مدار + مواقع: 21 تشرين الأول/ أكتوبر 2021
في ظل الوضع الوبائي الحالي، ازدادت معاناة العمال في كوريا الجنوبية، لاسيما أن النظام الحاكم يقوم بتقييد أي محاولات لتحركهم، تعبيرا عن رفضهم الوضع، من خلال القوانين التي يتم تمريرها على اعتبار أنها مساعدة للحد من انتشار الوباء.
وشهد الأربعاء 20 أكتوبر/ تشرين الأول نزول عشرات الآلاف من المنتسبين إلى النقابات العمالية لشوارع مختلف المدن الكورية، تعبيرا عن مطالبتهم بتحسين ظروف العمل للعمال غير النظاميين ورفع الحد الأدنى للأجور، لاسيما أن إحصاء تم في غشت/ آب من العام الماضي أظهر أن العمال غير النظاميين يمثلون 36.1 في المائة من إجمالي عدد العمال بأجر.
ويشتكي العمال من وضعهم الصعب، معبرين عن أنهم يعانون حرفيا من أجل كسب قوتهم اليومي فقط، في ظل تقارير تحدثت عن أن “العمال في كوريا يعملون 44.6 ساعة في الأسبوع في المتوسط، وهو أعلى من متوسط عدد ساعات العمل الأسبوعية (32.8) في الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (تضم 34 عضوا)”.
المظاهرات تشل مختلف القطاعات
ونحن على بعد بضعة أشهر على الانتخابات الرئاسية في كوريا، المقررة في 8 مارس/ آذار المقبل، عرفت شوارع البلاد مسيرات حاشدة لعمال يطالبون بتحسين وضعيتهم المتدهورة، رغم التهديدات المتكرر من الحكومة بأن التجمع غير قانوني وينتهك القيود الخاصة بكوفيد-19.
هذا وعبر اتحاد نقابات العمال الكوري (KCTU) عن أن حوالي 80 ألف عضو انضموا إلى التجمعات في 13 مدينة، في حين أن عدد من شاركوا في الإضراب وصل إلى 550 ألفا في مختلف مدن البلاد.
وفي وقت كان العمال يرفعون مطالبهم، عرفت مختلف القطاعات شللا تاما، كما أن حوالي 1000 عامل توصيل قاموا بإيقاف تطبيقات هواتفهم للانضمام إلى الإضراب، حسب النقابة ذاتها.
ويأتي هذا الإضراب في خضم مطالب من أجل أن يتم تمكين العمال غير النظاميين من لمزايا الكاملة بموجب قوانين العمل في كوريا الجنوبية، بمن فيهم العمال المؤقتون والعمال المتعاقدون.
وفي سيول وحدها، حسب التقارير، نزل حوالي 27 ألف شخص إلى الشوارع، في حين واجهت الشرطة الأمر بنشر حوالي 12 ألف ضابط لإقامة حواجز لمنع الناس من التجمع في ساحة كوانغهوامون، حيث تقام معظم المظاهرات. كما تم إغلاق مخارج مترو الأنفاق القريبة، ما أجبر أعضاء النقابة، الذين كانوا يرتدون الزي الوردي والأبيض، على سلك طرق أخرى.
كما أن تقارير محلية نقلت وقوع بعض الاشتباكات مع ضباط شرطة كانوا يحاولون منع متظاهرين من التحرك، بعد أن أصدرت شرطة وحكومة مدينة سيول تحذيرات متكررة من أن مثل هذا التجمع الواسع يتعارض مع قانون الوقاية من الأمراض المعدية.
ورغم كل المضايقات التي سبقت المسيرة، قررت النقابة المضي قدما بهدف تسليط الضوء على قضايا العمال قبل الانتخابات الرئاسية في مارس المقبل؛ كما وعدت بالامتثال لإرشادات مكافحة الفيروسات واستكمال الإضراب والتجمع السلمي.
وكانت الهيئة ذاتها أوردت في ندوة صحافية قبل أسبوع أنها حثت الحكومة على الاستمرار في معالجة القضايا التي يواجهها العمال غير النظاميين، الذين عانوا أكثر من غيرهم بسبب وباء كوفيد-19، لكنها “حاولت تكميم الأفواه دون إعطاء إجابة”، حسبها.
ويضم اتحاد نقابات العمال الكوري (KCTU) حوالي 1.1 مليون عضو، وهو أحد نقابتين عماليتين رئيسيتين في البلاد.
التعاطي الحكومي مع التحركات والمطالب
لعل أبرز مثال على نوع التعاطي الذي تنتهجه الحكومة الكورية الجنوبية الاعتقال الذي يعاني منه يانغ كيونغ سو، رئيس اتحاد نقابات العمال الكوري (KCTU)، إلى حدود اليوم، بعد أن أصدرت محكمة محلية في سيول مذكرة توقيف بحقه، نظير مزاعم لممثلي الادعاء بأنه انتهك قواعد التباعد الاجتماعي لكوفيد-19 من خلال تنظيم مسيرة وسط المدينة في 3 يوليو/ تموز، حضرها حوالي ثمانية آلاف عضو من النقابة.
وفي علاقة باحتجاجات الأربعاء، كانت الحكومة أصدرت تهديدات في حالة ما تم اللجوء إلى الشارع من خلال التلويح بتطبيق صارم للقوانين الزجرية، لاسيما أنها أصدرت قبل أسابيع قوانين تمنع التجمعات لأكثر من 10 أشخاص.
هذا وقال وزير الداخلية والسلامة جيون هاي تشول في بيان صبيحة الأربعاء: “في وقت نعيش على وقع نقطة تحول مهمة في اتجاه استعادة الحياة الطبيعية، فإن إعلان الاتحاد عن إضراب عام على مستوى البلاد قد يهدد المسار الصحي الحالي ويقلل من التوقعات بالرجوع إلى الحياة طبيعية”، وأضاف متوعدا المشاركين: “سنتخذ إجراءات صارمة ضد مثل هذه الأنشطة غير القانونية طبقا لسياسة عدم التسامح مطلقا”.