مدار: 13 سبتمبر/ أيلول 2021
أبانت كوبا عن صلابة عودها في مواجهة الفيروس التاجي، بل وكانت رائدة في المجال، فالجزيرة الصغيرة المحاصرة من طرف الولايات المتحدة الأمريكية لأكثر من ستة عقود وحدها استطاعت أن تطور لقاحات مضادة لفيروس كورونا في أمريكا الجنوبية كاملة، ولم تتوقف عند ذلك الحد، بل هي البلد الأول في العالم الذي يلقّح الأطفال أقل من 12 سنة ضد هذا الفيروس.
نعلم أن كوبا أرسلت أكثر من 57 لواء إلى 40 دولة بعدد يناهز 5000 طبيب لمساعدة شعوب العالم على مواجهة الوباء، في أوج ما سمي الإغلاق الكبير، حين كان الفيروس حديث الظهور وكانت مختلف دول العالم تقول “نفسي نفسي”؛ ونعلم أيضا أنه ما من دولة أخرى فعلت مثل ذلك.
وفي سابقة من نوعها في العالم، أطلقت هافانا عملية تلقيح الأطفال الأقل من 12 سنة وفوق سنتين ضد كوفيد 19، معتمدة في ذلك لقاحي “سوبرينيا” و”عبد الله”، اللذين طورتهما أيضا بإمكانياتها الخاصة وخبرتها الكبيرة في المجال الصحي؛ في حين تراهن حكومة دياز كانيل على تمنيع جميع مواطني بلدها البالغ عددهم 11.2 مليون نسمة في أسرع وقت لضمان انطلاقة سلسة للموسم الدراسي المتوقف حضوريا منذ آذار/ مارس من السنة الماضية. وحتى ذلك الحين تعتمد وزارة التعليم على الدروس عن بعد التي يتم بثها عبر قنوات التلفزيون.
وحسب آخر الإحصائيات، بلغت نسبة التلقيح الكامل في الجزيرة المحاصرة أكثر من 4.26 مليون شخص، بمعدل 37.6 بالمائة، مجتازة بذلك المعدل العالمي البالغ 30.2 بالمائة.
أما الحاصلون على جرعة واحدة من اللقاحات المضادة للفيروس التاجي في كوبا فتجاوز عددهم 6.7 ملايين.
ورغم أن “المعجزة الكوبية” في مواجهة جائحة أرهقت أقوى الاقتصادية العالمية جديرة بالدراسة والتعميم، إلا أن أبحاث العلماء الكوبيين في هذا الصدد مازالت تهمش من طرف المجلات العلمية الدولية، بل ويتم سرقة أفكارهم حسب تصريحات علماء كوبيين.
وسبق أن شجب فيسينتي فيريز، المدير العام لمعهد فينلاي للقاحات في كوبا، ما وصفها بـ”سرقة الأفكار” بشأن اللقاحات الوبائية التي ابتكرها المجتمع العلمي لبلده.
وقال الدكتور الكوبي في تصريحات لشبكة “روسيا اليوم” إن “التمييز في المجلات المفهرسة حول النتائج هو حاجز يميل إلى تهميش النتائج العلمية التي تأتي بشكل عام من البلدان الفقيرة”، مبرزا أن محرري أهم المنشورات العلمية في العالم رفضوا مقالات لخبراء كوبيين، ونشروا في ما بعد موضوعات مماثلة أعدها مؤلفون من دول أخرى؛ ومع ذلك فإن التمييز لا يرجع فقط إلى الموطن الأصلي، ولكن أيضًا بسبب الجنس.
وأكد فيريز أنه على ضوء هذه القيود كان على البلدان ذات الموارد الأقل نشر دراساتها على المنصات العامة، ما أدى إلى سرقة أفكارها في بعض الحالات، مضيفا: “لقد شعرنا بأنه لم يتم الاستشهاد بنتائجنا وبأنه تم نشرها لاحقًا من قبل الشركات متعددة الجنسيات، حتى دون الاستشهاد بمنشوراتنا”.
جدير بالذكر أن اللقاحات الكوبية المضادة لفيروس كورونا أبانت عن نسبة عالية من الفعالية. وأثبت لقاح “سوبيرانا 2″، الذي يؤخذ على جرعتين مع لقاح مُعزز يسمى “سوبيرانا بلس”، (أثبت) فعاليته ضد فيروس كورونا بنسبة 91.2 بالمائة في المراحل الأخيرة من التجارب السريرية، وفق ما أعلنته شركة الأدوية البيولوجية “بيو كوبا فارما” التي تديرها الدولة. وتم التوصل أيضا إلى أن فعالية لقاح “عبد الله”، الذي ينتجه مركز الهندسة الوراثية والتكنولوجيا الحيوية، تصل إلى 92.28 بالمائة.