مدار: 09 مارس/ آذار 2022
في يومهن الأممي، يحيّي موقع “مدار” النساء المضطهدات عبر العالم، وكافة أشكال التضامن مع قضاياهن العادلة، ويسلط الضوء في هذا المقال على بعض من هذه الأشكال التي تخص المرأة في المنطقة العربية والمغاربية، التي تعاني من اضطهاد متعدد الأوجه، بدءا من هيمنة الدولة بشكلها الرجعي التبعي للرأسمال الأجنبي، وصولا إلى نظام البطرياركا الذكوري مع تغلغل الموروثين الاجتماعي والديني.
ونستهل التقرير من البلاد التي تحتضن أكثر النساء اضطهادا عبر العالم؛ إنها فلسطين، حيث تعاني المرأة، إلى جانب ما سبق ذكره، من اضطهاد الأبارتهايد الصهيوني، الذي يستبيح الدم والأرض والإنسان الفلسطيني عامة، أمام مرأى كافة دول العالم.
وفي هذا الصدد، قالت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إنها تحتفل بيوم المرأة العالمي “الذي تكرّس بالنضال والكفاح الاجتماعي – الطبقي الذي جسدته المرأة، في وجه كل أشكال الاستغلال والاضطهاد والقهر والاستلاب الذي مورس بحقها”، معرجة على الواقع الخاص الذي يعيشه الشعب الفلسطيني، الذي “يجعل الاحتفاء بهذا اليوم مختلفًا عنه في سائر بقاع الأرض، من حيث هو احتفاء بالمرأة المناضلة التي ترفع لواء التحرّر الوطني من العدو الصهيوني من جهة، وترفع لواء المساواة والتحرّر الاجتماعي من جهةٍ أخرى”.
وأضافت الهيئة السياسية ذاتها، في بيان توصل به موقع “مدار”، أن “المرأة الفلسطينيّة، ومنذ بدء الغزوة الصهيونيّة على أرض فلسطين، وهي تتقدّم صفوف النضال الوطني الفلسطيني، ودفعت ومازالت تدفع ثمن واستحقاق هذا النضال في مختلف مراحله الكفاحيّة وانتفاضاته الشعبيّة، التي لم يكن آخرها مشاركتها المشهودة في الدفاع عن القدس وأحيائها المهدّدة بالاستيطان والمُصادرة، ومنها حي الشيخ جراح؛ وقدّمت على هذا الطريق الآلاف من الشهيدات والجريحات والمعتقلات اللواتي مازال العشرات منهن يرزحن في سجون الاحتلال، ويتعرّضن لظروفٍ ماديةٍ ونفسيةٍ قاسية؛ وإلى جانب ذلك فإنّها تتحمّل أعباء أسريّة ومعيشيّة جمّة، في ظل واقعٍ ترزح فيه قطاعات واسعة من شعبنا تحت وطأة الفقر والعوز والحاجة”.
ووجهت الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين، بهذه المناسبة، التحيّة إلى الاتحاد العام للمرأة الفلسطينيّة، الذي “رغم كل الظروف المجافية مازال يبذل جهودًا ويسعى إلى الدفاع عن مكانة المرأة وحقوقها”، كما توجّهت بتحيّةٍ خاصّة إلى اتحاد لجان المرأة الفلسطينيّة، “الذي اعتبره العدو الصهيوني منظمة إرهابيّة واعتقل قيادته في الضفة المحتلة، وزج بها في سجونه”، مشيرة إلى أن “الاتحاد سيبقى وعضواته مناضلات باسلات في كل مواقع تواجدهن، كما عهدهن شعبنا، متقدمات الصفوف في البذل والعطاء والتضحية؛ وطنيًا واجتماعيًا”.
ومن فلسطين إلى الخليج العربي، حيث ترزح المرأة العربية تحت أقسى أشكال القهر الاجتماعي مسربلة بلبوس ديني، وبالضبط من الكويت، حيث أوردت الحركة التقدمية الكويتية أن “ما تعانيه المرأة في ظل الاقتصاد الرأسمالي يفوق ما تعانيه بقية أفراد المجتمع من الذكور، فقط لكونها امرأة في مجتمعات ذكورية تراها أدنى شأناً وأقل استحقاقاً للحياة وأدنى أهلية للحقوق المدنية”.
وفي بيان لها بمناسبة “هذا اليوم المحدد عالمياً كيوم للمرأة”، أردفت الحركة ذاتها بأنه “يجب تحديد ومواجهة التحديات التي تواجهها المرأة في مجتمعنا بصفة خاصة، حيث تُعامل بدرجة أقل من المواطن الذكر، اجتماعياً، بل وحتى قانونياً… وبالتالي لا بد من النظر باهتمام صادق إلى قضايا المرأة المهمشة ومعاناتها المتمثلة في مجتمعنا بالمرأة المنتمية إلى طبقات مهمشة: المرأة البدون، والمرأة الوافدة، والمرأة القبلية والمرأة المنتمية إلى عوائل متزمتة والعاملة المنزلية”، مضيفة: “ويجب العمل للمطالبة بتغيير القوانين المسيئة والمهينة للمرأة، التي تسلب منها الحق في الحياة وتنتقص من كرامتها الإنسانية”.
وأكدت الهيئة التقدمية ذاتها على ضرورة “الحرص على حق المرأة في تقرير مصيرها، على سبيل المثال لا الحصر: حقها في الزواج والإنجاب أو الإجهاض والسكن والعمل، وحمايتها من كل ما من شأنه التعرض لحياتها: العنف المنزلي، والعنف المؤسسي والتعامل بجدية مع معاناتها من التحرش بجميع أشكاله سواء في أماكن العمل أو مختلف جوانب الحياة، والسعي الى زيادة وعي النساء بحقوقهن واستيعاب ما يمارسه النظام الاقتصادي الرأسمالي عليهن من تسليع وتشييء”.
وفي ختام بيانها دعت الحركة التقدمية الكويتية إلى “تضامن مجتمعي مسؤول مع المرأة وقضاياها، فقضايا المرأة ليست هامشية ومفتعلة، وليست تغريباً للمجتمع وإملاءات خارجية، بل إنها مستحقة تمس لب المجتمع والدولة، وإن الانتقاص المباشر والمستمر من المرأة ومحاولة فرض الوصاية عليها إنما هي أدوات لهدم المجتمعات لا لبنيانه”.
ومن أقصى الشمال الإفريقي، حيث لا تنفك الحركة النسائية المغربية المتنامية تؤكد على مطلب المساواة الفعلية بين النساء والرجال في الحقوق والواجبات، وتغيير “مدونة الأسرة” التي مازالت تضم بنودا تنتهك الحقوق الأساسية للمرأة، أصدر القطاع النسائي لحزب النهج الديمقراطي بيانا بمناسبة اليوم العالمي للنضال من أجل حقوق المرأة، دعا من خلاله إلى “النضال الوحدوي النسائي ضد هجوم النظام المخزني على معيشة الشعب المغربي وسحق قدرته الشرائية، ومن أجل تحقيق المساواة الفعلية بين الجنسين في جميع المجالات، مع الانخراط في نضالات العاملات والكادحات ودعم نضالات النساء القرويات”.
وأورد البيان ذاته أن يوم 8 مارس 2022 “يأتي في ظروف دولية تتميز على المستوى الدولي بتفاقم السياسة العدوانية للقوى الإمبريالية في الشرق الأوسط (فلسطين، اليمن…) وحديثا في أوكرانيا…. ما تنتج عنه مآس وكوارث إنسانية تتحمل النساء النصيب الأوفر منها”.
وأشارت الوثيقة ذاتها، التي توصل بها “مدار”، إلى أن النهج الديمقراطي يحيي اليوم العالمي للنضال من أجل حقوق النساء يوم الثامن من مارس 2022 تحت شعار “جميعا ضد هجمة النظام المخزني والرأسمالية المتوحشة، ومن أجل المساواة الفعلية”؛ وذلك “في ظروف تتميز من جهة بتجاهل النظام المخزني لمطالب الشعب المغربي، بل استمراره في الإجهاز على حقوقه والتراجع عن مكتسبات الطبقة العاملة بشكل خاص، وضرب القدرة الشرائية بسلسلة من الزيادات في الأسعار تروم التضييق على قوت الكادحين و الكادحات”.
كما أشار القطاع النسائي للحزب المغربي إلى أن “شعار “المساواة الفعلية” يبقى مطلبا ذا ملحاحية، يقبره نظام سياسي أصر في دستوره على اللامساواة بين الجنسين، وتضمنت التشريعات والقوانين المتفرعة عنه كل مظاهر التمييز في بنود القانون الجنائي، ومدونة الأسرة، ومدونة الشغل والقانون 103.13 المتعلق بمكافحة العنف ضد النساء”.
وأكد القطاع النسائي للنهج الديمقراطي، بالمناسبة ذاتها، أن “النساء في العالم يؤدين تكلفة السياسات الطبقية للإمبرياليات والأنظمة الرجعية التابعة لها بشكل عام، ويعانين من استغلال مكثف ومتعدد بشكل خاص”، مشددا على تضامنه مع “نضالات النساء العاملات والحركات الاحتجاجية الواسعة التي تخوضها وتقودها خاصة النساء في معظم مناطق المغرب من أجل حقوقهن المشروعة (الحق في الماء، السكن اللائق، الصحة، التعليم..)”؛ مع مطالبته الدولة بـ”تحمل مسؤوليتها في حماية النساء القرويات من تداعيات الجفاف الذي يعمق الفقر والبؤس الذي تعيشه البادية”، واعتزازه بـ”النضالات التي تخوضها النساء المغربيات الأستاذات والأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، ومربيات التعليم الأولي، وعلى رأسهن العاملات والكادحات ضد جشع الرأسمالية، والسياسات المخزنية”.
كما أعلن القطاع الحزبي ذاته تضامنه مع “أمهات وأخوات وزوجات المعتقلين السياسيين في محنتهن”، ومطالبته بالإفراج الفوري عن كافة معتقلي الرأي بالمغرب، إلى جانب تضامنه مع المرأة السودانية، مثمنا “ديناميتها النضالية التي تهدف إلى إسقاط نظام العسكر وتشييد دولة ديمقراطية علمانية”، كما جدد تضامنه “المبدئي والمطلق مع النساء الفلسطينيات والأسيرات وكافة النساء المضطهدات في العالم”.