صورة: DR
مدار: 17 تشرين الثاني/ نوفمبر 2020
قال باحث في منظمة العفو الدولية إن “فرنسا ليست نصيرة حرية التعبير كما تزعم“، واعتبر ماركو بيروليني إن “أولئك الذين لا يوافقون على نشر الرسوم الكاريكاتورية لهم الحق أيضاً في التعبير عن مخاوفهم. كما يكفل الحق في حرية التعبير إمكانية انتقاد خيار تصوير الأديان بطرق قد يُنظر إليها على أنها نمطية أو مُسيئة”، وأردف الباحث في منظمة العفو الدولية لشؤون أوروبا، “إنَّ مُعارضة الرسوم الكاريكاتورية لا تجعل المرء [انفصالياً]، أو متعصباً، أو [إسلامياً].
وتزايدت النزعات العنصرية الموجهة ضد المسلمين بفرنسا، مهاجرين كانوا أو فرنسيين، على إثر جريمة القتل المروعة للمدرس الفرنسي صامويل باتي، بعد أن عرض رسوم كاريكاتور “مسيئة” للرسول محمد داخل فصل دراسي، ورد إمانويل ماكرون، الرئيس الفرنسي وحكومته على جريمة القتل بإعلان دعمهم لحرية التعبير، غير أن الدولة الفرنسية شنت حملة، وصفت من طرف بعض الناشطين الحقوقيين بـ”الطائفية”.
وسبق جريمة قتل المدرس الفرنسي أن نشرت مجلة شارل هيبدو الساخرة رسوم كاريكاتورية مسيئة لرسول المسلمين، على إثر ذكرى الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها المجلة. وعرفت الأوساط المسلمة سخطا واسعا مما اعتبروه “ازدراء لدينهم وإهانة لنبيهم”، ونظمت مسيرات حاشدة ببلدان عديدة، رغم انتشار الوباء.
واعتبر ماركو بيروليني أن هذه الوقائع فرضت “نقاشات صعبة حول حرية التعبير ومن يحق له ممارستها”، وذكّر في مقال كتبه على موقع “نيوزويك”، بأن محكمة فرنسية أدانت رجلين بتهمة “الازدراء” بعد أن أحرقا دمية تمثل الرئيس ماكرون خلال مظاهرة سلمية. وأوضح أن البرلمان الفرنسي “يناقش حالياً قانوناً جديداً يجرّم تداول صور المسؤولين عن إنفاذ القانون عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ومن الصعب التوفيق بين هذا التوجه وبين دفاع السلطات الفرنسية الشرس عن حق تصوير النبي محمد في رسوم كاريكاتورية”. ويحيل هذا النقاش البرلماني على إمكانية ازدراء نبي المسلمين، لكن لا يجب المساس بالمسؤولين الفرنسيين “المقدسين”!
وفي سياق الحملة التي يتعرض لها المسلمون بفرنسا، قامت السلطات الفرنسية بتعميم رقم “أخضر”، يتيح لأي كان أن يبلغ عن أي شخص “مشكوك فيه” بالتطرف والعنف؛ الخطة التي أقدمت عليها وزارة الداخلية الفرنسية، لم تكن معزولة عن الضغط الذي كانت تشهده البلاد، وسط حديث الرئيس الفرنسي عن “الإسلاموية الإنفصالية” و”التطرف”، ويثير المنشور شكوكا حول “استهداف مباشر للمسلمين”، وهو ما قد يكون تمييزا على أساس الدين في الجمهورية الخامس، التي تدعي حيادها واحترامها لحرية المعتقد؛ لماذا يتم التغاضي عن حركات اليمين المتطرف، بينما يتم استهداف المسلمين دون غيرهم من المتدينين؟
وشدّد الباحث في المنظمة الحقوقية على كون “سجل فرنسا في حرية التعبير في مجالات أخرى قاتم بنفس القدر” وأودر أنه “في كل عام يُدان آلاف الأشخاص بتُهمة [ازدراء الموظفين العموميين]، وهي جريمة جنائية مُعرَّفة بشكل غامض وطبقتها سلطات إنفاذ القانون والسلطات القضائية بأعداد هائلة لإسكات المعارضة السلمية. ففي يونيو/حزيران من هذا العام، وجدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن إدانة 11 ناشطاً في فرنسا بسبب قيامهم بحملة لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية تنتهك حقهم في حرية التعبير”.
وقال كاتب المقال إن “خطاب الحكومة الفرنسية بشأن حرية التعبير لا يكفي لإخفاء نفاقها المخزي. إن حرية التعبير لا معنى لها إلا إذا كانت تنطبق على الجميع. وينبغي ألا تستخدم حملة الحكومة من أجل حماية حرية التعبير للتستّر على الإجراءات التي تعرض الناس لخطر انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك التعذيب”
واعتبر باحثون في العلوم السياسية أن الحملة التي يتعرض لها المسلمون بفرنسا، لا تتعلق بمعتقدهم الديني فقط، بل باستغلال هذه “العقدة” من أجل إشغال الرأي العام الفرنسي عن الأزمة الاقتصادية المتفاقمة التي تشهدها بلادهم، خصوصا مع تداعيات الإغلاق بسبب جائحة كورونا؛ ومحاولة استمالة أصوات اليمين المتطرف للتصويت على إيمانويل ماكرون في الإنتخابات المقبلة، بعد أن تراجعت شعبيته لدى الفرنسيين، حسب استطلاعات رأي حديثة.