وكالات + مدار: 06 كانون الأول/ ديسمبر 2025
للأسبوع الثالث على التوالي، شهدت العاصمة التونسية اليوم السبت مسيرة حاشدة، حيث خرج محتجون إلى الشوارع للتعبير عن رفضهم لما وصفوه بحملة قمع ممنهجة تستهدف المعارضة والصحفيين ومكونات المجتمع المدني، مطالبين بالإفراج الفوري عن السجناء السياسيين، في خطوة تزيد من حدة الضغوط السياسية والاجتماعية على الرئيس قيس سعيد.
وتأتي هذه الموجة المتصاعدة من الاحتجاجات في وقت توجه فيه منظمات حقوقية اتهامات للرئيس سعيد بتوظيف القضاء والأجهزة الأمنية لتضييق الخناق على المعارضين وتكريس حكم فردي، وهي الاتهامات التي يقابلها الرئيس بالنفي القاطع.
وازداد المشهد السياسي توتراً عقب إصدار محكمة الاستئناف، الأسبوع الماضي، أحكاماً بالسجن وصلت إلى 45 عاماً طالت عشرات الشخصيات، بينهم قادة في المعارضة ورجال أعمال ومحامون، بتهمة “التآمر على أمن الدولة”؛ وهو ما اعتبرته قوى المعارضة مؤشراً واضحاً على تسارع وتيرة الحكم السلطوي.
وشارك في المظاهرة طيف واسع من التيارات السياسية، رافعين صور القادة والنشطاء المعتقلين، ولافتات كُتب عليها “المعارضة ليست جريمة” و”الحرية لتونس”.
وجاء هذا التحرك عقب توقيف شخصيات بارزة مثل شيماء عيسى، والعياشي الهمامي، ونجيب الشابي، على ذمة القضية ذاتها، التي توصف بأنها إحدى أضخم القضايا السياسية في تاريخ تونس الحديث.
وجابت المسيرة الأحياء الشعبية بوسط العاصمة، حيث ردد المشاركون شعارات أعادت إلى الأذهان أجواء ثورة 2011، مثل “الشعب يريد إسقاط النظام”، إضافة إلى هتافات “لا خوف لا رعب.. الشارع ملك الشعب”، و”فاشل الرئيس.. يحكم فينا بالبوليس”.
وفي تطور لافت يعكس اتساع دائرة الغضب، دعا الاتحاد العام التونسي للشغل إلى إضراب وطني يوم 21 كانون الثاني/يناير
الجاري. ويهدف الإضراب، حسب المركزية النقابية الأكثر تأثيرا في البلاد، إلى الاحتجاج على التضييق على الحريات العامة، فضلاً عن المطالبة بمفاوضات لتحسين الأجور في ظل أزمة معيشية خانقة.
يذكر أن الرئيس قيس سعيد كان قد وضع يده على صلاحيات واسعة منذ عام 2021، شملت حل البرلمان، وتعليق عمل المجلس الأعلى للقضاء، وعزل عشرات القضاة، والحكم بمراسيم رئاسية. وتصف المعارضة هذه الخطوات بـ”الانقلاب”، بينما يزع سعيد أنها إجراءات قانونية ضرورية لإنقاذ الدولة من الفوضى، ومع ذلك فإن الأوضاع الاجتماعية والسياسية والحقوقية في تدهور مستمر.
ويقبع حالياً خلف القضبان معظم قادة في المعارضة، جانب عشرات الصحفيين والنشطاء؛ مما يدفع المنتقدين لوصف تونس بأنها تحولت إلى “سجن مفتوح”.

