انفجار ودمار وأزمة تلوح في الأفق

مشاركة المقال

مدار: 07 أغسطس/ غشت 2020

هز انفجار مهول مرفأ بيروت، عاصمة لبنان، على الساعة السادسة بالتوقيت المحلي (الثالثة بالتوقيت العالمي الموحد)، من يوم 04 أغسطس/غشت 2020. وسمع دوي الانفجار في كامل المدينة، وسجلت مراكز رصد الزلازل هزات أرضية نتجت عنه.

 وقال المركز الأوروبي المتوسطي للزلازل إن سكان قبرص الواقعة على بعد 240 كيلومترا شعروا بالانفجار، الذي أدى إلى إحداث دمار هائل بمحيطه، بما يشمل البنايات القريبة من المرفأ. كما أصاب أضرار شديدة الكثير من أحياء العاصمة التي يقطنها نحو مليونا نسمة.. ومباشرة بعد الكارثة امتلأت المستشفيات.

 وقالت وزارة الصحة اللبنانية، في آخر تحديث لها اليوم 07 أغسطس/غشت 2020، إن عدد الوفيات بلغ 154 قتيلا وأكثر من 5000 جريح، في حصيلة غير نهائية وقابلة للارتفاع في ظل وجود مفقودين؛ في حين تتواصل عمليات البحث عن العالقين ورفع الأنقاض. وصرح وزير الصحة اللبناني بأن 20 في المائة من الجرحى يحتاجون إلى تلقي العلاج، وبأن ثمة 120 حالة حرجة، وبأن الزجاج المتطاير أدى إلى إصابات بالغة تحتاج إلى عمليات جراحية دقيقة.

 وأعلنت مصادر رسمية أن نحو 300 ألف نسمة باتوا بلا مأوى. كما قالت “اليونيسيف” إن نحو 100 ألف طفل تضررت منازلهم أو نزحوا عن بيوتهم في بيروت.

 كما خلف الانفجار حفرة عرضها نحو 140 مترا، وسويت المستودعات بالأرض، ودمرت صوامع خزن الحبوب، وأصبحت الغلة غير صالحة للاستهلاك؛ ما يهدد الأمن الغذائي اللبناني، إذ توشك احتياطات لبنان من الحبوب أن تنفد خلال أيام.

 وقال الرئيس اللبناني، ميشال عون، إن 2750 طنا من مادة نترات الأمونيوم هي التي انفجرت بعد أن خزنت بطريقة غير آمنة في مستودع الميناء. وتعرف هذه المادة بأنها آمنة نسبيا في حالة تخزينها بالطريقة الصحيحة، غير أن التعامل غير السليم معها يؤدي إلى انفجارها. وتداولت هيئات إعلامية أن الانفجار وقع بعد أعمال صيانة (لحام) أجريت في العنبر رقم 12 بالمستودع، وهو ما أكده مدير المرفأ، حسن قريطم.

 وصرح الرئيس عون بأنه سيتم فتح تحقيق في الواقعة، وستتم محاسبة المسؤولين والمقصرين وإنزال أشد العقوبات بهم. بينما قال مدير المرفأ ومدير الجمارك اللبنانية إنه تم تجاهل تحذيراتهما المتكررة بشأن الخطر الذي تشكله نترات الأمونيوم المخزونة في المرفأ وضرورة إزالتها.

 وأمرت السلطات اللبنانية بوضع جميع المشرفين على ملف تخزين نترات الأمونيوم في المرفأ قيد الإقامة الجبرية إلى غاية الانتهاء من التحقيق؛ وتم بعد ذلك توقيف 16 شخصا ضمنهم مسؤولون رفيعون في مرفأ بيروت على ذمة التحقيق، حسب ما أعلنه أمس الخميس مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بالإنابة، القاضي فادي عقيقي. ومن بين الموقوفين، حسب مصادر أمنية، رئيس إدارة مرفأ بيروت حسن قريطم، كما تم استجواب أكثر من 18 شخصا.

 وحمل اللبنانيون مسؤولية الانفجار للسلطة الحاكمة التي يخوضون ضدها احتجاجات مطالبين برحيلها. واستخدمت قوى الأمن العنف ضد محتجين قرب مبنى البرلمان وسط بيروت، نشب عنها اندلاع مواجهات محدودة. وتشكك شريحة كبيرة من اللبنانيين في وعود الحكومة بتحقيق شفاف ومحاسبة المسؤولين.

 وقال الحزب الشيوعي اللبناني إن “الكارثة الوطنية الكبرى التي نتجت عن تدمير مرفأ بيروت وأحياء عديدة من العاصمة، والتي أودت بحياة أكثر من مائة من المواطنين اللبنانيين والأجانب، بالإضافة إلى آلاف الجرحى، لا يمكن اعتبارها إلا جريمة كبرى بحق الوطن وبحق الشعب اللبناني من قبل سلطة أمعنت في الإهمال وإنعدام الكفاءة وفي تقويض مقومات الدولة ومؤسساتها التنفيذية”، في بيان رسمي أصدره الجمعة 07 أغسطس/غشت 2020.

 ودعا الحزب إلى “قيام لجنة تحقيق مدنية مستقلة عن السلطة السياسية من أجل جلاء الحقيقة من موقع المسؤولية الوطنية تجاه أسر الضحايا والحق العام، وصولا الى كشف كل من أهمل أو تغاضى أو أسهم في حصول الكارثة؛ على أن يتم فعلا سوق هؤلاء إلى العدالة وإنزال العقاب الرادع فيهم”، حسب المصدر نفسه.

 وأضاف الشيوعي اللبناني أن “قوى الانتفاضة الوطنية مدعوة اليوم إلى إعادة النبض إلى الشارع وتصعيد المواجهة في وجه المنظومة السلطوية الحاكمة، من خلال طرح برنامجها البديل الرامي إلى تكوين سلطة بديلة تأخذ على عاتقها مهمة الدفاع عن حقوق الشعب اللبناني عبر بناء الدولة الوطنية القادرة والعادلة على انقاض نظام المحاصصة والتبعية والارتهان الفاشل والقاتل”، حسب تعبيره.

 وعبرت العديد من المنظمات الشعبية بالمنطقة العربية والمغاربية عن تضامنها ومواساتها للشعب اللبناني. كما أعربت العديد من الدول عن تضامنها مع لبنان، في حين وصلت العديد من فرق الإغاثة والمساعدات، بعد أن أعلنت السلطات بيروت مدينة منكوبة.

 وتكثف فرق الإنقاذ المحلية والأجنبية جهودها في مرفأ بيروت للبحث عن ناجين. وشوهدت آليات ثقيلة وجرافات تعمل على رفع الحطام وقطع القضبان الحديدية في سباق مع الزمان للوصول إلى ناجين محتملين.

 وأكد عدة محللين ومختصين أن انفجار مرفأ بيروت سيزيد من تعقيد حياة اللبنانيين الذين يعيشون على أزمة اقتصادية واجتماعية حادة، وأن الكارثة من شأن آثارها أن تمتد لعدة سنوات، وهو ما ينذر بالمزيد من الاضطرابات وعدم الاستقرار في لبنان.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة