بشرية ورهائن”.

وسلّط المصدر ذاته الضوء على “عمليات الإعدام الميداني التي نفّذت بحقّ المواطنين خلال حملات الاعتقال منهم أشقاء لمعتقلين، وغيرها من الجرائم والانتهاكات الوحشية، وعمليات التّخريب الواسعة التي طالت المنازل، ومصادرة مقتنيات وسيارات، وأموال، ومجوهرات، وأجهزة إلكترونية، إلى جانب هدم وتفجير منازل تعود لأسرى في سجون الاحتلال، وإقدام جنود الاحتلال على تصوير المعتقلين بعد اعتقالهم في ظروف حاطة بالكرامة الإنسانية”.

داخل السجون..

تواصل إدارة سجون الاحتلال “تنفيذ جرائم وسياسات ممنهجة بحقّ الأسرى والمعتقلين داخل السّجون”، وفرض عزل مضاعف بحقّهم، بعد تجريدهم من كافة مقتنياتهم، والتنكيل بهم، ناهيك الاعتداءات التي ارتكبتها “قوات القمع” وبلغت ذروتها في بداية العدوان.

وأدت هذه الاعتداءات الممنهجة إلى تسجيل العديد من الإصابات بين صفوف الأسرى والمعتقلين، ولم تستثن المرضى والأطفال والنساء، وتنوعت أشكالها بين “تعطيش وتجويع وجرائم طبيّة، وقامت بزّج العشرات من المعتقلين في غرف صغيرة لا تتسع لهذه الأعداد”.

ومع دخول فصل الشتاء والبرد القارس اشتدت ظروف الاعتقال القاسية داخل السّجون، وساهمت جملة القوانين التي فرضها الاحتلال بعد السابع من أكتوبر من ترسيخ الانتهاكات بحق الأسرى، مخلفة استشهاد 7 أسرى في السجون، علمًا أن إعلام الاحتلال كشف عن استشهاد مجموعة من معتقلي غزة في معسكر “سديه تيمان” دون الكشف عن هوياتهم أو عددهم بدقة، إلى جانب اعتراف الاحتلال بإعدام أحد المعتقلين.

معتقلي غزة…

بالنسبة لمعتقلي غزة، يواصل الاحتلال تنفيذ جريمة الإخفاء القسري بحقّهم، ويرفض الكشف عن أي معطيات عن مصيرهم، أو أعدادهم، وأماكن احتجازهم.

الشّهادات التي خرج بها معتقلي غزة، عكست مستوى الفظاعات التي نفّذت بحقّهم في معسكرات الاحتلال، إلى جانب بعض المعلومات المحدودة التي نقلت من معتقلين أفرج عنهم من السجون، توضح كذلك مستوى عال من التعذيب الذي ينفذ بحقّهم.

وعمل الاحتلال من خلال أوامر عسكرية ويشكل تفعيلها جريمة إخفاء قسري، علمًا أن المعطى الوحيد الواضح هو ما يتعلق بعدد الأسيرات في سجن “الدامون” من غزة والذي تجاوز عددهنّ الـ 50، بالإضافة إلى ما أعلنت عنه إدارة السّجون من وجود 661 ممن صنفتهم بـ “المقاتلين غير الشرعيين”.

ويُشار إلى أن هيئة شؤون الأسرى والمحررين، كشفت في تقرير لها الأحد، تفاصيل العقوبات الانتقامية والقمع الوحشي الذي يتعرضن لها الأسيرات داخل سجن “الدامون”، منذ بداية العدوان على القطاع، مبينًا أن عدد الأسيرات فيه 87 أسيرة (54 أسيرة من قطاع غزة، 11 أسيرة من أراضي عام 1948، 3 أسيرات من القدس، 19 أسيرة من محافظات الضفة الغربية).

وفي وقت سابق، أعربت الهيئة في تصريح لها عن قلقها من قيام حكومة الاحتلال الإسرائيلي وأدواته باختراق شروط صفقات التبادل الأخيرة، والتي تمت برعاية دولية، وذلك بملاحقة الأسيرة المقدسية المحررة فدوى حمادة.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة