مدار + بيبل ديسباتش: 16 تشرين الأول/ أكتوبر 2023
ماذا تعني الاشتراكية وبناء الاشتراكية بالنسبة لقادة الحركات الجماهيرية والأحزاب اليسارية في مختلف أنحاء العالم؟ هذا السؤال هو محور المناقشات التي تجري خلال الأيام في المؤتمر الدولي الثالث لمعضلات الإنسانية، والذي يعقد في جوهانسبرغ بجنوب أفريقيا، بمشاركة حوالي 500 من قادة الحركات والنقابات وأعضاء الأحزاب اليسارية من أكثر من 70 بلدا، على أن يتم اختتام الأشغال في 18 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
ويجري تنظيم المؤتمر من قبل القمة العالمية للشعوب (IPA)، ويستضيفه كل من الاتحاد الوطني لعمال المعادن في جنوب أفريقيا (NUMSA)، أبهلالي بازمجوندولو، وحزب العمال الثوري الاشتراكي في جنوب أفريقيا.
استهل المؤتمر اليوم الأول بتصريحات لرئيس “NUMSA” أندرو تشيرو، الذي شدّد على أن “النظام الرأسمالي العالمي يعيش ويزدهر من خلال استغلال الطبيعة والطبقة العاملة والفقراء والعمال الزراعيين الريفيين والسكان الأصليين”، مضيفا أن هذا النظام “يستنزف الحد الأقصى من القيمة التي لا تدفع ثمنها، من الطبقة العاملة والفقراء”، مشددا على أن “هذا المؤتمر سيكون بمثابة مساحة للتخطيط لكيفية التغلب على هذه الأزمة وبناء الاشتراكية”.
وأعقب ذلك حلقة نقاش، ركزت على الوضع الحالي في فلسطين وإدانة قصف الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة، بالإضافة إلى كيفية تعزيز حركة التضامن الأممية لإنهاء احتلال فلسطين.
وشارك في النقاش من فلسطين كل من ليلى خالد، العضو التاريخي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وأروى أبو هشهش، ممثلة عن حزب الشعب الفلسطيني، بالإضافة إلى ناليدي باندور، وزيرة خارجية جنوب أفريقيا، وروني كاسريلس، وزير سابق في جنوب أفريقيا والعضو المؤسس للجناح المسلح لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي أثناء النضال ضد الفصل العنصري، وكلوديا دي لا كروز، المرشحة الرئاسي في الولايات المتحدة الأمريكية عن حزب الاشتراكية والتحرر، وأومكونتو وي سيزوي.
وفي فترة ما بعد الظهر، شارك المندوبون في نقاش تحت عنوان: بناء الاشتراكية اليوم، حيث تحدث المشاركون عن تجارب ملموسة لبناء حلول اشتراكية للمشاكل التي تواجه الإنسانية.
وتطرق دانييل جادو، عمدة بلدية ريكوليتا وعضو الحزب الشيوعي التشيلي، للعمل الذي حققته بلديته في سبيل محاولة مواجهة القضايا الأساسية التي تواجه السكان مثل الوصول إلى الرعاية الصحية والدواء والحصول على السكن وإشكال ارتفاع تكلفة المعيشة، وقال إنه من خلال تعزيز العمل الشعبي واستعادة الحوار المباشر والمتسق مع المجتمع، تمكنت إدارته من تنفيذ البرامج والخدمات الاجتماعية التي تلبي احتياجاتهم مثل العيادة والصيدلية الشعبية والسكن المدعوم وخفض سعر الخدمات، كما أعادت بناء الثقة والنسيج الاجتماعي للمجتمع، وذكر السياسي نفسه أن تعزيز هذا النوع من العمل الشعبي يجب أن يكون مهمة أساسية لليسار في جميع أنحاء العالم، إذا كان الناس جادين في هزيمة التهديد المتزايد لليمين المتطرف. وصرّح عمدة ريكوليتا إن “الاشتراكية ليست مجرد إمكانية، إنها الخيار الوحيدة”.
عبرت ثينغ تشاك من مجموعة الرياح الشرقية الإخبارية الصينية، على أن: “جمهورية الصين الشعبية شرعت في بناء طريقها الخاص نحو الاشتراكية منذ عام 1949، وهو الأمر الذي لا بد أن يحمل العديد من الدروس والأخطاء”، وركزت الباحثة في مداخلتها على مساهمة المبادرات الأخيرة التي اتخذتها البلاد، لتعزيز نفسها على الطريق نحو الاشتراكية ومعالجة بعض التناقضات الأكثر صعوبة التي لا تزال قائمة في البلاد.
وأضافت تشاك “القضاء على الفقر هو أحد الأمثلة على ذلك. كان الناس والفقراء والفلاحون أنفسهم، هم أبطال انتشال أنفسهم من الفقر، لم يكن الأمر مجرد مبادرة وخطوات من الحكومة”.
هذا وتحدثت كارمن نافاس، المديرة التنفيذية لمعهد سيمون بوليفار في فنزويلا، عن الثورة البوليفارية وكيف تم بناء الوعي الاشتراكي في البلاد من خلال بناء السياسات الاجتماعية وتغيير النظام السياسي والحياة الاجتماعية قصد تمكين الشعب من وضع أفضل. وقالت نافاس “الشعب الفنزويلي، الذي لم يتحدث عن الاشتراكية في عام 1989، بدأ بعد 30 عاما يتحدث عن الاشتراكية، وذلك بفضل شافيز”.
كانت المداخلة الأخيرة للمؤرخ الماركسي فيجاي براشاد، حيث تطرق إلى أن الاشتراكية هي سيرورة تعمل على تجاوز الأوضاع العنيدة في العالم، كالجوع والأمية والتشرد، وأضاف أنه لا يوجد اختلاف بين غالبية سكان العالم على ضرورة التغلب على هذه الأمور، ولكن الناس يفتقرون إلى القوة التي تمكنهم من المضي قدما في هذا الأمر؛ وتابع براشاد أثناء تدخله أنه “من أجل بناء السلطة علينا أن نبني سلطة الطبقة العاملة والفلاحين. وفي العديد من الأماكن، سيتطلب ذلك إعادة بناء الطبقة، وإنقاذ الحياة الجماعية، وإعادة بناء ثقافة النضال”.