صورة: DR
مدار + مواقع: 21 تشرين الأول/ أكتوبر 2020
فرضت السلطات النيجيرية حظر التجول صباح الثلاثاء 20 تشرين/ أكتوبر لمدة 24 ساعة، بعد نحو أسبوعين من الاحتجاجات العنيفة ضد وحشية الشرطة، إذ أعلن حاكم لاغوس على حسابه في تويتر: “تحولت المظاهرات السلمية إلى شبح يهدد رفاهية المجتمع…لذا فرضت حظر التجول لمدة 24 ساعة في المدينة”.
وتابع حاكم الولاية النيجيرية في بيان: “فقدنا أرواحا وأيادي وأرجل أشخاص، حيث يختبئ مجرمون وأوغاد الآن تحت مظلة هذه الاحتجاجات لإطلاق العنان للفوضى على ولايتنا”، وقال إن حظر التجول بدأ في الساعة 16.00 بتوقيت غرينتش، وينطبق في جميع أنحاء ولاية لاغوس، بما في ذلك العاصمة التي يسكنها ما يقدر بنحو 14 مليون شخص.
وبدأت الاحتجاجات في 8 تشرين أول/أكتوبر في جميع أنحاء البلاد لمطالبة السلطات بإلغاء وحدة شرطة متعسفة تسمى الفرقة الخاصة لمكافحة السرقات (سارس)، وذلك بعد انتشار مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي يظهر ضابطا من “سارس” يطلق النار على شاب في ولاية دلتا جنوب نيجيريا.
وأعلنت الحكومة في 11 تشرين أول/أكتوبر أنها ستحل وحدة “سارس”، لكنها قالت أيضا إنه سيتم دمج ضباطها في وحدات شرطة أخرى إذا اجتازوا الاختبارات النفسية.
ويتهم النيجيريون “سارس” منذ سنوات عديدة بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان، بما في ذلك القتل خارج نطاق القانون والتعذيب والاعتقالات التعسفية والاحتجاز غير القانوني والابتزاز.
وقتل في المظاهرات عدد من الأشخاص من طرف قوى حفظ النظام التي أطلقت الرصاص الحي على المتظاهرين، حسب بيان “أمنستي” الدولية التي أوضحت أن المتظاهرين تجمعوا بشكل سلمي في تحد لقرار حظر التجول، وقدرت عدد القتلى بخمسة عشر قتيلا بينهم شرطيان، مند انطلاق المظاهرات قبل عشرة أيام، مستندة إلى تصريحات شهود عيان شاهدوا جثثا مرمية على الأرض.
وتحدثت مصادر محلية عن ارتفاع كبير في عدد الجرحى، الذين ازدحمت بهم المستشفيات.
واستمر الآلاف في التجمع غير ملتفتين إلى وعود السلطات في أكبر مدن الجنوب، ففي أبوجا العاصمة الفيدرالية، انفجرت تظاهرات يوم الإثنين ردت عليها قوى حفظ النظام بإطلاق الغازات المسيلة للدموع، حسب مصدر صحافي من المكان، كما هاجم مسلحون بالسكاكين والعصي والمدى مواكب المتظاهرين، حسب شهادات.
وانطلقت المظاهرات بعد توجه مجموعة مما يقارب 300 متظاهر نحو مقر شرطة في حي بنين سيتي، قبل أن يهاجمهم 50 شخصا جاؤوا على متن شاحنة، حيث فرقوا التظاهرة بعنف نتج عنه قتيل واحد. وقد استغل الوضع ما يقارب ألفي سجين للهروب من السجن المحلي حسب وكالات.
وفي لاغوس نصب المحتجون متاريس في الطرق لمنع السير، وفرضوا الشلل التام على العاصمة، ما أرغم السلطات على إقفال المدارس. كما استمر الآلاف في التجمع بالمدينة، حيث أحرقوا مركز شرطة، وهاجموا في مناطق أخرى شركة نقل.
وكانت أبوجا العاصمة الفيدرالية يوم الإثنين 20 تشرين/ أكتوبر مسرحا مواجهات بين المحتجين وقوات البوليس، التي استعملت الغاز المسيل للدموع.
وفي مدينة بينان سيتي هاجمت مجموعات من الشباب بتحريض من زعماء محليين المتظاهرين الذين هاجموا بدورهم مقرات أحزاب سياسية.
الاحتجاج الذي بدا بفضح عنف وتعسف الشرطة، المتهمة باعتقال المواطنين دون سبب، والتعذيب، بل القتل، تحول إلى مطالب ضد السلطة القائمة؛ إذ طالب المحتجون برحيل الرئيس محمد بخاري، رافعين لافتات كتب عليها: “كل الشيوخ الدين تجاوزوا الخامسة والستين يجب أن يغادروا الحكومة، بمن فيهم بخاري”.
وتعاني الطبقة المتوسطة وعموم المحرومين منذ شهور من إجراءات إغلاق الحدود البرية النيجيرية، ومن ارتفاع أسعار المواد الأساسية، في بلد يزخر بثروات طبيعية كثيرة، وفي مقدمتها النفط، الذي تعد نيجريا من أكبر منتجيه في القارة السمراء.
ويطالب النيجيريون، والشباب على الخصوص، بإصلاحات سياسية تتيح لهم المشاركة في تسيير البلاد، وبتحسين أوضاعهم الاجتماعية ومزيد من فرص الشغل، والرفع من الأجور في بلد يبلغ فيه الفقر مستويات فظيعة، وتتفاقم البطالة إلى درجة كبيرة.
وفي هذا السياق، عبر أحد المحتجين عن غضبه بالشكوى: “كيف يمكن أن نعيش في بلد دون أن ننعم براحة البال؟ لقد زيد في سعر ثمن البنزين، وسيستمر الوضع هكذا، في بلد يزخر بثروة هائلة من النفط، ..ومن أجل الغذاء نشتري كيس رز بما يقابل 80 أورو”.