مدار: 01 تموز/ يوليو 2021
بعد أن أثار اعتقاله، يوم الجمعة 22 مايو/ أيار من العام الماضي، جدلا حقوقيا وإعلاميا آخر في المغرب، يدخل الصحافي سليمان الريسوني، رئيس تحرير جريدة “أخبار اليوم” المتوقفة عن الصدور، والذي عرف بمقالاته الافتتاحية المنتقدة للتوجهات الرسمية في المملكة المغربية، (يدخل) يومه الخامس والثمانين (85) من إضرابه عن الطعام، الذي يخوضه احتجاجا على استمرار حبسه احتياطيا لمدة تفوق السنة بتهمة يعتبرها “ملفقة”، وهي “هتك العرض بالعنف والاحتجاز” في حق شاب مغربي مثلي.
ويضع هذا الإضراب حياة الصحافي على المحك وفق حقوقيين مغاربة، ويذكر بوفاة الناشطة اليسارية المعارضة سعيدة المنبهي في السجن بعد إضراب مماثل؛ في حين أكدت مندوبية السجون المغربية (رسمية) غير ما مرة أن وضعه الصحي لا يدعو للقلق، قبل أن تمنع محاميه محمد المسعودي من زيارته بسبب وضعه الصحي، في ما اعتبره كثيرون تناقضا صارخا.
وكان رئيس التحرير السابق للجريدة ذاتها، توفيق بوعشرين، توبع بتهم جنسية هو الآخر، وحوكم وأدين بـ 15 سنة سجنا نافذا بتهمة “الاتجار بالبشر”. كما أن الصحافي الآخر عمر الراضي، الذي عرف بتحقيقاته المزعجة للسلطات، تعرض للتوقيف عدة مرات إلى حدود اعتقاله الأخير احتياطيا أيضا، الذي دام لمدة تقارب السنة، وبتهمة جنسية أيضا، وهي “الاغتصاب”؛ في حين ينفي عنه التهم، ويقر بإقامة علاقة جنسية رضائية مع المدعية، بينما ذكر أن التحقيق معه واعتقاله له علاقة بتقرير لمنظمة العفو الدولية يتهم المغرب بالتجسس عليه ببرمجية “إن إس أو” توفرها شركة بيغاسوس الإسرائيلية، ويتابع إلى جانبه في ملف “الإغتصاب”، الصحفي عماد استيتو بتهمة “المشاركة”.
وبالإضافة إلى التهمة الجنسية، يتابع القضاء المغربي الصحافي والناشط الحقوقي عمر الراضي في قضية تهم “تلقي أموال من جهات أجنبية بغاية المس بسلامة الدولة الداخلية، ومباشرة اتصالات مع عملاء دولة أجنبية، بغاية الإضرار بالوضع الدبلوماسي للمغرب”.
وكان وسم “أنقذوا حياة عمر وسليمان” انتشر على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي بالمغرب، بعد أن قرر الصحافيان عمر وسليمان الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام، احتجاجا على رفض القضاء المستمر الاستجابة لطلب السراح المؤقت، “لعدم وجود ما يبرر استمرار سجنهما”، حسب عائلتيهما. وبينما أوقف الراضي إضرابه بسبب مضاعفات صحية، استمر فيه الريسوني إلى حدود اليوم، إذ دخل في اليوم 85، بالتزامن مع إطلاق رواد مواقع التواصل الاجتماعي حملة تضامن واسعة معه، بعد أنباء عن تدهور حالته الصحية، من خلال هاشتاغ “سليمان_يقتل و”أنقذوا_سليمان_الريسوني”.
وكانت عائلة الصحافي المغربي سليمان الريسوني حذرت من كونه صار “على شفا الموت”، بينما غاب مجددا عن جلسة محاكمته الثلاثاء الماضي، وهي المحاكمة التي لم تبدأ إلا في شباط/فبراير؛ وقالت زوجته، خلود المختاري، في تصريح لوسائل الإعلام، إن محاميه التقوه “وكان عاجزا ومتعبًا جدًا”، مضيفة: “إنه على شفا الموت”، وزادت أنه نُقل إلى المستشفى مرتين نهاية الأسبوع “بعدما فقد وعيه”.
وفي وقت أوردت مندوبية السجون أن الصحافي المضرب “رفض” الحضور إلى جلسة المحاكمة، أكد محاموه أنه “مستعد للحضور شريطة نقله في سيارة إسعاف وتمكينه من كرسي متحرك”.
وكان اعتقال الريسوني خلف موجة تنديد، بسبب طريقته، إذ تم توقيفه أمام منزله بدل استدعائه، وجرى الأمر اعتمادا على “تدوينة” في “فيسبوك” يتهم صاحبها الصحافي بالاعتداء عليه جنسيا في منزله.
وفي سياق متصل، تم توقيف الناشط الحقوقي نور الدين العواج، بعد مشاركته في وقفة احتجاجية تزامنا مع محاكمة الصحافيين عمر الراضي وسليمان الريسوني وعماد استيتو، منتصف يونيو/ حزيران الجاري، وتوبع في حالة اعتقال بتهمة: “إهانة المؤسسات الدستورية، وإهانة هيئات منظمة، والتحريض على ارتكاب جناية”.
وأعلنت “اللجنة المحلية بالدار البيضاء من أجل حرية عمر الراضي وكافة معتقلي الرأي وحرية التعبير”، و”هيئة مساندة الريسوني والراضي ومنجب”، تنظيم وقفة تضامنية مع الناشط نور الدين العواج، اليوم الخميس أمام المحكمة بالدار البيضاء، بالتزامن مع بدء محاكمته.
ونادت الهيئتان، في بيان مشترك، بتنظيم الشكل الاحتجاجي للمطالبة بإطلاق سراح العواج فورا، ومتابعته في حالة سراح، وكذا للتعبير عن القلق بعدما وصل المعتقل إلى 12 يوما من الإضراب عن الطعام.
يذكر أيضا في سياق ذي صلة أن السلطات المغربية منعت المحامي البلجيكي كريستوف مارشان، حسب بيان صادر عن شركة المحاماة JusCogens ببروكسل، من دخول المغرب، وأمرت بإعادته من حيث أتى.
وكان المحامي مارشان جاء إلى المغرب من أجل حضور جلسة محاكمة الصحافي عمر الراضي، التي عقدت في 29 يونيو/ حزيران 2021 بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء.
ووجه المحامي نداءً عاجلاً إلى المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني باستقلال القضاة والمحامين لدعوة المغرب للسماح له بالدخول وممارسة عمله الذي جاء من أجله، وفق المصدر ذاته.
في المقابل ذكر بلاغ للمندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، أمس الثلاثاء، أن “قدوم المواطن البلجيكي المعني بقرار المنع من دخول التراب الوطني، والمعروف بمواقفه العدائية تجاه المغرب، خاصة المس بوحدته الترابية، ما هو إلا محاولة منه لاستغلال التواجد بالمغرب للتشويش على قضية معروضة على المحكمة”، حسب التعبير الوارد فيه.