مدار: 13 أغسطس/ آب 2025
بينما يتصاعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وارتكابه للإبادة الجماعية في حق الفلسطينيين، أثارت الحكومة المصرية صدمة واسعة في الأوساط السياسية والشعبية بتوقيعها أضخم صفقة غاز في تاريخ علاقاتها مع الكيان الصهيوني.
وخرجت تظاهرة احتجاجية مساء اليوم في القاهرة، أمام مقر نقابة الصحفيين، ورفع المحتجون الغاضبون شعارات تستنكر صفقة الغاز مع الكيان المحتل، وطالبوا بإلغائها.
مصريون يحتجون على تمديد القاهرة لاتفاق الغاز مع الكيان المحتل#القاهرة #تضامن #فلسطين #مصر #مدار pic.twitter.com/rcVKPSsiQ2
— مدار (@madarorg) August 13, 2025
وهتف المحتجون بشعارات مساندة للشعب الفلسطيني، ونددوا بالإبادة الجماعية.
وتدين القاهرة رسمياً المجازر التي ترتكبها الاحتلال في قطاع غزة، وتبذل جهودا أساسية في الوساطة لوقف النار، إلا أنها وقعت اتفاقاً للغاز مع الكيان المحتل بقيمة 35 مليار دولار يمتد حتى عام 2040، مما أثار غضبا واسعا في مصر والمنطقة، وسلّط الضوء على التناقض الصارخ بين الخطاب السياسي والفعل الاقتصادي المصري.
ووصفت قوى المعارضة المصرية هذا الاتفاق بـ”الصفقة الخيانية”.
ورأت القوى التقدمية المصرية أن توقيت الصفقة لم يكن مجرد مصادفة، بل “مكافأة علنية للمجرم نتنياهو وهو يغرق القطاع في الدم”، حسب بيان حركة “الاشتراكيين الثوريون”، الصادر بتاريخ 07 أغسطس/ آب 2025.
وتقضي الصفقة الجديدة بزيادة واردات مصر من الغاز “الإسرائيلي” إلى 4.6 تريليون قدم مكعب، في خطوة وصفتها المعارضة بأنها ليست مجرد استمرار لنهج التطبيع، بل “تصعيدٌ اقتصادي في دعم العدو”.
واعتبر حزب “التحالف الشعبي الاشتراكي” أن الاتفاق “يهدد أمن مصر القومي بوضعها في حالة تبعية للغاز الإسرائيلي”، وأشار في بيان صدر في التاسع من الشهر الجاري إلى ما وصفه بالمفارقة الصارخة، فبينما تتخذ دول غربية خطوات لمقاطعة إسرائيل، تُظهر البيانات الرسمية تزايد العلاقات التجارية بين القاهرة وتل أبيب خلال عامي الحرب، بما في ذلك صادرات غذائية مصرية.
هذا المسار، حسب الحزب، يُفرغ المواقف الرسمية المصرية والعربية المنددة بالعدوان من أي محتوى حقيقي، ويمنح نتنياهو “تصريحاً بالاستمرار في الحرب وتصعيدها”.
ويستند هذا النقد إلى خلفية اقتصادية مقلقة، حيث تم اللجوء لاستيراد الغاز الإسرائيلي في وقت أعلنت فيه مصر تحقيق الاكتفاء الذاتي، بحجة تسييله وإعادة تصديره. لكن الواقع، كما يؤكد “التحالف الشعبي”، هو أن هذا الغاز وُجّه للاستهلاك المحلي، وتزامن مع “تراجع ملموس” وغير مبرر في الإنتاج المصري، مما سمح لإسرائيل باستخدام الغاز “سلاحاً سياسياً للضغط على الموقف المصري”.
وفي مواجهة هذه العاصفة من الانتقادات، جاء الرد الحكومي على لسان رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، الذي قال إن ما جرى ليس اتفاقاً جديداً، بل “تمديد لأجل اتفاقية سارية منذ عام 2019″، وذلك في إطار خطة استراتيجية تهدف إلى “تحويل مصر لمركز إقليمي للطاقة” عبر الاستفادة من بنيتها التحتية.
كما حاول المسؤول الحكومي المصري الفصل التام بين المسار التجاري والموقف السياسي. تساءل مدبولي بشكل بلاغي: “الصراع مستمر منذ عامين، ولكن هل حدث تأثير سلبي للاتفاقية على موقف مصر القوي والواضح منذ اليوم الأول للعدوان على غزة؟”.
وشدد مصطفى مدبولي على أن “موقف مصر واضح وصريح ولن يتغير، ولولا موقف مصر لا أحد كان يتوقع ما سيحدث في قضية التهجير”.
وبعيدا عن التبريرات، يبقى السؤال الذي يفرض نفسه على الشارع المصري والعربي: كيف يمكن لدولة أن تقود دبلوماسية إقليمية لوقف الإبادة الجماعية، وفي الآن نفسه توقع شراكات استراتيجية طويلة الأمد تضخ الأوكسجين في شرايين اقتصاد مرتكب هذه الإبادة؟