مدار: 16 تشرين الثاني/ نوفمبر 2021
“لا تفاوض، لا مساومة، ولا شراكة”، و”اليقظة، التعبئة، والتنظيم من أجل هزيمة الانقلاب العسكري”، شعاران رفعا السبت الماضي في شوارع وساحات السودان مع “مليونية 13 نوفمبر”، واختزلا موقف القوى الثورية السياسية والنقابية والشعبية من “جرائم مجلس الانقلاب العسكري في البلاد”، وإصرارها على مواصلة مواجهتها.
ومازالت التحركات الشعبية والمواقف السياسية المحلية والدولية تتوالى رفضاً للانقلاب العسكري في السودان، إذ خرج آلاف المحتجين الموالين للديمقراطية إلى شوارع البلاد السبت للاحتجاج على استيلاء الجيش على السلطة الشهر الماضي، وواجهت الشرطة هذه “المواكب المليونية” بالقمع المفرط، ما أدى إلى سقوط عدد من الشهداء والجرحى.
وارتفعت حصيلة ضحايا احتجاجات “مليونية 13 نوفمبر” إلى 7 أشخاص، 6 منهم بطلقات نارية، وفقاً للجنة أطباء السودان، التي أعلنت أن محتجين اثنين توفيا أمس في مستشفى متأثرين بجراح أصيبا بها بعد إطلاق النار عليهما خلال احتجاجات السبت الماضي؛ التي أصيب فيها أيضاً أكثر من 200 آخرين عندما استخدمت قوات الأمن الذخيرة الحية والغاز المسيل للدموع لتفريق محتجين في العاصمة الخرطوم ومدينة أم درمان.
وحسب مصادر طبية سودانية، بلغ عدد القتلى في صفوف مناصري الديمقراطية، منذ الإنقلاب العسكري في السودان، 23 شخصا.
ووفق لجنة أطباء السودان المركزية، فبمقتل عمر عبد الله آدم، الذي كان قد أصيب برصاصة في العنق من قبل “المجلس العسكري الانقلابي “يوم 25 تشرين الأول/ أكتوبر 2021 وكان يتلقى العناية بمستشفى رويال كير، ارتفع “عدد الشهداء الكرام المؤكدين لدينا منذ وقوع الانقلاب لــ 23 شهيداً”، وفق بلاغ نشرته الهيئة على صفحتها على الفايسبوك، أمس 15 تشرين الثاني/ نونبر.
وفي السياق، أكّد تجمع المهنيين السودانيين، في بيان له أمس، اطلع “مدار” على نسخة منه، أن الطريق الوحيد هو إسقاط هذه السلطة والتأسيس لسلطة وطنية مدنية انتقالية، معلناً رفضه التام لأي تسوية مع السلطة العسكرية.
ودعا البيان إلى “تكوين الجبهة الثورية الواسعة لإسقاط انقلاب المجلس العسكري المجرم، وتأسيس السلطة الوطنية المدنية الانتقالية الخالصة من قوى الثورة الملتزمة بلاءاتها الواضحة (لا تفاوض، لا مساومة، لا شراكة)”.
كما وصف “تجمع المهنيين” بيان المجلس المركزي لقوى الحرية بـ”المؤسف”، معلناً رفضه ما جاء فيه، حيث “يؤكّد المجلس انفصامه الكامل عن الواقع وعن نبض الشارع والقوى الثورية”، وأوضح أن “تجمع المهنيين السودانيين لم يشارك في الاجتماع الذي تحدث عنه بيان ما يسمى المجلس المركزي، الذي يمارس التشويش والكذب الصريح باستخدام اسم التجمع في البيان لأغراض مشبوهة ومضللة، تنسف كل ما يقال عن تعلمهم الدرس أو أهليتهم للعمل مع قوى الثورة”.
بدوره، أكّد الحزب الشيوعي السوداني، في بيان له يوم أمس، على استمرار الثورة تجاه الانقلاب العسكري، موجهاً التحية إلى “الجماهير الشعبية التي شاركت في مليونية 13 نوفمبر، متحدية عسف وجبروت أجهزة القمع، وهتفت بصوت واحد جهور بهزيمة الانقلاب العسكري: الثورة ثورة شعب والسلطة سلطة شعب، تسقط سلطة العسكر…”، ومشدّداً على أن “شعار لا مساومة لا شراكة لا تفاوض، بل المقاومة، كان شعار الشارع الأساسي للمطالبة بالسلطة المدنية الديمقراطية الكاملة وفض شراكة الدم والعودة إلى مواثيق الثورة التي أبرمت في يناير 2019″، كما جاء.
وتطرق التنظيم اليساري إلى شجاعة المتظاهرين والقيادات الميدانية التي نجحت في استمرار المظاهرات السلمية، مردفا: “رغم محاولات أجهزة القمع ضرب أماكن تجمع المتظاهرين بعنف مفرط واستعمال مبالغ للقنابل المسيلة للدموع، إلا أنها أفشلتها… وبعد الكر والفر استطاعت الجماهير أن تفرض سيطرتها على الشارع مستمرة في تحديها قوة الأمن منذ منتصف النهار إلى ساعات الليل، مقدمة الدليل الساطع على عظمة وهيبة وشجاعة هذا الشعب البطل، وأنه صاحب القرار في مسار الوطن بلا وصاية من الداخل أو الخارج ولن يثنيه الإرهاب”.
من جهته، انتقد الاتحاد الأوروبي اعتقال الصحافيين، وأدان أيضاً أعمال العنف ضد المتظاهرين السلميين في السودان، داعياً إلى إطلاق سراح جميع المعتقلين، بمن فيهم الصحفيون، وفقاً لقناة “الجزيرة”.
وحمّلت المتحدثة باسم الاتحاد الأوروبي، نبيلة مصرالي، السلطات السودانية المسؤولية عن انتهاكات حقوق الإنسان وغياب حماية المدنيين منذ نهاية العملية الديمقراطية، لافتة إلى أن تدخلات السلطات العسكرية منذ 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي تقوض كثيراً من الإنجازات، وستكون لها عواقب على دعم الاتحاد الأوروبي للسودان.
تجدر الإشارة إلى أن مجلس السيادة الانتقالي السوداني، الذي شكله قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان يوم الجمعة، تعهد يوم الأحد الماضي بتشكيل حكومة مدنية في الأيام القليلة المقبلة، و”تقديم نموذج مثالي في إدارة شؤون البلاد”، حسب وكالة الأنباء السودانية الرسمية “سونا”.
وتعقيباً، على قرار البرهان تشكيل مجلس السيادة آنذاك، وصّف الحزب الشيوعي السوداني يوم الجمعة الماضي ما حدث بأنه “تأكيد للديكتاتورية العسكرية”، مشدّداً على أن “قرارات قائد الانقلاب الأخيرة تسير في إعادة النظام السابق بشكله الديكتاتوري وانفراد البرهان ومن معه بتكوين مؤسسات الدولة؛ سواءً كانت مجلس السيادة أو غيرها، فالخطوات الأخيرة للبرهان هي العودة إلى ماقبل 11 نيسان/ أبريل وتبديل ديكتاتور بديكتاتور آخر”.
يُذكر أن عبد الله حمدوك، رئيس الوزراء الذي أطاح به الجيش يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول، مازال قيد الإقامة الجبرية في منزله، ويركز جزء من جهود الوساطة على إعادته لتولي رئاسة حكومة تكنوقراط.