صورة: DR
نيوفريم / مدار: الخميس 23 تشرين الأول/ أكتوبر 2020
رعب وتوجس دائم
في العام الماضي، قابلت هيومن رايتس ووتش 20 لاجئًا بورونديًا في أوغندا، عاد سبعة منهم إلى بوروندي، لكنهم فروا بعد ذلك إلى أوغندا من جديد هربًا من انتهاكات إمبونيراكوري.
وقال اللاجئون إن مغادرة تنزانيا جاءت نتيجة “تهديدات الحكومة بترحيلهم وإغلاق الأسواق وتدميرها، بالإضافة إلى القيود المفروضة على الأنشطة التجارية، والافتقار إلى الخدمات في المخيمات وتكبيل حرية التنقل”، كما أشاروا إلى مخاوف من الوقوع في “سلسلة من الاعتقالات وحالات الاختفاء والقتل التي أصبحت شائعة بالقرب من مخيمات اللاجئين”.
وقال مودج إن هيومن رايتس ووتش تلقت “معلومات موثوقة” عن تسلل إمبونيراكور إلى مخيمات اللاجئين، واسترسل: “لدينا أيضًا معلومات موثوقة تفيد بأن أولئك الذين اختفوا كانوا بالتأكيد مهددين قبل أن يختفوا”؛ لكنه أشار إلى أن هيومن رايتس ووتش ليست لديها معلومات كافية لتحديد كيف ولماذا يحدث هذا في المخيمات.
ويضيف بيير أنه “خائف” من عمليات الاختطاف المزعومة للاجئين، مستشهدا في ذلك باختفاء ما لا يقل عن خمسة لاجئين من مخيمات متنديلي خلال الأشهر الثلاثة الماضية، بالإضافة إلى اختفاء حوالي 100 من مخيمات نياروغوسو وندوتا.
وأفادت SOS Médias Burundi، وهي شبكة إعلامية بوروندية مستقلة، بأنه حتى يوليو/ تموز تم فقدان أثر 97 لاجئا من أصل 176 بورونديا يزعم أنهم اختطفوا من المخيمات العام الماضي. وفي حادثة وثقتها الشبكة في يوليو/ تموز، اختطفت مجموعة من الرجال المسلحين ستة لاجئين بورونديين من مخيم متنديلي حوالي الساعة الثانية صباحًا، وكانت من بين المختطفين عناصر ترتدي زي الشرطة التنزانية. لكن الشرطة أخبرت ممثلي اللاجئين لاحقًا بأن اللاجئين المفقودين ليسوا في حوزتهم.
يقول غيلي إن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على علم بحالات الاختفاء المبلغ عنها، وهي “قلقة للغاية”، كما أنها طلبت مرارا وتكرارا إجراء تحقيق وتقديم معلومات حول مكان وجود اللاجئين المحتجزين أو المفقودين، لكنها لم تتلق أي در رسمي من مسؤولي الحكومة التنزانية بشأن هذه المسألة، وفق تعبير غيلي.
تفاقم الوضع في ظل كوفيد-19
مع استشراء فيروس كورونا في البلاد في مارس/ آذار، أضيفت إلى الوضع القائم والمصاعب اليومية للاجئين طبقة أخرى من عدم اليقين.. تم تقييد حريتهم في التنقل بشكل أكبر، إذ تم إغلاق مدارس المخيمات وبرامج التدريب وجميع التجمعات لأكثر من عدد قليل من الناس. قالت أميرة: “كانت هناك الكثير من المخاوف حول كوفيد، لقد كان أمرا يؤثر عليهم عاطفيًا، فأضيف إلى سوء وضعهم خوف من المجهول الذي أصبح يحيط بهم من كل جهة”.
ويقول داودي، وهو عامل إغاثة آخر على الأرض في المخيمات، إنه خلال الأشهر العديدة الماضية كانت هناك زيادة ملحوظة في حالات اضطراب ما بعد الصدمة في المخيمات، بسبب إغلاق السوق والضغط المتزايد لفيروسCovid-19 .
وحسب أميرة، ازدادت أيضًا حالات العنف الجنسي والعنف المنزلي، معبرة عن ذلك بالقول: “ليست لديهم أي مشاركة أو مساهمة لكسب الرزق، وفوق كل ذلك ينخرهم الخوف من المرض، لذا يمكنك تخيل نوع التحديات العاطفية التي كانوا يواجهونها”.
وحتى الآن، لم تسجل أي حالة مؤكدة لـ Covid-19 في مخيمات اللاجئين، وعادت الحياة في تنزانيا إلى طبيعتها منذ ذلك الحين تزامنا مع انحسار الذعر الأولي للاجئين بشأن الفيروس. ومع ذلك، استمرت سياسات ماغوفولي بشأن Covid-19 في إثارة قلق عمال الإغاثة في المخيمات.
لم تصدر تنزانيا أي بيانات رسمية عن انتشار فيروس كورونا منذ مايو، كما أعلن ماجوفولي أن Covid-19 قد تمت إزالته من البلاد “بفضل الله”. في الوقت نفسه، ظهرت تقارير تزعم أن الحكومة كانت تتستر على المدى الحقيقي لتفشي المرض.
وتم استدعاء التنزانيين للاستجواب أو القبض عليهم لنشرهم معلومات تتعارض مع الرواية الرسمية للحكومة عن Covid-19، بينما تم تعليق أوراق اعتماد الصحافيين ووسائل الإعلام التي كانت لها سوابق الإبلاغ عن حالات الفيروس.
وقالت أميرة إن نقص المعلومات الرسمية عن فيروس كورونا يجعل من المستحيل على عمال الإغاثة وضع خطط شاملة في المخيمات، مضيفة في الآن نفسه: “لا نعرف ما إذا كانت لدينا حالات في منطقة كيغوما أم لا، وليست لدينا أي معرفة لمدى خطورة الوباء في البلاد أو ما هو مستوى الطوارئ الذي يجب أن نعمل فيه. ليست لدينا أي فكرة حقًا، لذلك نحن نعمل فقط انطلاقا من الافتراضات التي نضعها”.
عودة تشوبها علامات استفهام
تم تعليق عمليات إعادة اللاجئين البورونديين مؤقتًا بسبب جائحة كوفيد-19، وأيضا للتحضير للانتخابات الوطنية في بوروندي في مايو الماضي، التي أسفرت عن فوز إيفاريست نداييشيمي، الأمين العام لـ CNDD-FDD، وسط مزاعم واسعة حول الانتخابات التي واكبتها عمليات احتيال وعنف واسعة النطاق. وتوفي نكورونزيزا، الرئيس السابق بعد أيام قليلة من إعلان المحكمة الدستورية في بوروندي فوز نداييشيمي، ويشتبه معظمهم في أن كوفيد-19 هو سبب الوفاة.
وحسب داودي، قام مسؤولون حكوميون تنزانيون مؤخرًا بزيارة مخيمات اللاجئين الثلاثة لإبلاغ السكان بأن بلادهم أصبحت الآن آمنة للعودة إليها. لكن اللاجئين يخبرون “نيوفريم” قصة مختلفة تمامًا. قال كابورا، وهو لاجئ يبلغ من العمر 35 عامًا ويقيم في مخيم ندوتا: “لا يمكنني العودة إلى بوروندي، فمازال نظام CNDD-FDD موجودًا. لم يتغير شيء، حالات القتل وفقدان السجناء مازالت مستشرية بكثرة”.
يقول بيير إن الانتخابات كانت “مزورة”، وإنه يخشى العودة لأن لديه يقين بأن “العنف الذي تركه مازال قائما”، وهذا ما وافقه فيه مودج، بتأكيده أن مخاوف اللاجئين بشأن العودة إلى بوروندي “صحيحة تمامًا”، فحزب نداييشيمي يعتبر حزباً “متشدداً” وقد ارتكبت انتهاكات لحقوق الإنسان على مدار السنوات الخمس الماضية على أسس حزبية.
أوضح مودج: “إنهم يرون أن نداييشيمي هو رئيس الحزب الحاكم منذ مدة ليست بالقصيرة، لذا فهو يمثل جزءا لا يتجزأ من سلسلة القمع”، مضيفا: “العديد من اللاجئين الذين فروا من بوروندي منذ عام 2015 تم تصنيفهم إما في خانة المعارضة أو أنهم بحكم حقيقة مغادرتهم ينظر إليهم الآن على أنهم شخصيات معارضة، لهذا لا يشعر الكثيرون بأنهم سيكونون بأمان في حال عودتهم إلى ديارهم، لمجرد حدوث تغيير على المستوى الرئاسي”.
يقول غيلي إنه على الرغم من تحسن الوضع في بوروندي فإن: “التوترات السياسية والمخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان مازالت قائمة”، وبالتالي فإن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين لا تشجع عودة اللاجئين إلى بوروندي.
ولكن حتى في تنزانيا، مازالت المصاعب في المخيمات تزداد سوءًا، بينما مازال يتم الإبلاغ عن عمليات اختطاف واختفاء اللاجئين.
وقال بيير: “تريد تنزانيا خروج اللاجئين من البلاد، وسوف يفعلون ذلك بأي طريقة كانت”، مسترسلا: “الوضع ليس جيدًا هنا، تنزانيا لا تعامل اللاجئين بالطريقة التي تعامل بها البلدان الأخرى”.