تجاوب رسمي سوداني مع “الجنائية الدولية” بشأن محاكمة البشير

مشاركة المقال

صورة: DR

مدار + مواقع: 21 تشرين الأول/ أكتوبر 2020 

عقدت فاتو بنسودا، مدعية المحكمة الجنائية الدولية، يوم الإثنين 20 تشرين الأول/ أكتوبر، في العاصمة الخرطوم، أربعة لقاءات مع شخصيات سودانية، أبرزها نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”، ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك، أكدت جميعها الاتفاق على ضرورة حسم ملف “تسليم عمر البشير”، في خطوة تعكس تجاوب حكومة السودان مع المحكمة الدولية في ملف جرائم إقليم دارفور غربي البلاد، إذ أعلنت الخارجية السودانية، الإثنين، استعدادها للعمل على تسهيل مهام وفد المحكمة الجنائية لتحقيق الأهداف المشتركة.

وكان مكتب رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك صرح لوسائل الإعلام: “سيناقش الوفد الزائر خلال الزيارة سبل التعاون بين المحكمة الجنائية الدولية والسودان بخصوص المتهمين الذين أصدرت المحكمة بحقهم أوامر قبض”؛ بينما عبّرت بنسودا عن سعادتها بهذه الزيارة التي وصفتها بـ”التاريخية”، وأكدت أن الهدف الأساسي للمحكمة الدولية الجنائية هو تحقيق العدالة لضحايا الحرب “بعيدا عن السياسة”، حسب تعبيرها.

الزيارة “التاريخية”، التي بدأت السبت وتنتهي الأربعاء، جاءت في إطار قرار مجلس الأمن الدولي، في 31  آذار/مارس 2005، بإحالة ملف مرتكبي التجاوزات في دارفور على المحكمة الجنائية الدولية.

وأوضحت الحكومة السودانية يوم الإثنين أنها بحثت مع المحكمة الجنائية الدولية ثلاثة خيارات بهذا الشأن، وهي “تشكيل محكمة خاصة، أو هجينة (مختلطة بين السودان والمحكمة)، أو مثول المتهمين أمام المحكمة في لاهاي”.  ويبدو أن اختلاف الحكومة مع الجنائية الدولية، رغم الاتفاق حول التوجه العام، يكمن في تفاصيل هذا التعاون بناءً على الخيارات المطروحة، التي تتجاوز تسليم البشير ورفاقه الآخرين للمحكمة.

ويفضل البعض تشكيل محكمة هجينة في السودان، باعتبار أن تسليم البشير ورفاقه يمس سيادة البلاد؛ فيما يعتقد آخرون أن قوانين السودان ناقصة وتتطلب مراجعات، فضلا على أن المحكمة الهجينة (المختلطة) مرتبطة بقضايا أخرى مثل رأي أصحاب المصلحة (محامو دارفور وممثلو الضحايا) .

ومن شأن محاكمة عمر البشير أن ترسخ “مبدأ عدم الإفلات من العقاب في جرائم دارفور”، وتعزز أجواء المصالحة في السودان، لأن عدم الإفلات مرتبط بالاتفاق الذي وقع بين الحكومة والحركات المسلحة في الجبهة الثورية في جوبا يوم 3 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، إذ تطالب هذه الحركات بالإجماع بعدم الإفلات من العقاب لكل من ارتكب جرائم في دارفور.

وفي هذا السياق، تطالب هيئة محامي دارفور، وهي منظمة محامين سودانيين تأسست سنة 1995، تزامنا مع زيارة بنسودا، السلطات الحكومية والقضاء بتسهيل مهمة المدعية الجنائية بخصوص مثول الأشخاص الذين صدرت في حقهم أوامر قبض، حيث أوضحت في بيان صدر بالمناسبة: “سنخاطب مجلسي السيادة والوزراء بضرورة الوفاء بتعهدات والتزامات السودان الدولية، بالتعاون مع المحكمة وتسليم جميع مرتكبي الجرائم لمحكمة الجنايات الدولية، وتسهيل أي إجراءات بهذا الشأن”.

من جهة أخرى، عبرت حركة جيش تحرير السودان، في بيان أصدرته بالمناسبة، يوم 18 تشرين/أكتوبر، عن تفاؤلها الحذر بخطوة الجنائية الدولية، موضحة أن “تسليم مرتكبي جرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجرائم الإبادة يعد خطوة هامة نحو تحقيق السلام الشامل الذي ينتظره شعبنا”، وتابعت بالتأكيد في البيان نفسه على رفضها المحاكمة الصورية للبشير وأعوانه من قبل اللجنة الأمنية التي تصر على عدم تقديمهم للمحاكمة الدولية.

ودارفور، التي تسببت في وصول اسم البشير للمحكمة الجنائية، تشهد منذ 2003 نزاعا مسلحا بين القوات الحكومية وحركات متمردة، أودى بحياة حوالي 300 ألف شخص، وشرد نحو 2.5 مليون آخرين، وفق الأمم المتحدة.

وفي مارس/ آذار/مارس 2009، أصدرت الدائرة التمهيدية في المحكمة الدولية مذكرة اعتقال في حق البشير بتهم “ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”، وكانت الأولى من نوعها في حق رئيس دولة يمارس مهامه منذ تأسيسها في 2002، كما أصدرت مذكرات اعتقال بحق وزير الدفاع الأسبق عبد الرحيم حسين، ووزير الداخلية الأسبق أحمد محمد هارون، بتهم ارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في دارفور.

وبعدها بأربعة أعوام تقريبا، أصدرت مذكرة اعتقال ثانية بتهمة “الإبادة” بحق البشير، غير أن السودان ظل طيلة سنوات يرفض التعاون مع الجنائية بدعوى عدم الإذعان لـ”أداة استعمارية”. لكن بعد الإطاحة بنظام البشير إثر ثورة شعبية، أصبحت الخيارات التي بحثتها بنسودا في السودان قابلة للتطبيق، حسب محللين.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة