لبنان.. مزارعو التبغ يواجهون مؤامرات “الريجي” وتواطؤ النقابة

مشاركة المقال

مدار: 05 تشرين الثاني/ نونبر 2021

كاترين ضاهر

رفض مزارعو التبغ في جنوب لبنان تسليم محصولهم لهذا العام لإدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية (الريجي)، احتجاجاً على تدني الأسعار التي بلغت 43 ألف ليرة لبنانية للكيلوغرام كحد أقصى، أي ما يعادل دولارين، بينما كانت تزيد عن 8 دولارات منذ عامين.

صورة: عاملة في حقل التبغ، مدار.

وباشرت إدارة “الريجي”، الأسبوع الماضي، تسلم محصول التبغ في مناطق الجنوب، وشهدت مراكزها اعتصامات رافضة لهذه الأسعار التي لا تتلاءم وتكلفة الزراعة الباهظة إذا دفعت بالدولار الأمريكي. وعمد عدد من المزارعين إلى إعادة محاصيلهم، مطالبين بالحصول على الحد الأدنى من حقوقهم، ورفع الأسعار إلى 100 ألف ليرة.

وفي المقابل نفّذ مزارعو التبغ سلسلة اعتصامات أمام مراكز “الريجي” والبلديات في المناطق، رفضاً للأسعار الجائرة التي فرضتها “الريجي”، لأنها أدنى بكثير من التكلفة الباهظة التي تكبدوها هذا الموسم، مع غلاء فاحش في أسعار الأسمدة والأدوية والمحروقات والمستلزمات الزراعية كافة.

صورة: عاملة في حقل التبغ، مدار.

تجدر الإشارة إلى أن جميع المزارعين في لبنان، ولاسيما مزارعو التبغ، عانوا العام الماضي بسبب ارتفاع كلفة الزراعة، من حراثة الأرض والسماد و”الشك” (تصفيف أوراق التبغ في خيطان)، والأيدي العاملة، إذ كانت المتطلبات تدفع بما يوازي سعر الدولار، ما أدى إلى تكبدهم خسائر فادحة جرّاء هذه الأسعار غير المتناسبة مع تكاليف زراعة الموسم. كما انعكست أزمة الانهيار الاقتصادي على الناس جميعاً، ولاسيما ما سببته السياسات النقدية في مصادرة أموال المودعين، وعدم قدرة المواطن على سحب أمواله من المصارف.

للإضاءة على هذه القضية، أفاد النقابي خليل ديب، عضو “تجمع مزارعي التبغ في الجنوب”، بأن “اللجنة الزراعية في الحزب الشيوعي اللبناني دعت مزارعي التبغ في الجنوب والبقاع الغربي إلى الوقوف صفاً واحداً للمطالبة بالحقوق المشروعة، وزيادة الأسعار بما يوازي ثمانية دولارات للكلغ، أسوة بالأسعار المعتمدة عام 2019، مؤكّدة أن ‘الريجي’ تتنكر لحقوق المزارعين، ولا تقر بأي شكل من أشكال العلاقة العادلة معهم، التي يُفترض عبرها ضمانة حقوقهم المهدورة على مدى عقود من الزمن، بدءاً من: تثبيت التراخيص للمزارعين – استلام كامل المحاصيل- رفع قيمة الأسعار بما يوازي مستويات الغلاء – وتأمين الضمان الصحي والاجتماعي للمزارعين”.

وشدّد ديب على أن “الخيار الوحيد المتبقي هو المضي في هذا الموقف الرافض لتسليم المحاصيل وفق الأسعار المعتمدة، والاستمرار في عدم الخضوع للتهديد والتهويل حتى تحقيق المطالب، وأولها زيادة الأسعار”؛ كما أكّد أن “تلك المحاصيل هي اليوم عرضة للنهب والمصادرة من قبل شركة الريجي، التي تمعن في إجراءاتها الظالمة والتعسفية، من خلال تسعير المحاصيل بأبخس الأثمان، متجاهلة كل تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية ومضاعفاتها على كاهل كافة الشعب، وبخاصة المزارعين، الذين هم بالأصل يعانون الفقر والحرمان، وما الأسعار المتدنية التي اعتمدتها الشركة إلّا دليل واضح على مدى استهتارها ومن خلفها بحق آلاف العائلات التي تعتاش من زراعة التبغ، وبالكاد تغطي نصف التكاليف والنفقات المستهلكة في مراحل الموسم كافة”.

واستنكر ديب “مزاعم الشركة التي تدعي أن استلام محاصيل التبغ يسبب لها خسائر فادحة، بينما تصدر ما نسبته 60 % من تلك المحاصيل لشركات التبغ العالمية، التي تفضل التبغ اللبناني على كل أنواع التبغ العالمية، لخصائصه وجودته، وذلك بأسعار تزيد عن 15 $ للكلغ”، وزاد: “للعلم هي تحتفظ بمدخرات تفوق الـ 800 مليار ليرة، أي ما يعادل 500 دولار، عند نهاية العام 2018، وفقاً لتصريح مديرها العام. كما تصادر الشركة كميات من محاصيل المزارعين تفوق 450 طن من التبغ، وتعمد إلى استغلالهم وسرقة أتعابهم أثناء التسليم، فتخصم 1 كلغ عن كل طرد في مرحلة القبان (أخذ وزن محصول التبغ)، وعددها 16 طرداً و10 كلغ بتصنيف عديم النفع في مرحلة ‘التخمين’ (تصنيف نوعية وجودة التبغ)”.

صورة: عامل في حقل التبغ، مدار.

ولا تقف تجاوزات “الريجي” عند هذا الحدّ، فحسب المصدر عينه “أجبرت الشركة المزارعين على فتح حسابات في المصارف، وعمدت إلى إغرائهم تحت ذريعة منحهم قروضاً بنسب متدنية الفوائد، ولا تتعدى 2.5%، ورفضت أداء مستحقاتهم من ثمن المحاصيل إلّا عبر المصارف، ما اضطرهم إلى التعامل مع البنوك، وبالتالي حصلوا على قروض تعادل قيمة محاصيلهم، وبعد عامين رفعت المصارف نسبة الفائدة إلى 16%، فوقع المزارعون في ورطة لعدم قدرتهم على سداد القروض، ما استوجب تجديدها وتسديد فائدتها، واستمرت هذه المعضلة منذ العام 2006 وحتى 2020، إذ رفضت المصارف تجديد قروض المزارعين وصادرت الشيكات العائدة لهم ومازال العديد منهم مديناً لها حتى اليوم”.

وللأسف، لا تقرّ “الريجي” بأي شكل من العلاقات مع 18 ألف عائلة لبنانية تزاول زراعة التبغ (عمال، أجراء أو متعاقدين..)، بهدف التنصّل من أي مسؤولية تجاههم كإلحاقهم بالضمان الصحي والاجتماعي ونكران أي حقوق لهم بالتعويضات.

أما عن غياب الدور النقابي لحماية هؤلاء المزارعين، فشرح ديب أن “نقابة المزارعين تابعة لأطراف السلطة، تخلّت عن دورها، فبدلاً من حماية حقوق المزارعين، هي تدافع عن إجراءات ‘الريجي’ وقراراتها الظالمة، إذ تجول في القرى وتحاول إقناع المزارعين بتسليم محاصيلهم، بحجة أن الشركة لا تحتمل الخسارة في حال تم رفع الأسعار”، وزاد أن “هناك المئات من النازحين السوريين يمتهنون زراعة التبغ من دون تراخيص وبعلم الريجي، ويبيعون محاصيلهم بأسعار متدنية لأصحاب التراخيص الرديفة المعطاة للمحاسيب في خانة النقابة المزيفة”.

واختتم ديب بتأكيده على مواصلة معركة الدفاع عن الحقوق والتصعيد، إذ هناك اجماع لمزارعي التبغ على رفض تسليم المحصول وفقاً للأسعار المفروضة عليهم من قبل “الريجي”.

صورة: عاملتين في حقل التبغ، مدار

يُشار إلى أن إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية (الريجي) أُنشئت عام 1935 لتُصبح اليوم مرفقاً عاماً، تعمل تحت وصاية وزارة المال، وتتولى إدارة وزراعة التبغ والتنباك وتصنيعهما وتجارتهما في مختلف المناطق اللبنانية، وتُصنّع في منشآتها في الحدث وطرابلس سجائر محلية وتبغ منكّه. وعملاً بالقانون رقم 151، تُعتبر “الريجي” الوكيل الحصري لجميع المنتجات التبغية المستوردة، والمؤسسة الوحيدة التي تمتلك سلطة منح تراخيص بيع التبغ.

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة

البرازيل

لولا دا سيلفا يحشد لمكافحة الجوع والفقر

مدار: 25 تموز/ يوليو 2024 دعا الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا الأربعاء دول العالم إلى التحرّك لمكافحة الجوع “أشدّ أشكال الحرمان الإنساني إذلالا”،