تراجع حاد لحرية الصحافة بالجزائر والمغرب

مشاركة المقال

أ ف ب: 18 تموز/ يوليو 2021

يعاني صحافيون عدة في الأشهر الأخيرة من تضييق قضائي شمل محاكمات سريعة وعقوبات مشددة في المغرب والجزائر، الشقيقين العدوين اللذين يعملان على خنق مساحة حرية التعبير المحدودة وفق نشطاء ومنظمات حقوقية.

يقدر المدير العام لمنظمة “مراسلون بلا حدود” كريستوف ديلوار أن البلدان يحكمهما “نظامان غير مستقران يتصرفان بشكل سيئ وهما في طور الانغلاق فجأة في دوامة” قمع.

الجزائر التي تشهد حراكا غير مسبوق منذ عام 2019 رافقته في البداية حرية تعبير نسبية، حجبت مؤخرا العديد من وسائل الإعلام المستقلة ودانت صحافيين مرموقين.

من بين المدانين خالد درارني مؤسس موقع صحافي مستقل ومراسل تلفزيونات أوروبية، وقد حكم عليه في أيلول/سبتمبر 2020 بالسجن لعامين بتهمة “التحريض على التجمهر غير المسلح” بعد تغطيته تظاهرات الحراك.

وقاد الحكم القاسي وغير المسبوق إلى حملة تنديد تخطت حدود البلاد.

درارني الذي حصل مذاك على عفو رئاسي وينتظر إعادة محاكمته، عبّر عن أسفه لأنه “في جزائر العام 2021 يمكن أن تقودك كلمة إلى السجن، ويجب أن ننتبه لكل ما نقول ونكتب”.

ومن بين الوجوه البارزة الأخرى الصحافي رابح كراش من تمنراست (جنوب) المسجون منذ ثلاثة أشهر على خلفية تغطيته احتجاجا للطوارق الجزائريين ضد مصادرة أراضيهم.

– انتقادات أميركية –

في المغرب، دين الأسبوع الماضي الصحافي سليمان الريسوني الذي يرأس تحرير صحيفة مستقلة بالسجن لخمسة أعوام.

ومن المنتظر أن يصدر القضاء حكمه الإثنين على الصحافي عمر الراضي المعروف أيضا بآرائه الناقدة.

وعلى غرار زملاء آخرين لهما، يلاحق الصحافيان بتهم أخلاقية هي “الاعتداء الجنسي” في حالتهما.

ويعتبر أنصار الصحافيين أن محاكمتهما “سياسية” ويشير محاموهما إلى عدة إخلالات شابت الاجراءات مثل التنصت غير القانوني وتسجيل شهادات متضاربة. لكن السلطات تؤكد أن الملاحقات لا علاقة لها بمهنتهما وتشدد على استقلالية القضاء.

قالت منظمة هيومن رايتس ووتش الصيف الماضي إن “الأسلوب المتبع في المغرب هو إطلاق سلسلة من التهم الجنائية ضد الصحافي المستهدف، بينما تفضل السلطات الجزائرية اللجوء إلى الجرائم الواردة في قانون العقوبات بشكل فضفاض للغاية”.

وفي بيان حازم بشكل غير معتاد تجاه حليفها المغربي، نبّهت وزارة الخارجية الأميركية الإثنين إلى أنها “تتابع” محاكمة الراضي وأعربت عن “خيبة أملها” بعد الحكم القاسي على الريسوني.

وصرح المتحدث باسم الوزارة نيد برايس أن هذه الملاحقات “تتعارض مع التعهدات الأساسية للنظام المغربي بشأن المحاكمات العادلة (…) ومع الجدول الزمني لإصلاحات جلالة الملك محمد السادس”.

أما الجزائر فقد وجدت نفسها عام 2020 في مرمى قرارين متتاليين للبرلمان الأوروبي انتقدا “تدهور أوضاع حقوق الإنسان”، وأشارا إلى حالة خالد درارني.

وفي مؤشر الى الانغلاق المتزايد، فان عدد المراسلين الاجانب في الجزائر والمغرب يتراجع بسبب صعوبات الحصول على اعتمادات عمل والقيود الصارمة على الارض.

وحذر كريستوف ديلوار من أن ذلك “يمس بسمعة البلدين ويهدد بإلحاق الضرر بصورتهما، وحتى ببعض علاقاتهما الدبلوماسية”.

في السياق نفسه، قضت محكمة تبسة، شرق الجزائر، بالسجن عامين غيابيا في حق صحافي مع إصدار امر بالقبض عليه، بسبب منشورات على موقع فيسبوك، بحسب ما أعلن الصحافي نفسه في منشور الأحد.

وكتب الصحافي عادل صياد العامل بإذاعة تبسة المحلية “لم أتصوّر أبدا هذا المجدَ في الجزائر الجديدة: عامان حبسا نافذا مع أمر بالقبض، وأمر آخر بتعليق شغلي بالإذاعة التي قضيت بها 26 عاما”.

وتابع “يا لها من أخبار سعيدة عشية عيد الأضحى. شكرا لك السيد عبد المجيد تبون (رئيس الجمهورية) هذا الإنجاز الكبير. قريبا سأسلّم نفسي لعدالة التلفون ويشرفني إيداعي الحبس”.

– المنفى –

في المقابل، حلت تونس الديموقراطية الفتية التي تتمتع بحرية تعبير كبيرة، في المرتبة 73 في تصنيف مراسلون بلا حدود لحرية الصحافة متقدمة بفارق كبير على المغرب (136) والجزائر (146).

رغم ذلك، تدرك السلطة في المغرب كما في الجزائر التطلع الشعبي إلى التغيير وتعد بالإصلاحات. لكن يأسف ديلوار لوجود “هوة شاسعة بين التصريحات والواقع”.

في شباط/فبراير، اتهمت مجموعة تضم صحافيين مغاربة في المنفى الرباط بالرغبة في “إسكات الصحافة الاستقصائية”.

ومع استمرار المحاكمات، لجأ بعض الصحافيين إلى الهيئات الدولية.

بناء على ذلك، تمت إحالة قضيتي عمر الراضي وسليمان الريسوني على فريق الأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي.

وفي الأثناء، انتهى المطاف برسام الكاريكاتير الجزائري “نيم” إلى المنفى في فرنسا بعد أن حُكم عليه في نهاية عام 2019 بالسجن لنشره رسما يظهر فيه قائد الجيش وهو يختار رئيسا للبلاد.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة