مدار: 09 مايو/ أيار 2022
وصلت درجات الحرارة في أجزاء مختلفة من الهند وباكستان إلى مستويات غير مألوفة، ما يعرض حياة الملايين للخطر، لاسيما أن الآثار المدمرة للظاهرة أصابت جميع الميادين والقطاعات.
لقد كان متوسط درجة الحرارة في الشمال الغربي ووسط الهند في أبريل الماضي هو الأعلى منذ اعتماد السجلات قبل 122 عاما، حيث وصلت درجات الحرارة في الفترة نفسها إلى 35.9 و37.78 وفقا لإدارة الأرصاد الجوية الهندية.
كما أن نيودلهي شهدت الشهر الماضي سبعة أيام متتالية كانت فيها درجة الحرارة فوق 40 درجة مئوية، بزيادة ثلاث درجات عن المتوسط الوطني، ما دفع العديد من المدارس إلى إقفال أبوابها وتأثرت المحاصيل الزراعية؛ ما حذا بالمسؤولين إلى مطالبة السكان بالبقاء في منازلهم.
هذا ولم يختلف الوضع في الجارة الغربية، باكستان، التي عانت من الارتفاع نفسه في درجات الحرارة، حيث سجلت مدينتا جاكوب آباد وسيبي في إقليم السند جنوب شرق البلاد درجات حرارة بلغت في أيام معينة 47 درجة مئوية، وفقا لإدارة الأرصاد الجوية الباكستانية، موردة أنها أعلى درجة حرارة تم تسجيلها في نصف الكرة الجنوبي.
وقالت وزيرة تغير المناخ الباكستانية شيري رحمان في بيان: “هذه هي المرة الأولى منذ عقود التي تشهد فيها باكستان هذا الارتفاع الهائل في درجات الحرارة في فصل الربيع”.
هذا الارتفاع في درجات الحرارة تسبب في العديد من المشاكل التي زادت من معاناة الفئات الهشة التي تكبدت ويلات العامين الماضيين من كوفيد، في ظل سياسات الأنظمة الحاكمة التي قامت بتوجيه مواردها نحو دعم أصحاب الأموال، وتجاهلت في الآن نفسه الوضع الكارثي لعامة الشعب.
خسارة المحاصيل
وغالبا ما تشهد الهند موجات حرارة مرتفعة خلال أشهر الصيف، وبالضبط في مايو/ أيار ويونيو/ حزيران، لكن الوضع هذا العام مختلف، لأن درجات الحرارة بدأت الارتفاع هذا العام منذ مارس/ آذار وأبريل/ نيسان.
وفي ولاية البنجاب الشمالية، المعروفة باسم “سلة خبز الهند”، تسببت درجات الحرارة المرتفعة في إجهاد ملايين العمال الزراعيين، وأيضا حقول القمح التي يتم الاعتماد عليها في المنطقة لإطعام العائلات وبيعها في جميع أنحاء البلاد.
هذا الوضع جعل المزارعين الهنود يتخوفون من عام فلاحي سيئ يزيد من معاناتهم، لاسيما أن المؤشرات الحالية تحدثت عن أن زيادة درجة الحرارة بـ7 درجات في البنجاب أدى إلى انخفاض غلة القمح. وتم التطرق إلى أنه إلى حدود الآن تم فقدان ما يزيد عن 500 كيلوغرام من القمح عن كل هكتار من المحاصيل.
إن هذا الارتفاع في درجات الحرارة وما يرافقه من تأثير عي المحاصيل الزراعية من المفترض أن يزيد من معاناة العمال الزراعيين الذين عانوا طيلة الجائحة من نقص كبير في الإنتاج، بالنظر إلى تخصيصهم جزءا كبيرا من وقتهم للاحتجاج من أجل إسقاط القوانين الثلاثة التي حاولت حكومة مودي تمريرها.
إغلاق المدارس وانقطاع التيار الكهربائي
شهدت بعض المناطق في الهند ارتفاعا كبيرا على طلب الكهرباء، ما أدى إلى نقص الفحم، وهو الأمر الذي ترك الملايين من دون كهرباء لما يزيد عن تسع ساعات يوميا.
وحسب وزارة الطاقة الهندية فإن الأسابيع الماضية عرفت وصول مخزونات الفحم في ثلاث من أصل خمس محطات للطاقة تعتمد عليها دلهي لتزويد الطاقة إلى مستويات منخفضة للغاية، إذ انخفضت إلى أقل من 25 %.
وهو الأمر الذي دفع وزارة السكك الحديدية إلى إلغاء ما يزيد عن 650 قطار ركاب حتى نهاية مايو/ أيار الحالي، من أجل مضاعفة قطارات الشحن، إذ تسارع البلاد لتجديد مخزون الفحم في محطات الطاقة. وتعد وزارة ذاتها المورد الرئيسي للفحم لمحطات الطاقة في جميع أنحاء البلاد.
هذا وأعلنت بعض الولايات الهندية، بما يشمل ولاية البنغال الغربية وأوديشا، عن إغلاق المدارس من أجل التعامل مع ارتفاع درجات الحرارة.
وقالت رئيسة وزراء ولاية البنغال الغربية ماماتا بانيرجي للصحفيين الأسبوع الماضي: “إن الأطفال الذين اضطروا للذهاب إلى المدرسة أصيب الكثير منهم بنزيف في الأنف… لا يمكنهم تحمل هذه الموجة الحارة”.
ورغم أن البلاد طيلة السنوات الماضية شهدت درجات حرارة تؤثر على المتمدرسين، وبالأخص الصغار منهم، إلا أن الحكومة الفيدرالية وحكومات عدد من الولايات لم تقم بوضع خطط من أجل مواجهة هذه الظاهرة، وهو الأمر الذي جعل العائلات كل عام تتعامل مع ارتجالية في القرارات يتم تنزيلها في آخر لحظة.
هذا الوضع ينذر بأن الهند ستشهد صيفا حارا بشكل رهيب، ما يعني أن الوفيات التي تشهدها البلاد كل عام جراء ارتفاع درجات الحرارة سوف تعرف هذا العام ارتفاعا هائلا؛ وبالتالي على الهند أن تحضر نفسها لصيف ستعاني فيه الفئات الهشة أكثر من أي وقت مضى.