مدار: 27 تشرين الأول/ أكتوبر 2021
بعيد ما يقرب ثلاثة أيام، يبدو أن الإرادة الشعبية السودانية، شدت الخناق على قادة الانقلاب العسكري، في حين تستمر التحركات في الشوارع متمسكة بشعار “الردة المستحيلة”.
وعاد رئيس الوزراء عبد الله حمدوك إلى منزله مساء الثلاثاء، بعد احتجازه يوم الإثنين، وقال مكتبه “تمت مساء اليوم (الثلاثاء: ndlr) إعادة رئيس الوزراء د. عبدالله حمدوك وقرينته إلى مقر إقامتهما بالخرطوم تحت الحراسة المشددة”، وأكد مكتب رئيس الوزراء، في بيان، أن عدداً من الوزراء والقادة السياسيين لا يزالون قيد الاعتقال في أماكن مجهولة”.
وكان قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان قد أعلن خلال مؤتمر صحفي بعد ظهر الثلاثاء، أن حمدوك موجود معه في المنزل في أمان ولم يتعرض لأي أذى.
وقال مصدر دبلوماسي إن سفراء السودان في 12 دولة منها الولايات المتحدة والإمارات والصين وفرنسا رفضوا في بيان الانقلاب العسكري الذي وقع يوم الاثنين. ووقع على البيان أيضا سفراء السودان لدى بلجيكا والاتحاد الأوروبي وجنيف ووكالات تابعة للأمم المتحدة وجنوب أفريقيا وقطر والكويت وتركيا والسويد وكندا. وذكر البيان أن السفراء ينحازون إلى جانب المقاومة الشعبية للانقلاب، وفق ما نقلته وكالة “رويترز”.
التحركات الميدانية مستمرة..
ومازالت الاحتجاجات تعم شوارع المدن السودانية، وقال تجمع المهنيين السودانيين، إن “الشرفاء بقطاع النفط إنتظم العاملون بالشركات المنتجة للنفط في الإضراب العام و ‘العصيان المدني الشامل’ بنجاح تام 100%”.
وأعلنت اللجنة التسييرية للعاملين في شركة “سودابت”، “الدخول في العصيان المدني الشامل وقوفاً مع قرار الشعب الداعم للتحول المدني الديمقراطي حتى تحقيق هذا المطلب”، داعية “جميع الأطراف للحوار البنّاء والتحلي بالروح الوطنية وتقديم مصلحة الوطن”.
وأكّدت اللجنة التسييرية لنقابة العاملين بشركة “تو بي أوبكو” في البيان، رفضها للانقلاب العسكري وانخراطها في العصيان المدني في جميع المكاتب ومناطق الإنتاج “حتى استعادة إرادة الشعب”.
ودعت اللجنة التمهيدية لـ “شركة بتروانرجي”، الثوار وكل العاملين بقطاع النفط للوقوف مع هذا الشعب الأبي ضد الانقلاب”.
وصرّح المكتب الموحد للأطباء المؤلف من نقابات مختلفة إن الأطباء سيبدؤون إضراباً عاماً في مختلف أنحاء السودان عملاً بوعد سابق بالإضراب في حالة وقوع انقلاب.
يُذكر، أن تجمع المهنيين أشار مساء أمس الثلاثاء إنه تلقى تقارير عن وقوع اعتداءات من قوات الجيش على مواقع المحتجين في الخرطوم ومدن أخرى، وأضاف أن القوات أطلقت الرصاص وحاولت اقتحام المتاريس.
وأعلنت مجموعات لجان الأحياء في الخرطوم عن خطة لإقامة مزيد من المتاريس وتنظيم الاحتجاجات تصل إلى ذروتها يوم السبت في “مسيرة مليونية”.
ويقابل الجيش السوداني الاحتجاجات السلمية للسودانيين بالعنف والاعتداءات.
وكان تجمع المهنيين السودانيين أشار الثلاثاء إلى أنه تلقى تقارير عن وقوع اعتداءات من قوات الجيش على مواقع المحتجين في الخرطوم ومدن أخرى، وأضاف أن القوات أطلقت الرصاص وحاولت اقتحام المتاريس.
وقتل ما لا يقل عن سبعة متظاهرين وجرح العشرات، في العاصمة الخرطوم، على إثر إطلاق الجيش للرصاص على المحتجين الرافضين للانقلاب، حسب ما أورده مصدر في وزارة الصحة لوكالات، أمس الثلاثاء، وكانت “لجنة أطباء السودان المركزية” قالت في بيان، صدر مساء اليوم، إن “عدد الشهداء ارتفع إلى أربعة”.
وبث نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، أشرطة فيديو تظهر عناصر الجيش وهي تطلق الرصاص الحي على المتظاهرين السلميين.
لماذا قطعوا الإنترنت أم ثم أعادوه لساعة وقطعوه مجددا.. الإجابة في الفيديو 👇🏾 pic.twitter.com/j7JXxrhuvN
— حافظ أنقابو (@hafizangabo1) October 26, 2021
المجتمع الدولي يتحرك لكن باحتشام
وبدأت تشكيلات المجتمع الدولي تتحرك للضغط على القوات المسلحة وقائدها عبد الفتاح البرهان، وأعلن الاتحاد الإفريقي تعليق عضوية السودان، ووصف الانقلاب العسكري بـ “غير المقبول” و”إهانة للقيم المشتركة والمعايير الديمقراطية للاتحاد الإفريقي”، وأبرز في بيان صدر اليوم الأربعاء أن قراراته ستمتد إلى “الاستعادة الفعلية للسلطات الانتقالية بقيادة مدنيين”.
وفشل مجلس الأمن الدولي في استصدار موقف مشترك من الأحداث إلى غاية اللحظة، بعد عقد جلسة طارئة مغلقة أمس الثلاثاء.
وقبل ذلك، كان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس أعرب عن أسفه لحدوث الإنقلاب، وأشار إلى أن الانقسامات الجيوسياسية الكبيرة تحول دون اتخاذ مجلس الأمن لإجراءات قوية، واعتبر المسؤول الأممي في تصريح صحفي أمس الثلاثاءأن القادة العسكريون يعتبرون أنهم يحضون بـ “حصانة كاملة” وأنه يمكنهم أن يقوموا بما يريدون أن يمسهم شيء”.
وقال رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس في بلاغ صدر اليوم الأربعاء إن مجموعة البنك “علّقت صرف أموال كافة عملياتها في السودان وتوقفت عن البتّ بأي عملية جديدة في وقت نراقب ونقيّم الوضع عن كثب”.
ولوّح الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، بإنه في حال عدم عودة الوضع في السودان إلى ما كان عليه، فسيكون لذلك “عواقب وخيمة”، بما في ذلك مسألة الدعم المالي للبلاد، وأشار المسؤول الأوروبي في بيان صدر أمس إلى أن الاتحاد الأوروبي يدين بشدة ماوصفه بـ “محاولة الانقلاب في السودان”.
وفي بيان محتشم أيضا، أعرب أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية عن قلقه إزاء “تطورات الأوضاع في السودان” وطالب “جميع الأطراف السودانية بالتقيد الكامل بالوثيقة الدستورية”.
التضامن الأممي يتوسع..
وأعربت القمة العالمية للشعوب، وهي ائتلاف دولي للمئات من المنظمات الشعبية عبر العالم، أنها تقف إلى جانب الحزب الشيوعي السوداني، والاتحادات المهنية ولجان المقاومة في الأحياء، في النداء العاجل من أجل التضامن الأممي ضد الانقلاب العسكري في السودان.
تقرير ميداني #12
— لجان مقاومة المعمورة (@m3moracommittee) October 27, 2021
استمرار الجنجويد وقوات مشتركة في قمع الثوار وفتح المتاريس بواسطة المواطنين وبمساعدة اليات المحلية في الستين مع الشرقي في تمام الساعة 11:00 صباحاً#قفّل_احرق_ترّس_كبّر#العصيان_المدني_الشامل #الإضراب_العام #السلطة_للشعب
لجان مقاومة المعمورة
27 اكتوبر 2021 pic.twitter.com/WKsz63UUOE
وأعرب الحزب الوطني الديمقراطي الإشتراكي بتونس عن إدانته لـ “الانقلاب العسكري للطغمة العسكرية العميلة المطبعة مع الكيان الصهيوني ويعتبر ما قامت به انقلابا مكتمل الأركان هدفه العودة إلى مربّع الديكتاتورية والاستبداد والظلم الذي انتفض ضده الشعب السوداني العظيم”، وفق بيان صدر أمس 26 تشرين الأول/ أكتوبر، وذكر أنه يدعم دون قيد أو شرط انتفاضة الشعب السوداني بنسائه ورجاله وبكل مكوناته وعلى رأسها العمال و الفلاحون الفقراء بقيادة الحزب الشيوعي السوداني و تجمع المهنيين وكل القوى الوطنية الثورية والتقدمية، وقال إنه “يثمن عاليا الدعوة إلى العصيان المدني و الاعتصام من أجل إنهاء الانقلاب و إسقاط النظام”.
من جهته، شجب حزب النهج الديمقراطي من المغرب الانقلاب العسكري، وذكر في رسالة وجهها إلى الحزب الشيوعي السوداني، إن مناضليه يقفون إلى “جانب الثورة السودانية لردع الانقلابيين والذود على مكتسبات الجماهير الثائرة، وألا تذهب تضحيات الشهداء هباء منثورا”.
وكانت أحزاب ومنظمات عربية ومغاربية أعربت عن تضامنها مع الشعب السوداني، في مواجهة هذه التطورات، وقالت في بيان دولي مشترك صدر اليوم الثلاثاء، توصل “مدار” بنسخة منه، بأنها “تتابع بانشغال عميق ما يجري في السودان”، وقالت إنها “تدين هذا الانقلاب العسكري السافر الذي يهدف إلى الاستفراد بالحكم والعودة إلى مربع الاستبداد والقمع والقهر الذي عاشته شعوب السودان ومكوناته العرقية والدينية والثقافية”.
وحمل البيان المشترك توقيع حزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الاردني، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الحزب الشيوعي اللبناني، حزب الشعب الديمقراطي الأردني، حركة نستطيع- موريتانيا، الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، حزب الشعب الفلسطيني، حزب النهج الديمقراطي – المغرب، حزب التحالف الشعبي الاشتراكي- مصر، حزب العمال- تونس، وتجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان بالصحراء الغربية CODESA.
وأضافت القوى ذاتها أنها “تجدد ثقتها في أحرار السودان الذين علمتهم التجارب المريرة مع انقلابات العسكر كيف يصححون المسار”، ودعت المنظمات الشعبية في العالم إلى ” الضغط على أنظمتها من أجل عدم الاعتراف بنظام الانقلاب” وإلى “إسناد الشعب السوداني وقواه الثورية في النضال العادل من أجل سودان حر ديمقراطي وعادل”.