الشيوعي اللبناني يرسم خارطة طريق نحو دولة علمانية ديمقراطية

مشاركة المقال

مدار: 22 يونيو/ حزيران 2021

نشر المكتب السياسي للحزب الشيوعي اللبناني يوم الأربعاء 16 يونيو/حزيران 2021 وثيقة تتضمن برنامج الحزب لمرحلة انتقالية بلبنان، حملت العنوان التالي: “نحو دولة علمانية ديمقراطية..نحو بناء الاقتصاد المنتج..نحو العدالة الاجتماعية”.

استهل الشيوعي اللبناني برنامجه بديباجة حول الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية بلبنان، وأهم سمات المرحلة الانتقالية ومعالم الأزمة السياسية والاقتصادية وأبعادها، التي لخصها في “بلوغ أزمة النظام الطائفي مداها، وفشل السلطات التنفيذية والتشريعية، والتدخلات الخارجية، وتفاقم الأزمة الاقتصادية وتبعاتها المالية والنقدية، واستمرار الأنشطة الريعية غير المنتجة، وانتشار البطالة والتهميش والهجرة وانهيار القدرة الشرائية للمواطن اللبناني؛ إضافة إلى إثقال كاهل الفئات الشعبية بالأعباء الضريبية وتكاليف الدين العام ونفقات الخدمات الاجتماعية كالصحة والسكن والنقل…”.

وطرحت الوثيقة خمس نقاط لأهم سمات المرحلة؛ “من تملص القوى السياسية من مسؤولياتها والركود الاقتصادي وتبعاته وانهيار القطاع المصرفي والمالي اللبناني، والتخبط الدستوري وعجز المنظومة الحاكمة عن تشكيل حكومة لأزيد من ثمانية أشهر، وأخيرا ارتفاع التدخلات الخارجية، خاصة الأمريكية”.

وانطلاقا من مرجعية الحزب الماركسية، يرى أن الأزمة اللبنانية “جزء من أزمة  النظام الرأسمالي العالمية وأحد تجلياتها التي تتميز بارتفاع حدة التناقضات الطبقية في الدول الرأسمالية المتقدمة والدول النامية على حد سواء، ما يفسر انفجار الانتفاضات الشعبية صد الاستغلال والاستبداد في المنطقة العربية والمغاربية، كما في أمريكا اللاتينية وأوروبا”، موردا أن اللبنانيين خرجوا في السياق نفسه في انتفاضة 17 أكتوبر سنة 2019، “التي بدأت كمعركة طبقية بين غالبية الفئات الشعبية الطامحة إلى التطور السياسي والاقتصادي وأقلية تمثل الرأسمال الريعي والزعامات الطائفية”، حسب تعبيره.

هذا ويعتبر الحزب الشيوعي أن النظام القديم بلغ نهايته، وأن سقوط مرتكزاته الطائفية بات “حقيقة”، ودعا إلى ضرورة الدفع في اتجاه تغييره وإرساء ديمقراطية حقيقية وبناء اقتصاد منتج وعدالة اجتماعية. وورد في نص وثيقة البرنامج: “.. ها نحن اليوم في مرحلة انتقالية يموت فيها القديم فيما الجديد لم يولد بعد، من هنا بات وقف هذا المسار المأزوم مهمة وطنية راهنة أمام القوى السياسية التقدمية والديمقراطية وجميع مكونات حالة الاعتراض الوطني والديمقراطي…”، وأضافت: “.. للسير معا باتجاه مسار آخر، مسار إنقاذي، يطرح الحزب الشيوعي فيه تأسيس عقد اجتماعي تحت شعار ‘نحو دولة ديمقراطية علمانية.. نحو بناء الاقتصاد المنتج.. نحو العدالة الاجتماعية'”.

ودعا التنظيم ذاته جميع حلفائه وأصدقائه، والهيئات الاجتماعية وعموم الشعب اللبناني، إلى دعم برنامجه الذي تم تضمينه ثماني نقاط أساسية همت مجالات مختلفة، بدءا من قضايا الشأن الداخلي اللبناني إلى السياسات الخارجية للبلد.

ويطرح الحزب من وجهة نظره السياسية ضرورة بناء دولة علمانية وديمقراطية عبر إقرار قانون للانتخابات النيابية يعتمد النسبية خارج “القيد الطائفي”، مع التوازن في الدعاية والإعلام والتمويل وإعطاء فرصة للشباب في الاقتراع من سن 18 سنة واعتماد “كوطا” نسائية للحد من “الخطاب الطائفي والنفوذ المالي في العملية الانتخابية”.

ويقترح “الشيوعي اللبناني” استحداث مجلس للشيوخ يضم جميع الطوائف بصلاحيات محدودة، وإقرار قانون مدني موحد، وقانون عصري لمفهوم الإقامة، والفصل بين السلط، مع التأكيد على استقلالية القضاء وإقرار قانون للحكم البلدي مع قانون اللامركزية الإدارية في دولة علمانية ديمقراطية.

أما من الجانب الاقتصادي، ولتجنب تبعات الانهيار النقدي طرح الحزب مقترحات عملية أهمها: “إجراء حساب شامل لأصول ومتوجبات الدولة والقطاع المصرفي، مع استمرار التحقيق الجنائي لمصرف لبنان، وإعادة هيكلة الدين العام، واستعادة الأموال المنهوبة والمهربة للخارج”؛ وفي هذا السياق وضع خطة لعملية الاسترداد تضم اقتطاعات ضريبية لأصحاب الودائع والزعماء السابقين منذ 1992 وأصحاب  النفوذ وكل من راكم ثروات شخصية.

كما أكد البرنامج على “الشروع في تغيير منظومة السياسات الاقتصادية المعتمدة منذ 1992، واستحداث خطة إنقاذ اقتصادية واجتماعية من شأنها أن تنقذ البلاد من تبعات أزمة كورونا بعد فشل النموذج الاقتصادي النيوليبرالي”.

وضم البرنامج خطة لـ”الاستثمار في البنى التحتية والمرافق العامة وإعادة تشييدها من أجل تحسين مستوى الإنتاجية والتوظيف، وإعادة بناء مصانع الكهرباء وتحديث قطاع الطاقة وتطوير شبكات الاتصال والإنترنت والرفع من جودتها واستحداث شبكة للنقل العام عصرية ومتطورة، وضمان حق الشعب اللبناني في الثروات النفطية والطبيعية واعتبارها رافعة اقتصادية وليست موردا ريعيا فقط، والاهتمام بالجانب البيئي وانعكاساته الاجتماعية”.

وطرح البرنامج الانتقالي في نقاط مختلفة مقترحات مفصلة “لبناء سياسة صناعية جديدة قد تنقذ الاقتصاد اللبناني من الشلل على مستوى الإنتاج، وإصلاحات تهم القانون الضريبي مع بعض التعديلات يمكن أن تؤدي إلى تحصيل موارد متراكمة للدولة في السنوات العشر المقبلة”، حسب تقديرات الحزب، الذي طرح أيضا في أربع نقاط تعديلات تهم سياسات المصرف المركزي نظرا لدوره في إنتاج الأزمة النقدية والاقتصادية.

وطرحت الوثيقة أيضا مقترحات التنظيم اليساري ووجهات نظره في السياسات الخارجية للبلد، مؤكدا على “احترام خيارات الشعوب وضمان حقها في التحرر الوطني، وإدانة التصعيد العسكري الإمبريالي والتدخلات الخارجية وسياسات العقوبات والحصار الاقتصادي”.

كما أكد الحزب على دعمه القضية الفلسطينية وخيارات الشعب الفلسطيني وحقه في المقاومة؛ وبخصوص الملف السوري دعم الحل السياسي “ضمن الدولة السورية الديمقراطية الموحدة التي يختارها الشعب السوري”، مدينا التدخلات الخارجية والعقوبات الاقتصادية.

أما بخصوص ملف اللاجئين فدعا الحزب إلى “ضرورة العمل على معالجة وضع اللاجئين السوريين وتأمين عودتهم إلى بلدهم، ومكافحة أشكال العنصرية ضدهم”، كما طالب بمنح اللاجئين الفلسطينيين بلبنان كافة حقوقهم المدنية وتحسين أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية.

وفي الأخير دعا الشيوعي اللبناني كل قوى التغيير الديمقراطي إلى دعم وتبني هذا البرنامج وتعبئة الجهود لإطلاق هذا المشروع السياسي، “باعتباره بديلا عن المنظومة الحاكمة”، وبناء ائتلاف وطني واسع لقوى التغيير “يتولى مسؤولية قيادة الصراع ويفرض تشكيل حكومة إنقاذ انتقالية بصلاحيات تشريعية استثنائية”.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة