مدار: 07 أيار/ مايو 2024
تشهد المنطقة الحدودية بين مالي وموريتانيا في الآونة الأخيرة توترا متزايدا، وصلت في أوقات عديدة إلى سقوط ضحايا في صفوف المدنيين، على إثر اقتحام الجيش النظامي المالي لأراضي موريتانية.
وادعى مواطنون عبر فيديوهات نشروها على منصات التواصل الاجتماعي تعرضهم لاعتداءات على يد قوات جارتهم.
ووفق آخر المعطيات، لقي خمسون موريتانيا مصرعه أيضا داخل مالي بينما كانت تشن قوات هذه الأخيرة حملة ضد جماعات وصفتها بالإرهابية.
الديبلوماسية تفشل في تلطيف الأجواء
عرفت الأشهر الماضية زيارات متتالية لسفراء ووزراء البلدين في ظل ما تشهده المنطقة الحدودية من تشنج، واستدعى رئيس الدبلوماسية الموريتانية في بداية نيسان/ أبريل سفير مالي المعتمد لدى نواكشوط “لإبلاغه احتجاجه على الاعتداءات المتكررة ضد مواطنين موريتانيين أبرياء وعزل داخل الأراضي المالية”، حسبما جاء في بيان صحفي لوزارة الخارجية الموريتانية.
وأضاف البيان ذاته أن “هذا الوضع غير المقبول، مستمر رغم التحذيرات التي أطلقتها بلادنا بمناسبة وقوع حوادث مماثلة، انطلاقا من مبدأ حسن الجوار والعلاقات الوثيقة بين الشعبين الموريتاني والمالي والمصالح المشتركة بين البلدين”.
وقبل هذا الإجراء الاحتجاجي بأسبوعين، اتهمت موريتانيا الجيش المالي وحلفائه من قوات فاغنر الروسية بملاحقة مسلحين إلى الأراضي الموريتانية، وكانت باماكو أرسلت وفدا رفيع المستوى إلى نواكشوط لمحاولة تهدئة الأمور.
وقال مصدر أمني موريتاني حضر الاجتماع في تصريح للصحافة إن “عددا من مواطنينا المدنيين قتلوا على يد الجيش المالي ومقاتلين من مجموعة فاغنر في معسكرات موريتانية على الحدود”.
وترجع حيثيات هذا الحادث إلى دخول القوات المالية قرية مدالله الموريتانية، مما أدى إلى وقوع إصابات في صفوف المدنيين.
وفي الوقت نفسه، بدأ الجانب المالي يتهم موريتانيا بدعم الجماعات الإرهابية والانفصالية على الجانب المالي، وهو ما يسلط الضوء على التحديات الأمنية المعقدة السائدة على طول الحدود المشتركة البالغ طولها 2237 كيلومترا.
وترفض السلطات الموريتانية بشكل قاطع الاتهامات المالية بدعم الجماعات الإرهابية والانفصالية وتوفير المأوى والرعاية لها، ووصفته بـالكاذب والمضلل.
استعراض القوة
اهتزت الحدود بين البلدين مرة أخرى متم الشهر الماضي، إذ قال سكان منطقة دار النعيم الحدودية إن قوات أجنبية دخلت إلى المنطقة وقامت بإزالة الأعلام الموريتانية من على المؤسسات الرسمية.
وأضافت المصادر ذاتها أن هذه القوات قامت بمهاجمة الممتلكات الخاصة نكلت بالمواطنين دون تدخل من السلطات الموريتانية.
وتفيد الأخبار المسربة من أروقة المؤسسات الحكومية الموريتانية، بأن البلاد لا تريد الدخول في صراع عسكري مع الجانب المالي، مفضلة الديبلوماسية.
وفشلت، حتى الآن، المبادرات السياسية بين البلدين في إخماد التوتر، ورغم تبادل الرئيس الموريتاني ورئيس المجلس العسكري المالي لرسائل همت العلاقات بين البلدين، إلا نواكشوط فضلت في نهاية المطاف استعراض قوتها، وهو ما يمكن أن يكون رسائل لجارتها الشرقية-الجنوبية، ولكن أيضا لتهدئة الداخل الغاضب.
ونظمت القوات المسلحة الموريتانية مناورات عسكرية على حدودها الشرقية، يومي السبت والأحد الماضيين، شاركت فيها مختلف التشكيلات العسكرية.
وأوردت وكالة الأنباء الألمانية أن هذه المناورات تأتي “ردا على توغلات الجيش المالي وقوات فاغنر الروسية في عدد من القرى الموريتانية الحدودية وترويعها للمواطنين الموريتانيين واعتقال وتخريب ممتلكاتهم وإصابة مواطنين بجروح”.
وكان الناطق الرسمي باسم الحكومة الموريتانية شدد على أن بلاده “ستكيل الصاع صاعين لمن يتوغل في أراضيها أو يمس مواطنيها”.