مدار: 07 تشرين الأول/ أكتوبر 2021
تعيش الهند في ظل الحكومة اليمينية بقيادة مودي على وقع قوانين تستهدف تقسيم المجتمع الهندي، لعل آخرها قانون المواطنة الذي وضع مسلمي البلاد في وضع متأزم، كما فتح الباب أمام التهجم على المهاجرين الذين لجؤوا إلى البلاد هربا من الدول المجاورة، التي تضم أغلبها أغلبية مسلمة.
في هذا الصدد تناول تقرير حديث وضع المهاجرين في الهند، والتراجع الذي شهده التعاطي مع القادمين من البلدان المجاورة التي تعيش على وقع اضطرابات.
أوضاع المهاجرين واللاجئين
رغم عدم توقيع الهند على اتفاقية اللاجئين لعام 1951، لأنها اعتبرتها مهددة لسيادتها، كما أنها لم تصادق على التعديل الذي وقع على الاتفاقية عام 1967 لأسباب مماثلة، إلا أن البلاد كانت من بين الدول الأكثر استقبالا للاجئين والمهاجرين.
لكن في السنوات الأخيرة، تم التخلي عن هذا التقليد المتمثل في مساعدة أولئك الذين يبحثون عن مأوى مع صعود حزب بهاراتيا جاناتا القومي الهندوسي. بدءا من الروهينجا الهاربين من أعمال العنف الجماعية في ميانمار، إلى المحنة الحالية للأفغان الذين يسعون إلى الهروب من نظام طالبان، يبدو أن حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي لا تهتم بمحنة اللاجئين في جوارها.
وفي هذا الصدد يتساءل التقرير عن التحول الكبير في موقف نيودلهي من المهاجرين، مرجعا ذلك إلى السياسات التي أصبح ينتهجها حزب بهارتيا جاناتا الحاكم.
وذكر التقرير في الآن نفسه بالالتزامات التي أطلقتها الحكومات السابقة التي كانت ترى نفسها مضطرة لتوفير ملاذ للاجئين، كاستمرارية في نهج رؤية الدولة المبنية على التعددية والمدنية – بغض النظر عن عرقهم أو دينهم -. لكن يبدو وفقا للمصدر ذاته أن حزب بهاراتيا جاناتا القومي الهندوسي، وخاصة تحت قيادة مودي، لم يعد يؤمن بالالتزام بهذه المعايير.
حديث هذا التقرير يعيد إلى أذهاننا إغلاق حكومة بهاراتيا الباب أمام لاجئي الروهينغا، وتصريحات قادة الحزب التي واكبت ذلك في 2017، فحسبه رفضت الحكومة الهندية منح صفة لاجئ للروهينجا، بل قامت بترحيل سبعة من أقلية الروهينجا في أكتوبر/ تشرين الأول 2018، مهددة بطرد آلاف آخرين. وكان تبرير الحكومة لهذه السياسة هو أنه “لا يمكن قبول دخول إرهابيين مفترضين تحت ستار طلب اللجوء”.
وأدت هذه السياسة الهندية في التعامل مع ملف اللاجئين حسب الوثيقة ذاتها إلى إحباط دول أخرى في جنوب آسيا، لاسيما بنغلاديش، التي تستضيف أكثر من مليون لاجئ من الروهينغا.
تأثير المعطى الجديد الخاص بقانون المواطنة
شهد قانون المواطنة في الهند تعديلا جديدا أجرته الحكومة الهندية، ولم يرق الكثيرين، إذ طالب معارضوه بسحبه بشكل كامل، معتبرين أنه مرتبط باختبار غريب للجنسية لأكثر من 1.3 مليار شخص في الهند، يطلق عليه “السجل القومي للمواطنين”، وهو ما يرعب الناس، إذ سيطلب منهم إثبات جنسيتهم الهندية.
وبعد الإعلان عن هذه التعديلات نشبت احتجاجات ومواجهات مازالت قائمة إلى يومنا هذا. ويرى كثيرون أن هذه القوانين تستهدف في المقام الأول المسلمين وعائلات اللاجئين الذين قضوا عقودا طويلة في البلاد.
وأبرز التقرير أن اتجاه الدولة ينحو إلى نبذ اللاجئين، وخصوصا المسلمين منهم، وأن قانون تعديل المواطنة لعام 2019، الذي يمنح مسارا سريعا للحصول على الجنسية للبوذيين والمسيحيين والهندوس والجاينيين والبارسيس والسيخ الذين وصلوا إلى الهند من ثلاث دول مجاورة قبل عام 2015، على أساس أنهم يشكلون أقليات دينية مضطهدة، يعتبر صامتا ومتشددا عندما يتعلق الأمر بالطوائف الإسلامية المضطهدة في جنوب آسيا، من الأحمدية في باكستان إلى الهزارة الشيعة في أفغانستان، الذين من المرجح أن يتفاقم وضعهم في ظل حكم طالبان.
ولم يفت الوثيقة التذكير بأن الاتجاه الذي بدأته حكومة مودي في التعامل السيئ مع لاجئي الروهينغا أصبح يتسع شيئا فشيئا، فبعد السماح للأفغان بالدراسة والبحث عن العلاج الطبي وحتى العثور على عمل غير رسمي في الهند على مدار العقدين الماضيين، تبنت الحكومة الآن سياسة صارمة تجاه المهاجرين واللاجئين الأفغان.
وقامت الحكومة الهندية، حسب المصدر ذاته، بالحد من عملية الحصول على التأشيرات، من خلال طلب تأشيرات إلكترونية للأفغان، وعدم إظهار أي رغبة تذكر في تسهيل هروب أولئك الذين يواجهون الاضطهاد في ظل نظام طالبان.
ولم يفت تقرير المجلة التأكيد على أن حكومة مودي تحاول أن يكون لها مخرج من هذه الاحتجاجات حول القانون من خلال التذكير بأن وضع الهجرة أصبح أكثر تعقيدا، ضاربة المثل بالولايات المتحدة، لاسيما أن موضوع الهجرة أصبح أكثر استقطابا في الهند في السنوات الأخيرة، ويساعد في ذلك الدمار الذي شل البنيات التحتية لأكثر من 18 شهرا بسبب الجائحة وفقدان الوظائف، ما أدى على الأرجح إلى تفاقم هذا الاتجاه وجعل الجمهور أقل استعدادا لاستقبال أعداد كبيرة من اللاجئين.
لكن في النهاية، حسب التقرير، يبقى أن حزب بهاراتيا جاناتا قام بتأجيج المشاعر المعادية للمسلمين، مع تغيير التركيبة السكانية بين اللاجئين، لاسيما أنه يرى استحالة أن تكون للأمر تأثيرات سياسية على قاعدته، خصوصا أن معظم مسلمي الهند لا يصوتون للحزب الحاكم على أي حال.