مدار: 22 كانون الثاني/ يناير 2024
حذّر عاملون في المجال الإنساني لدى الأمم المتحدة، من أن الأطفال “يولدون في الجحيم” بقطاع غزة، وأنه من المحتمل أن يموت العديد من الأطفال الآخرين نتيجة الظروف القاسية.
وأفادت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) بأن قطاع غزة عرف ولادة ما يقرب 20 ألف طفل منذ بدء العدوان الإسرائيلي.
وأكدت في تقرير لها أن المشاكل المزمنة في الوصول إلى المساعدات أدت إلى إجراء عمليات قيصرية دون تخدير، بينما لم تتمكن نساء أخريات من ولادة أطفالهن الذين يموتون في الأرحام بسبب الضغط الزائد على الطاقم الطبي.
وفي هذا الصدد، أوضحت أخصائية التواصل في “اليونيسف”، تيس إنغرام خلال مؤتمر صحفي لوكالات الأمم المتحدة في جنيف، أن الأمهات يواجهن تحديات لا يمكن تصورها في الحصول على الرعاية الطبية المناسبة والتغذية والحماية قبل الولادة وأثناءها وبعدها؛ وقالت: “أن تصبحي أماً يجب أن يكون وقتاً للاحتفال. أما في غزة، فهو طفل آخر يولد في الجحيم”.
أما عن جولتها في جنوب غزة، أكدت إنغرام أن العاملين في المستشفى الإماراتي المكتظ في رفح اضطروا إلى إخراج الأمهات من المركز “في غضون ثلاث ساعات بعد إجراء العملية القيصرية”، وهو وضع “يفوق التصديق ويتطلب اتخاذ إجراءات فورية”.
وشدّدت المسؤولة الأممية على أن القصف المستمر والنزوح يؤثران بشكل مباشر على الأطفال حديثي الولادة، مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات نقص التغذية ومشاكل النمو وغيرها من المضاعفات الصحية.
ويُعتقد أن حوالي 135 ألف طفل دون سن الثانية معرضون لخطر سوء التغذية الحاد في الوقت الراهن، وسط ظروف “غير إنسانية” بالملاجئ المؤقتة وسوء التغذية والمياه غير الآمنة.
بدوره، أعرب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبرييسوس عن قلقه من تسجيل حالات الإصابة بالتهاب الكبد الوبائي “A” في غزة.
وذكر المسؤول الأممي في منشور على موقع “إكس” إن “الظروف المعيشية غير الإنسانية، حيث بالكاد توجد مياه ومراحيض نظيفة، وتتعذر إمكانية الحفاظ على نظافة المناطق المحيطة، ستمكن من انتشار التهاب الكبد ‘A’ بشكل أكبر، وتسلط الضوء على مدى خطورة البيئة هناك بشكل هائل لنشر الأمراض”.
وتشير أحدث بيانات منظمة الصحة العالمية إلى أنه في المتوسط، يتشارك 500 شخص في مرحاض واحد، ويضطر أكثر من 2000 شخص إلى استخدام حمام واحد، مما يزيد من خطر انتشار المرض.
وبالإضافة إلى الارتفاع الحاد في التهابات الجهاز التنفسي العلوي، فإن حالات الإسهال بين الأطفال دون سن الخامسة المسجلة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2023 كانت أعلى بـ 26 مرة مما تم تسجيله عن نفس الفترة من عام 2022.
من جهته، قال المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية، طارق ياساريفيتش، في مؤتمر صحفي عقد الجمعة الماضية، في مكتب الأمم المتحدة في جنيف، إن الناس يتم دفعهم إلى أماكن أصغر من أي وقت مضى، حيث يُقيمون في ملاجئ مكتظة مع عدم إمكانية الوصول إلى المياه النظيفة، أو إلى مراحيض.
وأكّد المسؤول الأممي أن شريحة كبيرة من السكان في غزة بمن فيهم الأشخاص الذين أصيبوا وتعرضوا للقصف “يحتاجون إلى مساعدة طبية فورية”.
كذلك أعرب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية عن مخاوف عميقة من أن بعثات الإغاثة الآمنة والفعالة في أي مكان في غزة لا تزال معرضة للخطر الشديد بسبب القيود الإسرائيلية المفروضة على إدخال المعدات الحيوية، بما في ذلك أجهزة الاتصالات المناسبة.
كما أن منع الجيش الإسرائيلي الوصول إلى المناطق الواقعة شمال وادي غزة “أعاق أيضاً الجهود المبذولة لزيادة توفير المساعدة المنقذة للحياة هناك، وأضاف تكلفة كبيرة إلى الاستجابة الشاملة.
وفي سياق متّصل، أكّدت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، صباح اليوم، ارتفاع حصيلة العدوان الصهيوني على قطاع غزة في يومه الـ 107 إلى 25 ألف و295 شهيداً و 63.000 إصابة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
ولا يزال الآلاف من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، بحيث لا تستطيع طواقم الإسعاف الطبي والدفاع المدني الوصول إليهم.
المتحدث باسم وزارة الصحة أشرف القدرة، شدّد في تصريحٍ أمس الأحد على أن الواقع الصحي في قطاع غزة “كارثي ومؤلم”.
وأكّد المتحدث ذاته أن الاحتلال الإسرائيلي يتعمد خنق وتدمير المنظومة الصحية وإبقاء انهيارها. إذ لا يمكن للطواقم الطبية الاستجابة لحجم ونوعية الإصابات اليومية، موضّحا أن تكدس الحالات وعدم توفر الإمكانيات العلاجية في المستشفيات يُسارع في فقدان حياة المصابين.