معهد القارات الثلاث للبحث الاجتماعي/ مدار: 06 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025
فيجاي براشاد
أعطت الولايات المتحدة، منذ أوائل أيلول/ سبتمبر، كل المؤشرات على أنها قد تكون بصدد التحضير لعدوان عسكري على فنزويلا. وقد اشترك معهد القارات الثلاث للبحث الاجتماعي مع حركات ألبا، والقمة العالمية للشعوب، وحركة لا للحرب الباردة، ومعهد سيمون بوليفار في صياغة الإنذار الأحمر رقم 20 بعنوان “كلاب الإمبراطورية تنبح على فنزويلا“، حول السيناريوهات المحتملة والآثار المترتبة على التدخل الأمريكي.

سافر الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز، في شباط/ فبراير 2006، إلى هافانا ليتسلم جائزة خوسيه مارتي من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) من يد فيدل كاسترو. في خطابه، شبّه شافيز تهديدات واشنطن ضد فنزويلا بنباح الكلاب، قائلاً: “دع الكلاب تنبح، فهذه علامة على أننا نتحرك”. وأضاف شافيز: “دع كلاب الإمبراطورية تنبح. هذا هو دورها: النباح. ودورنا هو النضال لتحقيق التحرر الحقيقي لشعوبنا في هذا القرن – الآن، وأخيراً”. بعد ما يقرب من عقدين، ما زالت كلاب الإمبراطورية تنبح. لكن هل ستعض؟ هذا هو السؤال الذي يسعى هذا الإنذار الأحمر للإجابة عليه.

صوت النباح
صنفت وزارة الخارجية الأمريكية، في شباط/ فبراير 2025، شبكة إجرامية تُدعى “ترين دي أراغوا” (قطار أراغوا) على أنها “منظمة إرهابية أجنبية”. ثم في تموز/ يوليو، أضافت وزارة الخزانة الأمريكية ما يسمى بـ “كارتل دي لوس سوليس” (كارتل الشموس) إلى قائمة عقوبات مكتب مراقبة الأصول الأجنبية باعتبارها “جماعة إرهابية عابرة للحدود الوطنية”. لم يسبق لأي تقرير حكومي أمريكي، سواء من إدارة مكافحة المخدرات (DEA) أو وزارة الخارجية، أن حدد هذه المنظمات على أنها تهديد، ولم تُقدّم أي أدلة قابلة للتحقق علناً لإثبات الحجم أو التنسيق المزعوم لأي من المجموعتين. لا يوجد دليل على أن “ترين دي أراغوا” هي عملية دولية منسّقة. أما بالنسبة لـ “كارتل دي لوس سوليس”، فقد ظهر الاسم لأول مرة في عام 1993 في تقارير فنزويلية عن تحقيقات مع جنرالين في الحرس الوطني – في إشارة إلى شارة “الشمس” على زيهما العسكري – أي قبل سنوات من فوز هوغو شافيز في الانتخابات الرئاسية عام 1998. زعمت إدارة ترامب أن هذه الجماعات، التي تعمل مع حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، هي المهرب الرئيسي للمخدرات إلى الولايات المتحدة – مع عدم تقديم أي دليل على هذا الارتباط. علاوة على ذلك، وجدت تقارير من مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC) وإدارة مكافحة المخدرات الأمريكية نفسها باستمرار أن الجماعات الفنزويلية هامشية في تهريب المخدرات على المستوى الدولي. ومع ذلك، عرضت وزارة الخارجية الأمريكية مكافأة قدرها 50 مليون دولار مقابل معلومات تؤدي إلى اعتقال مادورو – وهي الأكبر في تاريخ البرنامج.

أَحيت الولايات المتحدة أداة “الحرب على المخدرات” الفجة للضغط على البلدان التي لا ترضخ لتهديداتها أو التي ترفض بعناد انتخاب حكومات يمينية. في الآونة الأخيرة، استهدف ترامب المكسيك وكولومبيا وتذرّع بصعوباتهما مع تجارة المخدرات لمهاجمة رئيسيهما. وعلى الرغم من أن فنزويلا ليس لديها مشكلة مخدرات محلية كبيرة، إلا أن ذلك لم يمنع ترامب من مهاجمة حكومة مادورو بسموم أكبر بكثير.
فازت السياسية الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو من حركة “فينتي فنزويلا” (تعالَ فنزويلا)، في تشرين الأول/ أكتوبر 2025، بجائزة نوبل للسلام. كانت ماتشادو غير مؤهلة للترشح للرئاسة في عام 2024 لأنها أساسا أدلت بسلسلة من التصريحات التي تنطوي على خيانة، وقبلت منصبًا دبلوماسيًا من دولة أخرى من أجل الدعوة إلى التدخل في فنزويلا (في انتهاك للمادة 149 من الدستور)، ودعمت الـ”غواريمباس” (أعمال عنف في الشوارع تعرض فيها أناس للضرب والحرق أحياء وقطع الرؤوس). كما أنها ناصرت العقوبات الأمريكية أحادية الجانب التي دمرت الاقتصاد.
جاءت جائزة نوبل بفضل جهود مؤسسة “إنسباير أمريكا” (مقرها ميامي، فلوريدا، ويقودها المحامي الكوبي الأمريكي مارسيل فيليبي) وتدخل أربعة سياسيين أمريكيين، ثلاثة منهم كوبيون أمريكيون (ماركو روبيو، وماريا إلفيرا سالازار، وماريو دياز-بالارت).
الارتباط الكوبي الأمريكي هو المفتاح، مما يوضح كيف أن هذه الشبكة السياسية التي تركز على الإطاحة بالثورة الكوبية بأي وسيلة، ترى الآن في التدخل العسكري الأمريكي في فنزويلا وسيلة للدفع قدمًا نحو تغيير النظام في كوبا. لذا، فإن هذا ليس مجرد تدخل ضد فنزويلا، بل ضد جميع الحكومات التي تود الولايات المتحدة الإطاحة بها.

العضّة
شرع الجيش الأمريكي، في آب/ أغسطس 2025، في حشد قوات بحرية في جنوب البحر الكاريبي، بما في ذلك مدمرات من طراز “إيجيس” وغواصات هجومية تعمل بالطاقة النووية. وفي أيلول/ سبتمبر، بدأ حملة من الضربات خارج نطاق القضاء على قوارب صغيرة في مياه الكاريبي، حيث قصف ما لا يقل عن ثلاثة عشر قاربا وقتل أكثر من سبعة وخمسين شخصًا – دون تقديم أي دليل على وجود صلات بتهريب المخدرات. بحلول منتصف تشرين الأول/ أكتوبر، نشرت الولايات المتحدة أكثر من أربعة آلاف جندي قبالة سواحل فنزويلا وخمسة آلاف على أهبة الاستعداد في بورتوريكو (بما في ذلك طائرات مقاتلة من طراز إف-35 وطائرات بدون طيار من طراز إم كيو-9 ريبر)، وأجازت عمليات سرية داخل البلاد، كما نفذت “مهمات استعراضية” بقاذفات بي-52 فوق كاراكاس. وفي أواخر تشرين الأول/ أكتوبر، نُشرت مجموعة حاملة الطائرات الهجومية “يو إس إس جيرالد آر فورد” في المنطقة. في غضون ذلك، قامت حكومة فنزويلا بتعبئة السكان للدفاع عن البلاد.

خمسة سيناريوهات للتدخل الأمريكي
السيناريو رقم 1: خيار الأخ سام. في عام 1964، نشرت الولايات المتحدة عدة سفن حربية قبالة سواحل البرازيل. وشجّع وجودها الجنرال هومبرتو دي ألينكار كاستيلو برانكو، رئيس هيئة الأركان العامة للجيش، وحلفاءه على القيام بانقلاب أدى إلى ديكتاتورية استمرت واحدًا وعشرين عامًا. لكن فنزويلا أرض مختلفة. ففي فترة ولايته الأولى، عزز شافيز التربية السياسية في الأكاديميات العسكرية ورسّخ تدريب الضباط في الدفاع عن دستور عام 1999. لذا من غير المرجح أن تظهر شخصية مثل كاستيلو برانكو لإنقاذ الموقف لواشنطن.
السيناريو رقم 2: خيار بنما. في عام 1989، قصفت الولايات المتحدة مدينة بنما وأرسلت قوات عمليات خاصة لإلقاء القبض على مانويل نورييغا، القائد العسكري لبنما، واقتياده إلى سجن أمريكي بينما تولى السياسيون المدعومون من الولايات المتحدة زمام الأمور في البلاد. سيكون من الصعب تكرار مثل هذه العملية في فنزويلا: فجيشها أقوى بكثير، ومدرب على النزاعات الطويلة الأمد وغير متكافئة، وتفتخر البلاد بأنظمة دفاع جوي متطورة (لا سيما أنظمة أرض-جو “S-300VM” و “Buk-M2E” الروسية). أي حملة جوية أمريكية ستواجه دفاعًا مستمرًا، مما يطرح احتمال إسقاط طائرات – وهو ما يمثل خسارة كبرى لماء الوجه – أمرًا من غير المرجح أن تخاطر به واشنطن.
السيناريو رقم 3: خيار العراق. حملة قصف على غرار “الصدمة والترويع” ضد كاراكاس ومدن أخرى لزعزعة السكان وتثبيط معنويات الدولة والجيش، تليها محاولات لاغتيال القيادات الفنزويلية العليا والاستيلاء على البنية التحتية الرئيسية. بعد مثل هذا العدوان، من المرجح أن تعلن الحائزة على جائزة نوبل للسلام، ماتشادو، استعدادها لتولي المسؤولية ومواءمة فنزويلا بشكل وثيق مع الولايات المتحدة. قصور هذه المناورة هو أن القيادة البوليفارية عميقة الجذور: فجذور الدفاع عن المشروع البوليفاري تمتد عبر أحياء الطبقة العاملة، ولن تُثبط معنويات الجيش على الفور – على عكس ما حدث في العراق. وكما أشار مؤخرًا وزير داخلية فنزويلا، ديوسدادو كابيلو، “يمكن لأي شخص يريد أن يتذكر فيتنام … عندما تمكن شعب صغير ولكنه متحد وذو إرادة حديدية من تلقين الإمبريالية الأمريكية درسًا”.

السيناريو رقم 4: خيار خليج تونكين. في عام 1964، صعدت الولايات المتحدة تدخلها العسكري في حرب فيتنام بعد حادثة تم تقديمها على أنها هجوم غير مبرر على مدمرات أمريكية قبالة سواحل البلاد. كشفت تصريحات لاحقة أن وكالة الأمن القومي (NSA) لفّقت معلومات استخباراتية لاختلاق ذريعة للتصعيد. تدّعي الولايات المتحدة الآن أنها تجري “تدريبات” بحرية وجوية بالقرب من المياه الإقليمية والمجال الجوي لفنزويلا. وفي 26 تشرين الأول/ أكتوبر، قالت الحكومة الفنزويلية إنها تلقت معلومات حول خطة سرية لوكالة المخابرات المركزية لشن هجوم تحت راية كاذبة على سفن أمريكية بالقرب من ترينيداد وتوباغو لاستدرار رد أمريكي. وحذرت السلطات الفنزويلية من المناورات الأمريكية وقالت إنها لن تستسلم للاستفزازات أو التخويف.
السيناريو رقم 5: خيار قاسم سليماني. في كانون الثاني/ يناير 2020، قتلت غارة بطائرة بدون طيار أمريكية بأمر من ترامب اللواء قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني. كان سليماني من كبار المسؤولين في إيران ومسؤولاً عن استراتيجية دفاعها الإقليمية في العراق ولبنان وغزة وأفغانستان. في مقابلة مع برنامج “60 دقيقة”، قال القائم بالأعمال الأمريكي السابق في فنزويلا جيمس ستوري: “الأدوات موجودة للقيام بكل شيء، بما في ذلك قطع رأس الحكومة” – وهو بيان واضح عن نية اغتيال الرئيس. بعد وفاة الرئيس هوغو شافيز في عام 2013، توقع المسؤولون الأمريكيون أن ينهار المشروع. لقد مر الآن اثنا عشر عامًا، ولا تزال فنزويلا تواصل السير على الطريق الذي رسمه شافيز، وتطور نموذجها المجتمعي الذي لا يقتصر صموده على القيادة الجماعية للثورة بل أيضًا على التنظيم الشعبي القوي. لم يكن المشروع البوليفاري قط عرضًا لرجل واحد.
من غير المرجح أن تسمح الصين وروسيا بضربة على فنزويلا دون الضغط من أجل قرارات فورية من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وكلاهما يعملان بشكل روتيني في منطقة البحر الكاريبي، بما في ذلك إجراء تدريبات مشتركة مع كوبا ومهام عالمية مثل “مهمة الانسجام الصينية 2025”.

نأمل ألا يتحقق أي من هذه السيناريوهات وأن تسحب الولايات المتحدة خياراتها العسكرية من على الطاولة. لكن الأمل وحده لا يكفي – يجب علينا العمل على توسيع معسكر السلام.

