الإكوادور… احتجاجات عارمة تتواصل لأسابيع رغم القمع الشديد

مشاركة المقال

مدار + بيبلز ديسباتش: 02 تموز/ يوليو 2022

وقعت الحكومة وممثلون عن السكان الأصليين في الإكوادور، يوم الخميس 30 يونيو/ حزيران 2022، اتفاقية تنهي الاحتجاجات التي كان قد أطلقها الارتفاع المتواصل للأسعار في البلاد، ما تسبب في شل الكثير من المرافق لما يزيد عن أسبوعين. وقد تم التوصل للاتفاق بعد وساطة من الكنيسة الكاثوليكية، ومن أولى بنوده التخفيض في سعر الوقود وفق رغبات المحتجين، لا على أساس ما تم تحديده من قبل الحكومة من أجل محاولة إسكات المتظاهرين.

 وفي خضم التوقيع على الاتفاقية قال ليونيداس إيزا، رئيس اتحاد السكان الأصليين (كوناي): “سنواصل النضال، نحن هنا، ووفقا للاتفاق الذي وقعناه سنعلق الحركة الاحتجاجية في الشارع”.

فيما قال الرئيس الإكوادوري كانر غييرمو لاسو على “تويتر”: “لقد حققنا القيمة العليا التي نتطلع إليها جميعا: السلام في بلدنا. انتهى الإضراب، ونحن الآن نبدأ معا مهمة تحويل هذا السلام إلى تقدم ورفاهية وفرص للجميع”.

وينص الاتفاق بشكل خاص، بالإضافة إلى التحكم في أسعار الوقود، على تشكيل لجنة تفاوض وإنهاء الحصار والتظاهرات في البلاد، بالإضافة إلى رفع حالة الطوارئ؛ كما ينص على إلغاء ومراجعة مرسومين حكوميين، الأول بشأن توسيع استغلال النفط في الأمازون والثاني بشأن التعدين.

وبذلك يكون الاتفاق وضع حدا لما يزيد عن 18 يوما من الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد، ولاسيما في قلب العاصمة كيتو، مع ما واكب ذلك من ضحايا وسط المحتجين.

وبالعودة إلى حيثيات الأسبوعين الماضيين، بما واكبها من احتجاجات ومحاولات من الحكومة قصد فرض شروط معينة، يمكن اعتبار ما تم تحقيقه انتصارا مهما.

يؤدي الضغط الاجتماعي والسياسي إلى بعض النتائج

طيلة الأيام التي شهدت احتجاجات متواصلة، كانت هناك عديد المطالب والمقترحات التي رفعها المحتجون، من بينها اقتراح سحب الثقة من الجمعية العمومية التي تسيطر عليها المعارضة، وإجبار الرئيس لاسو على زيادة الدفوعات الشهرية للأسر الفقيرة بنسبة 10%، أي ما يمثل 55 دولارا، بالإضافة إلى فرض دعم الأسمدة وإلغاء ديون صغار المزارعين ومضاعفة ميزانية التعليم للمدارس التي تدرس بلغات السكان الأصليين؛ كل هذا من ضمن العديد من التدابير التي تم تحقيقها.

وقبل أيام من إنهاء الاتفاق، اضطرت الحكومة تحت ضغط الاحتجاجات إلى خفض أسعار الوقود، وإن لم يكن بالقدر الذي كان يطالب به المحتجون، إذ تم الإعلان يوم الأحد 26 يونيو/ حزيران عن خفض أسعار البنزين والديزل بمقدار 10 سنتات للغالون، ما جعل الأسعار الجديدة تصبح 0.64 دولارا للتر البنزين، بعد أن كانت 0.67، والديزل انتقل من 0.50 دولارا للتر إلى 0.47؛ وهو الأمر الذي لم توافق عليه الحركة الاحتجاجية، مطالبة بخفض سعر البنزين وتثبيته عند 0.55 دولارا للتر، والديزل في 0.39 دولارا للتر الواحد.

ومثلما كان متوقعا، لم يقبل المنظمون الرئيسيون للإضراب الوطني – اتحاد القوميات الأصلية في الإكوادور (CONAIE) والاتحاد الوطني لمنظمات الفلاحين والسكان الأصليين والمنحدرين من أصل إفريقي (FENOCIN) ومجلس الشعوب الإنجيلية الأصلية، ومنظمات الإكوادور (FEINE) – إعلان لاسو الأول في ما يتعلق بتخفيض أسعار الوقود، وقالت المنظمات المحتجة في بيان مشترك إن ذلك “غير كاف ولا يتلاءم مع حالة الفقر التي تعيشها ملايين الأسر”.

لكن المنظمات ذاتها أكدت أن إعلان الرئيس “يظهر أن نضال حركة السكان الأصليين والقطاعات الاجتماعية المنظمة الأخرى والمواطنين لصالح جميع قطاعات البلاد يؤتي ثماره”، مشيرة إلى أنه من خلال النضال الشعبي تم بالفعل تحقيق نصف المطالب، بالإضافة إلى رفع حالة الطوارئ التعسفية.

وأكدت الهيئات ذاتها أنها “رغم الاضطهاد والتجريم والرد القمعي للدولة الذي صادق عليه رئيس الجمهورية في إعلانه، ظلت حازمة وستستمر في إظهار شرعية نضالها”، متعهدة بمواصلة النضال ضد الفقر وأوجه عدم المساواة العميقة الموجودة في البلاد، وداعية الناس إلى البقاء في الشوارع.

سياق التفاوض

بعد إعلان المنظمات وزيادة الضغط الاجتماعي والسياسي، وافقت السلطات الحكومية أخيرا على التفاوض مع المتظاهرين، ودعت ممثلي منظمات السكان الأصليين إلى حضور اجتماع مع ممثلي السلطات التنفيذية والتشريعية والانتخابية والقضائية، وفروع المواطنين من الولاية، لمناقشة مطالبهم في 27 يونيو/ حزيران.

وخلال الاجتماع، أوضحت المنظمات ذاتها أنها تريد من الحكومة قبول أكثر مطلبين جوهرية من بين المطالب العشرة: مزيد من التخفيض في أسعار الوقود وإلغاء المرسومين 95 و151 المتعلقين بسياسة الحكومة بشأن النفط والغاز، والصادر عن لاسو عام 2021. وبعد ساعات من النقاش ومحاولات متكررة من أجل تخريب عملية التفاوض وتأخير استئناف العملية، حققت المنظمات انتصاراً آخر؛ نجحت في إقناع الحكومة بإلغاء المرسوم 95 وحظر الأنشطة الاستخراجية والتعدينية في المناطق المحمية.

 وفي صباح يوم 28 يونيو/ حزيران، استؤنفت التعبئة في جميع أنحاء البلاد. ووصل ممثلو مختلف منظمات السكان الأصليين إلى كنيسة “Basílica del Voto Nacional”، للجولة الثانية من الحوار، على أمل مناقشة المطالب المعلقة من اليوم السابق، لكن المسؤولين الحكوميين لم يحضروا.

وأدان اتحاد السكان الأصليين الحكومة لتخليها عن عملية التفاوض، موردا أنها “تكسر الحوار، مؤكدة بذلك استبدادها وافتقارها للإرادة وعجزها”، وزاد: “نحمل لاسو المسؤولية عن عواقب سياسته الحربية، ونطالب باحترام ممثلينا”.

وبعد ساعات، صرح الرئيس لاسو في بث على التلفزيون الوطني بأن حكومته علقت المحادثات بعد مقتل جندي في كانتون شوشوفيندي في الساعات الأولى من يوم 28 يونيو/ حزيران، في هجوم يُزعم أنه من تنفيذ المتظاهرين.

ومن خلال مؤتمر صحافي، رفض ممثلو منظمات السكان الأصليين الاتهامات، وأدانوا الحكومة لاستمرارها في القمع الوحشي ضد المتظاهرين السلميين من قبل الشرطة والجيش.

قمع وحشي

نقلا عن مقاطع فيديو تم تداولها على منصات التواصل الاجتماعي كدليل، أفادت المنظمات ذاتها بأن مسؤولي قوات الأمن أطلقوا الرصاص الحي على المتظاهرين الذين كانوا قد أقاموا حاجزا على الطريق في مجتمع 18 نوفمبر في مقاطعة شوشوفندي.

وفي اليوم السابق لذلك، خلال اجتماع المفاوضات، انتقدت المنظمات وزير الداخلية باتريسيو كاريلو لترويجه للكراهية والعنصرية والعنف ضد المتظاهرين من السكان الأصليين، وطالبت بإقالته.

وقال رئيس CONAIE إن “السيد باتريسيو كاريلو ليس ضامنًا للديمقراطية”، وزاد: “لقد شعرنا حقا بالكراهية والعنصرية التي يتصرف بها، بل إن هناك العديد من قواته من جيش وشرطة تحتفل بعد إطلاق النار على المتظاهرين؛ فنقترح عليكم تغيير الوزير”، وأشار إلى أن أفرادا من الشرطة تغلغلوا في الاحتجاجات لإثارة أعمال عنف وتخريب لتبرير القمع في ما بعد.

وبحسب بيانات منظمة التحالف من أجل حقوق الإنسان، بين 13 و27 يونيو/ حزيران، فقد ارتكبت قوات أمن الدولة 74 نوعا من انتهاكات حقوق الإنسان ضد المواطنين المشاركين في الإضراب الوطني، وقتلت 5 متظاهرين واعتقلت 147 وأصابت 313 شخصا.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة