مدار: 28 كانون الأول/ ديسمبر 2024
دخل تعامل السلطات المغربية مع مناهضي التطبيع مع الكيان الصهيوني طورا جديدا، بعد أن بدأ القضاء في إصدار أحكام بالسجن في حق نشطاء هذه الحركة.
وأصدرت محكمة ابتدائية في مدينة سلا المحاذية للعاصمة المغربية الرباط، يوم الخميس، أحكام بالسجن ستة أشهر موقوفة التنفيذ وغرامة مالية قدرها 2000 درهم (200 دولار أمريكي تقريبا)، في حق 13 ناشطا في حركة مناهضة التطبيع ومقاطعة الشركات الداعمة للكيان الصهيوني.
وكان الأمن المغربي، يوم 25 تشرين الثاني/ نونبر 2023، استخدم القوة لتفريق تظاهرة احتجاجية أمام متجر “كارفور” الفرنسي، واعتقل 13 مناضلا من “الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع” شاركوا في هذا الاحتجاج الداعي لمقاطعة هذه العلامة التجارية المعروفة بارتباطها بالاقتصاد الإسرائيلي.
وتوبع هؤلاء النشطاء أمام القضاء بتهم “المساهمة في تظاهرة غير مصرح بها”، إضافة إلى تهمة “التحريض على التظاهر” بالنسبة لواحد منهم.
مباشرة بعد صدور الأحكام، قالت “الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع” إن محاكمة مناضليها كانت “سياسية” و”تندرج ضمن سعي الدولة (المغربية) لتجريم دعم الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة عمليًا، وكبح مختلف أشكال المقاطعة، وفضح سفن الإبادة التي ترسو في الموانئ المغربية، وكل الأشكال المناهضة للتطبيع مع الكيان الصهيوني”.
ويشار إلى أن المغرب يسمح باستخدام موانئه لنقل الأسلحة الأمريكية المتوجهة إلى إسرائيل، كما سمح أيضا برسو وتموين سفينة إنزال عسكري إسرائيلية قادمة من الولايات المتحدة ومتجهة إلى الكيان الصهيوني، وهو ما أثار احتجاجات وردود أفعال قوية على الصعيد الوطني المغربي.
وشهد المغرب آلاف المظاهرات المساندة للشعب الفلسطيني الذي يتعرض للإبادة الجماعية، ولم تستخدم السلطات القوة ضد هذه المظاهرات إلا في حالات قليلة، إلا أن وتيرة الاعتقالات في حق النشطاء بدأت تتخذ منحى متصاعدا.
وكانت محكمة في مدينة الدار البيضاء، أصدرت حكما بالسجن سنة واحدة حبسا نافذة، في العاشر من الشهر الجاري (الذي تزامن مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان) في حق المهندس الزراعي والناشط في الفرع المغربي لحركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (بي دي إس)، إسماعيل الغزاوي، على خلفية دعوته للاحتجاج تنديدا بالتطبيع ودعما لفلسطين.
وجاء اعتقال الغزاوي في سياق الدعوة للتظاهر أمام القنصلية الأمريكية بالدار بالبيضاء، تنديدا بدعم واشنطن لحرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الصهيوني في حق الشعب الفلسطيني، ووجه له القضاء تهمة “التحريض على ارتكاب جنايات وجنح”.
وكانت “بي دي إس” اعتبرت هذا الاعتقال “اعتداءً صارخًا على حرية التعبير ومحاولة معيبة لإسكات الأصوات الحرّة في المغرب الشقيق التي ترفض التطبيع مع العدوّ الإسرائيلي”.
وتؤشر سلسلة الأحكام هاته على تغيّر في مزاج السلطات المغربية، وحساسيتها المفرطة من حركة المقاطعة، التي تكبد الشركات المرتبطة بمصالح إسرائيل خسائر كبيرة من الناحيتين الإعلامية والمالية.
وللتذكير، وجدت محكمة العدل الدولية أن هناك أدلة “معقولة” بأن إسرائيل ارتكبت إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة.