مدار: 05 أغسطس/ غشت 2021
جدد الاتحاد العام التونسي للشغل، الخميس، دعوته إلى رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد بـ “بتوضيح رؤيته”، في حين تتشبث قوى المجتمع المدني بـ “ضبط خطة عمل وفق رزنامة واضحة ومحدّدة في الزمن وبصفة تشاركية مع القوى المدنية تتعلّق باستحقاقات المرحلة الجديدة والخروج من الوضع الاستثنائي”، أما الرئيس الذي أحكم قبضته على السلطات بعد قرارات الخامس والعشرين من الشهر الماضي، فلم يستطع إلى حدود الآن تحديد رئيس حكومة جديد.
الاتحاد العام التونسي للشغل: “الوضع تعفن” ويجب على الرئيس توضيح رؤيته
طالب الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل، نور الدين الطبوبي، الخميس، رئيس الجمهورية بـ “توضيح رؤيته للنظام السياسي والقانون الانتخابي وقانون الأحزاب وقانون الجمعيات ورؤيته للخيارات الاقتصادية والاجتماعية”، وكشف المتحدث أن “تونس تقريبا انزلقت إلى سياسة المحاور” كما حذر “مما ستؤول إليه الأوضاع في المستقبل”.
وجاءت تصريحات الطبوبي خلال إحياء نقابته لإحدى المحطات التاريخية بمدينة صفاقس، وقال المسؤول النقابي إن منظمته لا تدعم أي شخص لكنها تتفاعل مع ما يطرح عليها من برامج وخيارات.
واستنكر الأمين العام للنقابة الأكبر في تونس الوضع الذي وصلت إليه تونس بعد أن أصبحت تمد يدها طلبا للمساعدات، موضحا أن الاتحاد العام “لن يقبل بذلك” وفق ما ذكره أثناء الحدث، بثته النقابة على صفحتها الرسمية على الفايسبوك، وزاد: “إن الوضع تعفن وكرامة تونس خُدِشت”.
وذكّر المتكلم بأن “الشعب هو صاحب القرار وهو أعلى من الدستور” وفق تعبيره، وقال إن “الديمقراطية والتفويض الشعبي ليس صكا على بياض”.
ودعا الزعيم النقابي، المسؤولين إلى الوفاء بتعهداتهم من أجل الحفاظ على السلم الاجتماعي، ولم يفوت المتحدث الفرصة للتعليق على دعوات إلى التهدئة خلال المرحلة الراهنة بأن “تونس ليست في حرب حتى نتحدث عن هدنة” على حد قوله.
قوى المجتمع المدني ترفض “سياسة المحاور والاصطفاف الدولي والإقليمي”
رفضت منظمات ونقابات تونسية أي مسار يصب في سياسة المحاور والاصطفاف الدولي والإقليمي، واستنكرت “تدخّل عواصم أجنبية في الشأن الداخلي التونسي، وفي سيادة الدولة، خاصة، تلك الهادفة لحماية منظومة حكم فاسدة ومجرمة وملفوظة شعبيا”، كما دانت التصريحات التي وصفتها بـ “اللا مسؤولة” التي تدعو القوى الأجنبية للتدخل في تونس والتهديد بالإرهاب والهجرة غير النظامية.
ويوم الأربعاء 04 أغسطس/ غشت، عقدت كل من النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، جمعية القضاة التونسيين، الجمعية التونسية للمحامين الشبان، الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وجمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية، لقاء تشاوريا ثانيا تزامنا مع حالة الترقب التي يعيشها التونسيون منذ صدور القرارات الرئاسية المستجدة.
ودعت الهيئات المذكورة في بيان صدر الخميس، حصل “مدار” على نسخة منه، رئيس الجمهورية التونسية “إلى ضبط خطة عمل وفق رزنامة واضحة ومحدّدة في الزمن وبصفة تشاركية مع القوى المدنية تتعلّق باستحقاقات المرحلة الجديدة والخروج من الوضع الاستثنائي” إضافة إلى التعامل مع القضايا المستعجلة من قبيل مواجهة فيروس كورونا، وشددت على ضرورة “الشروع في مراجعة القانون الانتخابي واتخاذ إجراءات عاجلة وقوية لمكافحة الفساد والتهريب والتهرّب الجبائي”.
وتبنت القوى المجتمعية مطالب الشعب التونسي التي عبّر عنها خلال تحرّكاته السلمية، معتبرة أنها نتاج لفشل سياسات منظومة الحكم في إيجاد حلول للأزمة الصحية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي “استنزفت المواطن وصادرت القرار الوطني” وفق الوثيقة ذاتها.
وأكد البيان ذاته على ضرورة تغيير السياسات العمومية التي وصفتها بـ “اللاّشعبية وغير الناجعة”، ومراجعة الخيارات الاقتصادية والاجتماعية التي تواصلت على امتداد 10 سنوات، وأدّت إلى تعميق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والصحّية في البلاد والتي كانت أول ضحاياها النساء والشباب حيث تفاقمت ظاهرة تأنيث الفقر وتضاعفت أشكال العنف المسلط على النساء مقابل إفلات المعتدي، كما تفاقم الفقر و تهميش الشباب و انحسار آفاقهم، وفق تعبيرها.
وعلى خلفية اللقاء الاستشاري اتفقت القوى المشاركة فيه الموقعة على البيان على تكوين لجنة عمل مشتركة لمتابعة تطوّرات الوضع السياسي في البلاد ورصد كل الانتهاكات التي يمكن أن تحدث وأن تهدّد الحقوق والحريات والعدالة وكرامة المواطنين.
وفي سياق مرتبط، أكدت هيئات المجتمع المدني المذكورة، على ضرورة احترام مبدأ تفريق السلط واستقلال السلطة القضائية كسلطة مستقلة تماما عن السلطتين التنفيذية والتشريعية لتتمكّن من استرجاع دورها والعمل بكل استقلالية على التسريع في فتح كل الملفات الخطيرة والمصيرية خاصة، المتعلقة بالاغتيالات السياسية وملفات الإرهاب وتسفير الشباب لبؤر التوتر وملفات الفساد المالي والإداري.
ودعت إلى العمل الجدي على إصدار الأحكام الاستعجالية استنادا إلى ما جاء في تقرير محكمة المحاسبات حول الانتخابات الرئاسية والتشريعية الماضية بشكل يقطع الطريق نهائيا عن تغلغل المالي السياسي الفاسد والمشبوه وتوظيف الجمعيات والإعلام لتزييف وعي الناخبين وإنتاج هيئات تمثيلية شكلية لا تعبّر عن مشاغل المواطنات والمواطنين، يوضح المصدر نفسه.
وحذرت المنظمات التونسية مما وصفته بـ “توافقات أو تسويات مغشوشة على حساب المسائلة والمحاسبة وانتهاء حالة الإفلات من العقاب التي كرستها منظومة الحكم طيلة عقود”.
ولم تفوت التشكيلات الجمعوية والنقابية الموقعة على البيان الفرصة من أجل الدعوة لتشكيل لجنة تتكفل بالتحقيق في الفساد منذ سنة 2011 إلى اليوم، بالإضافة إلى “تدقيق عاجل وجدي في كل الاتفاقيات ذات الأثر المالي والقروض والصفقات التي تحصلت عليها تونس طوال عشر سنوات”.
وفي السياق نفسه، أكدت على “ضرورة تشكيل حكومة في أقرب الآجال تحترم فيها الكفاءة والتناصف، وتضمن بتساوي الفرص بين النساء والرجال والجهات في التنمية والتشغيل ووصولهم إلى مواقع القرار.
قيس سعيّد لم يتخذ قرارا بخصوص رئيس الحكومة الجديد
ويبدو من خلال تطورات الأحداث منذ إعلان رئيس الجمهورية التونسية تفعيل الفصل 80 من الدستور، وحل الحكومة، وتوليه السلطة التنفيذية، وتجميد عمل البرلمان لمدة ثلاثين يوما، ورفع الحصانة البرلمانية عن كلّ أعضاء مجلس نواب الشعب، بالإضافة إلى رئاسية النيابة العمومية، أنه لم يحضّر تمارينه جيدا، فقيس سعيّد وبعد ما يزيد عن عشرة أيام من اتخاذه لهذا القرارات لم يستطع بعد تشكيل حكومة أو تعيين رئيس لها.
وقال المستشار لدى رئيس الجمهورية وليد الحجّام، “إلى حدّ الآن لم يتم اتخاذ قرار نهائي بخصوص رئيس الحكومة الجديد، لكن الخطى حثيثة في هذا الإتجاه”، وأضاف الحجام في تصريح لوكالة تونس افريقيا للأنباء، الخميس، أن رئيس الجمهورية قيس سعيّد، لديه إدراك ووعي حقيقيين بنبض الشّارع وبكلّ ما يدور ويقال، مضيفا أن سعيّد “يشتغل بكل ثبات وفق رؤية واضحة” على حد تعبيره.