استمرار حملات التضامن والمطالبة بسراح صحافيين مغربيين

مشاركة المقال

مدار+ مواقع: 06 ماي/ أيار 2021

منعت قوات الأمن المغربية يوم الأحد 02 ماي 2021 بالدار البيضاء وقفة احتجاجية للجنتي التضامن مع الصحافيين المغربيين المعتقلين عمر الراضي وسليمان الريسوني، كانت قد دعت إليها عائلات الصحافيين بعد تدهور حالتهما الصحية، نظرا لدخولهما في إضراب مفتوح عن الطعام.

ومنذ ما يقارب الشهر، انتشر وسم “أنقذوا حياة عمر وسليمان” على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي بالمغرب، بعد أن قرر الصحافيان الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام.

و بخصوص الصحفي الاستقصائي عمر الراضي، فقد قرر يوم 30 نيسان/ أبريل، أن يعلق “إضرابه عن الطعام بشكل مؤقت”، وفق تدوينة لوالده إدريس على الفايسبوك، وقال: “قرر عمر الراضي، بعد زيارة الطبيب هذا اليوم ونظرا للآثار الخطيرة التي طرأت على صحته وتدهورها بشكل كبير في اليومين الماضيين وبعد استشارة عائلته في هذا الأمر ونزولا عند رغبتها، تعليق إضرابه عن الطعام بشكل مؤقت”.

ووضّح إدريس الراضي في التدوينة ذاتها، “يأتي هذا التعليق المؤقت استجابة كذلك لمناشدات عدد كبير من الشخصيات السياسية والحقوقية والجمعوية” مشيرا إلى أن عمر الراضي أكد أن “هذا التعليق الذي يبدأ مفعوله من اليوم ليس نهائيا، متمسكا بالاستمرار في الدفاع عن حقه الدستوري في محاكمة عادلة والمتابعة في حالة سراح بجميع الوسائل المتاحة”.

ودخل الراضي والريسوني في معركة الأمعاء الخاوية احتجاجا على رفض السلطات المغربية المستمر طلب السراح المؤقت لهما “لعدم وجود ما يبرر استمرار سجنهما” حسب تعبير عائلتيهما.

ويهدد الإضراب سلامة الريسوني الجسدية التي تدهورت بشكل كبير حسب ما ذكرته عائلته في نص الدعوة للوقفة الاحتجاجية، إذ فقد سليمان أزيد من 22 كلغ من وزنه، مع نقص حاد في البوتاسيوم وارتفاع في الضغط؛ ومن جانبه فقد عمر أزيد من 17 كلغ، مع استفحال أعراض مرض الكرون المزمن، بالإضافة إلى إصابته بنزيف معوي اضطره إلى تعليق إضرابه عن الطعام في يومه 22، حسب ما أشرنا إليه.

ومازالت قضية اعتقال المعنيين والتهم الموجهة إليهما مثار جدل واسع في المغرب وخارجه، ومحط تساؤلات حول حرية الصحافة والرأي في البلد، إذ يعتبر اعتقالهما محاولة لقمع الصحافة الاستقصائية أو صحافة التحقيق، خاصة بعد التشهير بهما ومتابعتهما بقضايا *جنسية”، وهو السيناريو الذي أصبح يتكرر في المغرب.

وتم اعتقال سليمان الريسوني، رئيس تحرير جريدة “أخبار اليوم” (توقف مؤخرا عن الصدور)، يوم الجمعة 22 مايو/ أيار من السنة الماضية، بتهمة هتك عرض شاب مثلي مغربي بالعنف واحتجازه، بعد أن أعلن هذا الأخير ذلك في تدوينة بحساب المزور على فايسبوك، دون أن يتقدم بأي شكاية للسلطات المغربية، حسب تصريحات محامي الصحافي الذين أكدوا عدم وجود أي شكاية في حقه. كما أكد “المدعي” أيضا في تدوينة أخرى أن السلطات المغربية عملت على استدعائه لاحقا للإدلاء بشهادته؛ وهو ما جعل العديد من المنظمات المحلية والدولية تندد باعتقال الصحافي، كـ”مراسلون بلا حدود”، ومجلس جنيف للحقوق والحريات، والنقابة الوطنية للصحافة بالمغرب، واعتبرته “تعسفيا”.

تجدر الإشارة إلى أن سليمان عرف بمقالاته وآرائه الناقدة للسلطات المغربية، وافتتاحياته الجريئة في جريدة “أخبار اليوم”، التي تم اعتقال مؤسسها الصحافي “توفيق بوعشرين، وإدانته بـ 15 سنة سجنا لاتهامه بـ”جرائم جنسية والاتجار بالبشر”، في محاكمة انتقدتها الأمم المتحدة عبر مجلس حقوق الإنسان التابع لها، وبعده جرى اعتقال الصحافية هاجر الريسوني، ابنة أخ سليمان، رفقة خطيبها، وإدانتها بسنة سجنا نافذا بتهم “إقامة علاقة جنسية خارج الزواج والخضوع لإجهاض سري”؛ وانتهت القضية بإطلاق سراحها بعفو ملكي.

ويعتبر سليمان ثالث صحافي تمت متابعته واعتقاله بتهم جنسية من الجريدة نفسها، ما يعزز مزاعم الضغط والتضييق على الصحافة المستقلة بالمغرب.

وكانت لجنة التضامن مع سليمان قد أشارت إلى أن “انتقاده اللاذع مؤخراً لأداء الجهات الأمنية والنيابة العامة في إطار تدبير حالة الطوارئ الصحية من أسباب هذا الاعتقال الظالم، ووراء تحريك هذا البحث القضائي، وتدبيره بهذه الطريقة التي لا تحترم الضمانات الدستورية والقانونية”.

أما في ما يخص عمر الراضي، الذي تجاوز 280 يوما من الاعتقال، فيواجه تهما مختلفة، من اغتصاب وعنف وسكر علني، إضافة إلى التخابر لصالح دولة أجنبية  والمس بسلامة الدولة المغربية، ما أثار استغراب الصحافي الذي نفى ذلك بشكل قاطع، وقال: “هذه الاتهامات تسعى إلى تشويه سمعتي واعتباري والنيل من مصداقيتي (…) لدي جميع الوسائل التي تمكنني من الدفاع عن نفسي”.

وسبق لعمر أن أوضح لوكالة الأنباء الفرنسية أنّ التحقيق معه في هذه القضية “له علاقة مباشرة بتقرير (منظمة العفو الدولية) حول التجسّس على هاتفي المحمول”، بعد أن كانت منظمة العفو الدولية اتهمت في أحد تقاريرها السلطات المغربية باستخدام البرنامج المعلوماتي “بيغاسوس” التابع للمجموعة الإسرائيلية “إن إس أو” من أجل إدخال برامج تجسس على الهاتف المحمول للصحافي.

ورغم رفض المغرب هذه الاتهامات، إلا أن المنظمة أكدت أن “الأدلة التقنية التي استخلصها باحثوها من هاتف عمر الراضي تشير بوضوح إلى أن برنامج بيغاسوس تم تثبيته بشكل معين من أشكال الهجوم الرقمي (…) الأمر الذي يتطلب سيطرة على مشغلي الهاتف المحمول في الدولة للتنصت على اتصال هاتف عمر النقال عبر الإنترنت، والذي لا يمكن إلا للحكومة أن تأذن به”.

ورغم حجم التهم الموجهة إليهما، والتشهير الذي طالهما منذ لحظة اعتقالهما، إلا أن قضية سليمان وعمر تحظى بمتابعة مهمة، وبتضامن واسع داخل وخارج المغرب، فقد تم توقيع عريضة للمطالبة بسراح الصحافيين وتمتيعهما بمحاكمة عادلة حملت توقيع أزيد من 300 شخصية، ضمت فاعلين سياسيين وحقوقيين وصحافيين من المغرب، فلسطين، الأردن، لبنان تونس، الجزائر، ليبيا، الجزائر، فرنسا أوكرانيا…

كما كانت النقابة الوطنية للصحافيين بتونس نظمت وقفة احتجاجية أمام مقرها تضامنا مع الصحفيين المغربيين؛ وطالبت صحيفة واشنطن بوست في افتتاحية لها الدولة المغربية بإطلاق سراحهما قبل أي امتيازات سياسية، كما مازالت حملة الهاشتاقات متواصلة وتحظى باهتمام بالغ في مواقع التواصل الاجتماعي بالمغرب وخارجه، كوسم أنقذوا حياة عمر وسليمان، ووسم والصحافة ليست جريمة.

وسط كل هذا التضامن، ومع التصعيد الذي نهجه الصحفيان وتعريض حياتهما للخطر احتجاجا على استمرار توقيفهما دون أي محاكمة، ودون توفر أدلة كافية لإدانتهما، إلا أن القضاء المغربي يصر على موقفه ورفضه تمتيعهما بالسراح المؤقت.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة