جدارة النصر الفلسطيني

مشاركة المقال

مدار: 07 تشرين الأول/ أكتوبر 2024

مضى عام على إطلاق المقاومة الفلسطينية لـ “طوفان الأقصى”، موجهة ضربة تاريخية للكيان الصهيوني المعتاد على ارتكاب المجازر في حق الفلسطينيين وشعوب المنطقة دون حساب.

مثلت هذه المعركة في جوهرها، خطوة استباقية ضد المعادلة التي رسمها المحتل وحلفاؤه الغربيين، خصوصا الولايات المتحدة، من أجل تهجير الفلسطينيين، وضرب المقاومة، والتوسع، وبسط نفوذه السياسي والفكري والاقتصادي ..، على كل شعوب المنطقة.

ولم يشكل مسلسل التطبيع الذي انغمست فيه الدول العربية، والرغبة الجامحة في جر السعودية وبعدها دول أخرى إلى هذا المسار، سوى خطوة من خطة أوسع لتصفية القضية الفلسطينية؛ غير أن المقاومة الفلسطينية استطاعت أن تقلب المعادلات وتعيد فرض واقع جديد، يضع القضية الفلسطينية على رأس قضايا شعوب العالم.

وقد ألحقت ضربة السابع من أكتوبر/ تشرين الأول هزيمة استراتيجية هائلة بالمشروع الصهيوني، وفرضت على واشنطن أن تنزل بثقلها السياسي والعسكري والمالي لإعادة إنعاش إسرائيل التي فقدت توازنها.

وإذا كانت هزيمة الصهاينة استراتيجية، فإن رد فعلهم لم يؤكد سوى ذلك، من خلال شن حرب الإبادة الجماعية على الفلسطينيين، وتقتيل الأطفال والنساء والشيوخ والمدنيين، وتدمير البنى والأرض والماء، والقضاء على كل مقومات الحياة في قطاع غزة، والهجوم على لبنان، والاعتداء على الدول ذات السيادة.

ومع ذلك، صمد أصحاب الحق متمسكين بأرضهم، رافضين للتهجير، واقفين بلا تململ خلف فصائل المقاومة التي استبسلت وألحقت الخسائر تلو الأخرى بجيش الغزاة.

وشهد العالم بكل قارّاته وشعوبه، خلال عام، حركات تضامن واسعة مع فلسطين، وأبدعت حركة الطلاب في أمريكا وأوروبا أشكال تضامن حاصرت كل من مات ضميره أو وقف في الجانب الخاطئ مع التاريخ؛ بينما جسّدت حركة اليهود المناهضين للصهيونية وجها مشرقا من الإنسانية وعين العقل والصواب مما تتعرض له فلسطين.

وإذا اكتفت الأنظمة العربية بالتعبير عن مواقف “التنديد” و”القلق”، من موقع “المفعول به”، فإن هناك من رفضوا ترك الفلسطينيين لمصيرهم، من موقع وحدة المصير وعدالة القضية؛ وانخرط من لبنان حزب الله، ومن اليمن أنصار الله، وفصائل أخرى من العراق، بل ووصلت تراكمات الأحداث، أمام غطرسة الصهاينة، إلى تدخل إيران وقصف الأرضي الفلسطينية المحتلة بالعشرات من الصواريخ ضمن عمليات “الوعد الصادق” الأولى والثانية، وهي كلها تحولات غير مسبوقة ومكتسبات جديدة لتعزيز المقاومة.

والمقاومة حق، لكن ليس الكل قادر على الاعتراف بذلك، ولا إسناده ولا دعمه، وقد أثبت عام من معركة “طوفان الأقصى” العجز الكبير للمنظمات الدولية في وقف حرب الإبادة وإنهاء معاناة الفلسطينيين، في ظل الدعم الأعمى الذي تمنحه الولايات المتحدة ومعها الغرب جلّه لإسرائيل.

وليس كل الإعلام موضوعي ولا مستقل، وقد أبرزت المعركة كم أن الإعلام الغربي كاذب ومنافق، إلا قلة قليلة، وتأكدت الحاجة الماسة إلى إعلام الشعوب المناصر للحق والقضايا العادلة.

وتثبّتت حركات الشعوب أن حل القضية الفلسطينية أوسع من مواجهة إسرائيل فحسب، بل تقتضي النضال ضد الإمبريالية الأمريكية التي لا تشكل إسرائيل وجها قبيحا لامتداداتها.

تاريخيا، دُفعت أثمان باهظة من طرف أنصار القضية الفلسطينية؛ وهذا العام لم يكن استثناء، إذ اختلطت دماء الفلسطينيين بدماء اللبنانيين واليمنيين والسوريين والعراقيين والإيرانيين وحتى الأردنيين والمصريين، وتقدم القادة قوافل الشهداء، من الشهيد إسماعيل هنية إلى الشهيد حسن نصر الله وغيرهم كثير، لكن هذه التضحيات لن تذهب سدى، وهي حسب أدلة التاريخ والحاضر، وقناعات الشعوب والمقاومين، تضحيات تقرّب النصر وجدارة الحياة.

https://x.com/madarorg/status/1842956902092927238

مشاركة المقال

مقالات ذات صلة