مدار + مواقع: 01 ديسمبر/ كانون الأول 2023
وسط استغراب كبير، وبينما جرت العادة أن يرأس وزراء خارجية البلدان المستضيفة لمؤتمرات المناخ، اختارت قيادة الإمارات العربية أن تعيّن وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدّمة ومبعوثها للتغير المناخي سلطان الجابر رئيسا لمؤتمر المناخ -كوب 28- المنعقد حاليا في دبي.
ليس هذا هو الغريب في الأمر. المثير للريبة هو أن المسؤول الإماراتي الرفيع هو يشغل أيضا منصب الرئيس التنفيذي لشركة “أدنوك” النفطية الحكومية العملاقة، كما أسّس سنة 2006 الشركة الإماراتية الوطنية للطاقة المتجددة “مصدر” التي لا يزال يرأس مجلس إدارتها، كما أنه من بين الشخصيات البارزة في أعمال النفط والمحروقات، أحد المصادر الرئيسية للتغير المناخي الذي قلب كوكبنا رأسا على عقب.
خطوة غير موفقة على ما يبدو من جانب الإمارات التي سرعان ما أثارت غضب النشطاء البيئيين الذين أثاروا شبهة تضارب المصالح.
انتقادات اكتسبت حجيّتها بعد تقرير لموقع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) ومركز التقارير المناخية (CCR) استنادا إلى عدد كبير من الوثائق حصلا عليها عن طريق “مسرّبين”.
وتُظهر الوثائق المسرّبة إحاطات داخلية أعدّها الفريق الإماراتي المنظم لكوب 28 من أجل الجابر، قبل اجتماعاته مع ممثلي حكومات أجنبية وتتضمن نقاطًا لمناقشة مشاريع إماراتية في مجال الطاقة، متعلّقة بوجه خاص بالشركتَين اللتين يرأسهما الجابر وهما “أدنوك” و”مصدر”.
التقرير الإعلامي أشار أيضا إلى أن الإمارات “تسعى إلى إبرام مزيد من صفقات النفط والغاز خلال قمة المناخ (كوب 28)”.
وكانت انتقدت منظمات غير حكومية “زجل الغاز والنفط” المذكور، وخيّرته بين تقديم استقالته من شركة “أدنوك” أو التخلي عن رئاسة كوب 28.
من جانبه، نفى سلطان الجابر، الأربعاء الماضي، الاتهامات الموجهة إليه في تقرير الـ “بي بي سي”، معتبرا أن “”هذه المزاعم كاذبة وليست صحيحة وغير دقيقة”، وقال في بيان صحفي نقلته وكالة “أسوشييتد برس”، إنه “وافق على التنحي” من رئاسة شركة “أدنوك”.
خطوة جاءت، على ما يبدو، نتيجة الضغط وعلى مضض، في ظل المساعي الإماراتية لتحسين صورتها أمام الدولي، وبالتالي تحرص على التخفيف من حدة الانتقادات الموجهة إليها حيال تنظيم مؤتمر المناخ.
ومع ذلك، اهتزت الأوساط المنظمة للحدث في دبي، حيث يجري تنظيم القمة، اليوم الجمعة، بعد أن تقدمت هيلدا هاين، باستقالتها من عضوية المجلس الاستشاري الرئيسي لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ كوب 28.
وقالت هاين، وهي الرئيسة السابقة لجزر مارشال، في بيان استقالتها، إن التقارير التي تفيد بأن الإمارات تعتزم مناقشة اتفاقات محتملة بشأن الغاز الطبيعي وغيره قبل محادثات الأمم المتحدة بشأن المناخ “مخيبة للآمال بشدة” و تنذر بتقويض نزاهة عملية التفاوض متعددة الأطراف، وفق ما نقلته مصادر إعلامية.
وأضافت هاين في الرسالة التي أرسلتها إلى رئيس المؤتمر، سلطان الجابر، “هذه التصرفات تقوض نزاهة رئاسة المؤتمر والعملية برمتها”، نقلا عن المصدر ذاته.
وانطلق يوم الخميس 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 كوب 28، ويمتد إلى غاية 12 ديسمبر/ كانون الأول، في الإمارات العربية المتحدة، أحد أكثر البلدان إنتاجا للمحروقات في العالم.
وتتوجه الأنظار إلى هذه القمة، في سياق الضغط الذي يفرضه التغير المناخي على ملايير البشر حول العالم، خصوصا في بلدان الجنوب، وهي التي تتحمل العبئ الأكبر لهذه التغيرات دون أن تكون سببا لها.
وصادق المؤتمر في يومه الأول على قرار تنفيذ إنشاء صندوق “الخسائر والأضرار” المناخية لتعويض الدول الأكثر تضررا من تغيّر المناخ، غير أن طرق استفادة الدول وأحجام الإعانات مازال يعتريها الغموض، في ظل الحديث اتخاذ إجراءات تجريبية في السنة المقبلة لـ “إقناع المانحين”.
ويراهن على القمة أيضا لاتخاذ إجراءات عاجلة وفعالة لوضع حد لارتفاع المتسارع لدرجة حرارة الكوكب، خصوصا وقف الاعتماد على الوقود الأحفوري.
وقال الرئيس البرازيلي، لولا دا سيلفا، الذي ستستضيف بلاده مؤتمر كوب 30 بعد سنتين من الآن، إن “الأرض سئمت اتفاقات المناخ التي لا تُحترم”.
وصرّح الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إن “العلم واضح: سقف 1,5 درجة مئوية لا يمكن الحفاظ عليه إلا إذا توقفنا عن استهلاك كافة أنواع الوقود الأحفوري”. وشدد على أن “المؤشرات الحيوية للكوكب تنهار: انبعاثات قياسية وحرائق شرسة وحالات جفاف مميتة والعام الأكثر حرا على الإطلاق”.