مدار: 15 آذار/ مارس 2021
تحت شعار (نحو دور طليعي للنساء في التغيير الجذري)، احتفل الحزب الشيوعي السوداني ضمن فعاليات مؤتمره العام السابع باليوم العالمي للمرأة في الثامن من آذار/ مارس، بتنظيم نقاش سياسي حول قانون الأسرة، تحدثت فيه نعمات كوكو، عضو اللجنة المركزية، وسمية إسحق، ممثلة الاتحاد النسائي، وفاطمة مساعد، ممثلة الحركة الطلابية. كما اشتمل الاحتفال على قصائد ثورية وفقرة غنائية، وذلك بحضور عدد كبير من أعضاء الحزب وأصدقائه الديمقراطيين.
وقالت عضو اللجنة المركزية نعمات كوكو إن الحزب الشيوعي السوداني بقي مدافعاً عن قضايا الطبقة العاملة في السودان، نساء ورجال وفقراء من مزارعات ومزارعين، وإن العاملات في السودان لهن اليوم قضايا أكبر من التي نادت بها رائدات الحركة النسائية السودانية، وهي قضايا لها علاقة بالتدهور الذي حدث في البنية الاقتصادية، إذ انخرطت النساء العاملات في القطاع غير المنظم بائعات للأطعمة والشاي، موضحة أن الحزب الشيوعي يناضل من أجل هذه الطبقة الاجتماعية.
وأضافت عضو اللجنة المركزية أن احتفال هذا العام يأتي في ظل تراجع في الحقوق الاجتماعية والاقتصادية لكل فئات الشعب السوداني، بما يشمل النساء، مع التراجع في حقوق المرأة السياسية التي ناضلت من أجلها الحركة النسائية ورائدات الاتحاد النسائي في الستينيات، وذلك في ظل ما سمي الانتقال الديمقراطي رغم الحراك النسائي الذي تم في الحراك الجماهيري من أجل إسقاط النظام؛ وبرز هذا التراجع في أن نسبة 40% من أجل النساء لم يتم الالتزام بها.
وأكدت المتدخلة أن الحكومة فارقت ثورة ديسمبر حين أتت ببرنامجها الخاص، في دعم واضح للرأسمالية الطفيلية وخدمة مصالحها.
وسجلت عضو اللجنة المركزية أن معاناة المرأة السودانية مرتبطة بالحركة الإسلامية و”المشروع الحضاري” في بنيته القانونية ومنظومته التشريعية من قوانين سبتمبر 1983م، مضيفة أن عنف الدولة تجلى في مشروعاتها القانونية والتشريعية في قانون الأحوال الشخصية لسنة 1991م، الذي أشرف وكتب ديباجته الأساسية حسن الترابي، كما قالت إن هذه القوانين تستهدف بشكل أكبر النساء الفقيرات في العمل غير المنظم وفي القرى حيث ينعدم التعليم، لأن زواج القاصرات لا يتم إلا في البادية السودانية.
وأوضحت نعمات كوكو أن مشروع الدولة المدنية الديمقراطية ضد هذا المشروع الديني، وزادت: “عندما نتحدث عن المشروع الحضاري بعد الثورة نتحدث عن المشروع الوطني الديمقراطي الذي يقوم على أنقاض هذا المشروع الديني المتكامل، وهذه مسألة لن يتنازل عنها الحزب الشيوعي”، مردفة بأن قضية المرأة لا تنفصل عن قضية المجتمع بأي حال من الأحوال، وبأن اضطهاد ودونية المرأة في المجتمع لا يتم لأسباب بيولوجية أو طبيعية، وتابعت: “إن صراعنا ليس مع الرجل..إن تحرير المرأة الكامل من الاضطهاد الطبقي والنوعي لا يتحقق إلا في مجتمع خال من كافة أشكال التمييز الطبقي والاجتماعي؛ وهذا يعني برنامجا اقتصاديا يحقق حقوق الجميع النساء والرجال، ما لن يتم إلا في مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية”.
وأكدت عضو اللجنة المركزية أن الحزب الوحيد الذي وضع برنامجا متكاملا للفترة الانتقالية قبل سقوط النظام هو الحزب الشيوعي، وقالت في المؤتمر السابع للحزب: “سنقدم مشروعا متكاملا للأسرة، لأن في تصورنا وفي تقديرنا وفي تحليلنا أن قانون الأحوال الشخصية يختزل العلاقة الزوجية كأنها علاقة شخصية بين المرأة والرجل، في حين أنها قضية خاصة بالأسرة متكاملة، فيها حقوق الأطفال وحقوق بعض من أفراد الأسرة، وبالتالي تقديم قانون للأسرة ديمقراطي يحفظ حقوق كل هذه الأطراف، وهذه مسؤولية الدولة”.
كما قالت المتحدثة ذاتها إن الدولة المدنية تظهر في القانون عندما نتبنى قيما مدنية تستمد من قانون الأسرة، مضيفةً أن قانون الأسرة الديمقراطي سيسهم في إثراء التنوع، “ونحن نسعى إلى قانون يحكم الأسرة بغض النظر هل هي أسرة مسلمة أم مسيحية، لأن الأسرة المسيحية تعاني من نفس المشكلة الدينية للأسرة المسلمة”.
وأكدت نعمات أيضا على أهمية رص الصفوف وإعادة تنظيم القوى التي تؤمن بالديمقراطية والتغيير، قائلة إن “الثورة لا تسرق، فهي في عنق الشعب السوداني، لذلك يجب أن نستعيد زمام المبادرة كقوة لها مصلحة حقيقة في الديمقراطية حتى نستعيد المسار الديمقراطي الصحيح”، ودعت الشباب والطلاب والمزارعين وغيرهم إلى ضرورة التنظيم واستعادة مؤسساتهم النقابية لأنها الترس الحقيقي لحماية الثورة، محذرة من أي تدخل إقليمي في الشأن السوداني من محور السعودية والإمارات ومصر، و”إذا لم يرتفع صوت الشعب السوداني ضده سيتم تجريف مسار الثورة”، وفق تعبيرها.
من جانبها، قالت سمية إسحق، ممثلة الاتحاد النسائي، إن عملية تغيير القوانين جزء لا يتجزأ من عملية التغيير الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، مؤكدة أن قانون الأحوال الشخصية استند على المنشورات التي كانت تصدر من رئيس القضاء، ويعتمد على المذهب الحنفي والاجتهادات الفقهية، ويجب أن يتم وضع قانون للأسرة معافى من الشوائب، وزادت أن المادة 11 من قانون الأحوال الشخصية عرفت الزواج بأنه عقد بين رجل وامرأة على نية التأبيد يحل استمتاع كل منهما بالآخر على الوجه المشروع، مضيفة أن المشرع لم يجتهد كثيراً في تعريف الزواج، متناسياً أن الوثيقة هي نواة المجتمع وأن التعريف معيب جداً، وأن للمرأة الحق في اختيار الآخر، وتابعت بأن وثيقة الزواج “نمطية ومتخلفة لا توجد بها غير الأسماء والمهر، وكان عليها أن تراعي على الأقل حضور المرأة عقدها لتملي شروطها، وأن تكون العصمة في يدها لو أرادت”.
كما قالت المتحدثة ذاتها إن كلمة ولي تعطي إحساسا بالدونية، وإن الولاية لم يتم تعريفها في القانون، وإن الولي هو العاصب إذا كان أبا أو عما أو غيره، ولكن أخطر ما في الولاية أنها أصبحت شرطاً للزواج في المادة 34، وأن للولي حق فسخ العقد أو إجازته، كما أن القانون حدد الولاية بالإنفاق وذكر أنه إذا امتنع الولي عن التزويج من حق المرأة أن تتزوج عن طريق المحكمة، ولكنها تحتاج إلى إثبات.
وتحدثت سمية عن نص الطاعة، وعن المادة 51 التي تحدثت عن حقوق الزوجة على زوجها، ومنها أنه ينفق عليها وتطيعه في خروجها، ويسمح لها بزيارة أبويها فقط، مستدركة: “لكن الواقع مختلف تماماً، وهذا يعني أن المشرع بعيد تماماً عن الواقع، وأن هذا النص فيه نوع من الدونية للمرأة، إذ ينص على أنها إذا تركت البيت لأي سبب ترجع بالقانون لبيت الطاعة، وهو من أسوأ المنشورات في الأحكام القضائية السابقة”.
وأضافت المتحدثة أن من مساوئ هذا القانون مسألة الحضانة، إذ يرفع الرجل بعد الطلاق دعوى إسقاط الحضانة وضم محضونين لأنهم بلغوا أكثر من 9 سنين بالنسبة للبنات و7 سنين بالنسبة للأولاد.
من جانبها قالت ممثلة الحركة الطلابية فاطمة مساعدة في كلمتها إن “8 مارس هو تراكم لنضالات المرأة العاملة من احتجاجات وإضرابات”، وحيت بصفة خاصة شهداء الحركة الطلابية، كما حيت نضالات الطالبات “منذ انقلاب يونيو 89 المشؤوم حتى ثورة ديسمبر المجيدة، التي شاركت فيها الطالبات بصورة فعالة”.
وأوردت فاطمة أن الطالبات يعانين من كثير من المشاكل بالحرم الجامعي والداخليات، وزادت أن عددهن أكثر من 60% بالنسبة للطلاب، وأن هناك مشكلة لمشاركتهن في المؤسسات النقابية في الاتحادات والروابط، وأن عددهن في هذه المؤسسات أقل من 10% ما يؤثر في وجودهن في مواقع قيادية وفي صنع القرار، كما يؤثر على عكس مشاكل الطالبات في الأجسام النقابية.
وختمت فاطمة مساعد بأن مشاكل الطلاب والطالبات لا تنفصل عن بعضها، ولكن هناك تمييزا واضحا في حق الطالبات، إذ يواجهن مشاكل بدرجة أكبر، مثل ضيق الزمن في الاستراحات، التي لا توجد بها وحدات صحية وحمامات صالحة للاستعمال، داعية في ختام كلمتها الطلاب إلى تكوين أجسامهم النقابية للدفاع عن قضاياهم.