الكويت.. إجراءات العفو الأميري تمهد لانفراج سياسي وسط دعوات إلى إصلاح “حقيقي”

مشاركة المقال

مدار + مواقع: 21 تشرين الأول/ أكتوبر 2021

اتخذت الإمارة الكويتية إجراءات تمهد للعفو  عن مجموعة من المسجونين السياسيين، في سياق يهدف إلى خفض التوتر بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، لكن المعارضة مازالت تطالب بالإصلاح السياسي وإقرار الحريات.

وأعلن الديوان الأميري الكويتي، أمس الأربعاء، أن أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح قرر استخدام المادة 75 من الدستور، التي تمنحه الحق في إصدار العفو الأميري. وحسب تصريح للشيخ محمد عبدالله المبارك الصباح، وزير الديوان الأميري في الكويت، عممته وكالة الأنباء الكويتية “كونا”، فقد “انطلق الحوار الوطني بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بغية مناقشة سبل تحقيق المزيد من الاستقرار السياسي وتهيئة الأجواء لتعزيز التعاون بين السلطتين وفقاً للثوابت الدستورية”.

وأضاف المصدر نفسه أن السلطتين المتصارعتين ثمنتا التوجيه الأميري، و”أعربتا عن تطلعاتهما بأن ينهي هذا الحوار حدة الاحتقان السياسي في البلاد تمهيداً لتحقيق مبدأ التعاون بينهما”.

وكلف الأمير الكويتي كلاً من رئيس مجلس الأمة ورئيس مجلس الوزراء ورئيس المجلس الأعلى للقضاء بـ”اقتراح الضوابط والشروط للعفو عن بعض أبناء الكويت المحكومين بقضايا خلال فترات ماضية، تمهيداً لاستصدار مرسوم العفو”، وفق تصريح وزارة الشؤون الأميرية.

وجاءت هذه الخطوة بعد الأزمة المتقدة منذ أشهر بين السلطة التشريعية، التي تحظى فيها المعارضة بالأغلبية، والحكومة التي يقودها الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح، التي تم تعيينها في آذار/ مارس من السنة الجارية؛ وكانت الحكومة التي سبقتها قدمت استقالتها في 13 كانون الثاني/ يناير 2021، بعد شهر واحد فقط من تشكيلها، ما يعكس حجم الخلاف.

وكانت المعارضة تتمسك بمطالب تصفها بـ”الشعبية”، ووجهت اتهامات إلى الحكومة بالفساد.  وكان البرلمان الكويتي قد استدعى رئيس الوزراء إلى الاستجواب، في فصل من فصول الاحتقان، قبل أن يقرر في آذار/ مارس الماضي تأجيل الاستجوابات الحالية والمستقبلية لرئيس الوزراء حتى نهاية 2022، في جلسة قاطعها عدد من النواب.

ويتخذ النواب المعارضون مواقف احتجاجية منذ الجلسة الأولى لمجلس النواب الكويتي، إذ قاطعوا جلسة أداء قسم الحكومة، كما سبق لهم الصعود إلى منصة الرئاسة لتعطيل تصويت المجلس على أحد القوانين. كما عرفت الهيئة التشريعية ما يشبه الشلل لمدة طويلة، ما أثر على السير الدستوري للدولة.

ولم تتوقف المعارضة عن المطالبة بإطلاق سراح المسجونين السياسيين، خصوصا المرتبطين بملف اقتحام مجلس النواب سنة 2011.

وكانت المحكمة الاستئنافية الكويتية قضت في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017 بحبس عدد من أعضاء مجلس الأمة حينها، وأعضاء سابقين، على خلفية اتهامهم باقتحام مبنى البرلمان عام 2011، وبذلك ألغت أحكام البراءة الصادرة عن محكمة أول درجة، والمتهم فيها 67 شخصا، بينهم 11 نائبا سابقا، وقضت مجددا بحبس 3 نواب حينها و7 نواب سابقين. وتراوحت أحكام الحبس ما بين سنة واحدة وتسع سنوات.

وتعتبر قضية العفو إحدى القضايا التي بقيت عالقة بين الحكومة والمعارضة داخل البرلمان، في حين كانت الحكومة تصر على طلب العفو الخاص الذي استفاد منه أعضاء، بينهم وليد طبطبائي الذي سوّى ملفه منفرداً عن زملائه في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019.

ويوم الثلاثاء 19 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، ناشد 40 نائباً في مجلس الأمة الكويتي، في بيان تلاه النائب عبيد الوسمي، أمير البلاد إقرار قانون العفو، كـ “أولى خطوات المصالحة الوطنية الشاملة”. وجاء في البيان الذي نشره الموقع الرسمي لمجلس النواب أن “ما يشهده العالم والإقليم من تغيرات متسارعة ومستجدة وتحديات كبرى يوجب علينا جميعا نبذ الخلافات والعمل بروح الأسرة الواحدة”.

وتعليقا على الإجراءات الأميرية الممهدة للعفو، رحب حمد الأنصاري، الأمين العام للحركة التقدمية الكويتية، بالتوجه نحو العفو عن بعض المحكومين في قضايا الرأي والتجمعات، وأبدى تطلعه “نحو تحقيق انفراج سياسي وإصلاح ديمقراطي”، وفق تصريح عممته الحركة على موقعها الإلكتروني الرسمي أمس الأربعاء.

وأبرز الأنصاري أن “العفو عن المحكومين في قضايا الرأي والتجمعات والقضايا السياسية يمثّل عنصراً رئيسياً لتحقيق الانفراج السياسي”، واستدرك بالإشارة إلى ضرورة ترافقها مع “إطلاق الحريات العامة وإلغاء القوانين والإجراءات المقيدة لها، وضمنها قانون حرمان المسيء وقرار سحب جنسية المواطن أحمد الجبر وعائلته، وتمكين مجلس الأمة من ممارسة صلاحياته الدستورية في الرقابة والتشريع، وإلغاء أي تحصين لأي مسؤول حكومي تجاه المساءلة الدستورية، وإصلاح النظام الانتخابي”.

وأوضح الأمين العام للحركة التقدمية الكويتية، ذات التوجهات اليسارية، أن حركته تأمل أن يتم فتح الطريق “نحو تحقيق الإصلاحات السياسية الديمقراطية المنشودة، وتحقيق إصلاح اقتصادي عادل اجتماعياً، وحلّ المشكلات المزمنة المتصلة بالسكن والعمل والمقترضين المعسرين والكويتيين البدون”.

وشدد الأنصاري على “إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة، والتوجه نحو بناء الدولة الكويتية المدنية الحديثة القائمة على أسس المواطنة الدستورية المتساوية وتكافؤ الفرص”، وفق المصدر نفسه.

جدير بالذكر أن الوضع الحقوقي في البلد الخليجي ليس أحسن حالا من جيرانه، وقالت منظمة العفو الدولية في تقرير 2020 إن السلطات واصلت “تقييد الحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها دون مبرر”. وأضافت “أمنيستي” أن “السلطات الكويتية احتجزت ما لا يقل عن 12 ناشطاً ومنتقداً للحكومة وقاضتهم بموجب أحكام قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، وأحكام قانون الجزاء، اللذين يُجرّمان التعبير المشروع، بما في ذلك بسبب الإساءة إلى أمير البلاد أو انتقاد الدول المجاورة أو نشر أخبار كاذبة”.

وتعيد قرارات الأمير الكويتي إلى الواجهة المطالب المتجددة بالإصلاح السياسي والاجتماعي، ومحاربة الفساد، في حين لا يخفي العديد من المواطنين امتعاضهم من كثرة دعوات الإصلاح وغياب الإنجازات على أرض الواقع.

وفي هذا السياق، تطرح الأسئلة من جديد حول مصير “وثيقة الكويت” التي رفعها في عبد الله النفيسي وعبد الله الوسيمي إلى الإمارة الكويتية، في ديسمبر/ كانون الأول 2020، وتضمنت مطالب وصفت بـ “الصريحة” لإقرار إصلاحات حقيقة ووضع حد للفساد الذي ينخر البلد الغني بالثروات النفطية.

وارتباطا بالموضوع نفسه، كانت الحركة التقدمية الكويتية، أبرزت في نيسان/ أبريل 2021، أن البلاد تعيش “البلاد تعيش أزمة عامة مستعصية، وليست مجرد أزمة سياسية فحسب”، تعليقا على الأحداث التي عرفها مجلس النواب تأجيل استجواب رئيس الوزراء.

 وأضافت الحركة اليسارية أن الكويت تشهد “انسداد أفق أي إمكانية لتحقيق الإصلاح والتغيير بالاستناد إلى الأدوات البرلمانية وحدها، بعدما جرى العبث فيها والسيطرة عليها، ناهيك عن قصور الآليات الدستورية بالأساس”، وفق بيان اطلع “مدار” على نسخة منه.

ودعت الحركة التي يقودها حمد الأنصاري إلى “نظام ديمقراطي برلماني مكتمل الأركان، وإدارة سياسية كفأة ذات نهج إصلاحي، ومواطنة دستورية متساوية في ظل عدالة اجتماعية راسخة، وحريات وحقوق ديمقراطية مكفولة غير منتقصة، ودولة مؤسسات مدنية تتجاوز الانفراد بالسلطة ولا تُدار بعقلية المشيخة، ولا تتحكّم بها قوى النفوذ”، يختم المصدر ذاته.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة

أمريكا

كيف عاد دونالد ترامب إلى البيت الأبيض؟

مدار: 07 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 أعطى الناخبون الأمريكيون أصواتهم لصالح مرشح الحزب الجمهوري، دونالد ترامب، المعروف بتوجهاته اليمينية المعادية للمهاجرين والعرب والمسلمين. بهذا، يضمن